«خليجيون»| كيف أثرت حرب غزة على العلاقات الإيرانية - الخليجية؟
على عكس حروب وصراعات سجلتها منطقة الشرق الأوسط على مدار أكثر من عقد، يرصد محللون تماسكا ملحوظا في العلاقات الخليجية-الإيرانية مع دخول العدوان الإسرائيلي على غزة يومه الثاني والثمانين.
ويقول المحلل المتخصص في السياسات الإيرانية علي رجب في تصريح إلى «خليجيون»: إن «العلاقات الخليجية الايرانية لم تتأثر كثيرا بالأحداث في غزة، ولم يحدث تدهور حاد يمكن ذكره»، مرجعا ذلك إلى ما وصفه «بحاجة إيران الماسة إلى الاستثمارات الخليجية في وقت يشهد فيه الاقتصاد الإيراني تداعيات كبيرة».
أميركا والحوثي
مع دخول قوات الحوثي على خط الصراع في حرب غزة، اتهمت الولايات المتحدة ودولة الاحتلال إيران بتأجيج الصراع في المنطقة العربية من خلال أذرعها المسلحة وهددت باستهداف إيران في حالة خروج الأمور عن السيطرة في غزة والبحر الأحمر، وهو مايراه الباحث في الشأن الإيراني «سببا إضافية لتقارب طهران مع دول الخليج لتفويت الفرصة على التهديدات الأميركية الإسرائيلية».
منذ وقت مبكر، دأبت دول مجلس التعاون على اتهام إيران بالتدخل في شؤنها الداخلية من خلال أذرعها المسلحة في اليمن، العراق، لبنان، سوريا، ما أدى إلى زعزعة الأمن والاستقرار في الإقليم. لكن يرى الباحث المتخصص في الشأن الإيراني على رجب «أن الطرفين مجبرين بحكم المصالح المشتركة والتغيرات في المنطقة على تغير طريقة التعاطي في الملفات الخطرة بالمنطقة».
سياسة إيرانية أكثر هدوءا مع دول الخليج
وفي مطلع مارس الماضي، التأمت المصالحة بين السعودية وإيران برعاية الصين وعلي أراضيها، تلك المصالحة جاءت بعد بذل جهودًا حثيثة لأطراف وسيطة كبري ومؤثرة عالميًا وإقليميًا، وكذلك الدبلوماسية النشطة التي انتهجتها مؤخرًا غالبية دول المنطقة، ورغبة الجانبين السعودي والإيراني في السعي نحو تحقيق الهدوء والاستقرار السياسي النسبي والنمو الاقتصادي المستد
ويتوقع رجب أن «تلتزم إيران بسياسة أكثر هدوءا مع دول الخليج حتى انتهاء أزمة غزة»، مرجحا أيضا أن تستمر طهران في سياسة التطبيع مع الخليج بعد انتهاء الأحداث نظرا للتكلفة العالية التي دفعتها الجمهورية الإسلامية من عداء الخليج، قائلا «السياسات الإيرانية القديمة أثبتت أنها غير مجدية».
ويزيد المحلل في الشأن الإيراني أن «تغير الخطاب الاعلامي الخليجي الإيراني المتبادل وتجنب التراشق بعد الاتفاقية السعودية الإيرانية دليل واضح على تغير جذري يمكن البناء عليه في علاقات أكثر تعاونا وقوة سوف تغير شكل المنطقة»، متوقعا أن «تتجنب دول الخليج الدخول في صدامات مع ذرع ايران المسلحة في المنطقة لأن الحوثي قد يستهدف منشآت نفطية سعودية»، وفق الباحث في الشأن الإيراني.
ويمتد النزاع الخليجي- الإيراني، للعقد الخامس من القرن الماضي، واحتدم الصراع بعد سقوط نظام الشاه وانتصار الثورة الإيرانية وتبني القيادة الجديدة مبدأ تصدير الثورة، ما تسبب في تصاعد التوتر عبر الخليج، ولاسيما السعودية في ظل التنافس بين الجانبين على زعامة الإقليم.
رؤية عمرو موسى للعلاقات الخليجية-الإيرانية
لكن يبدو أن الخلافات القديمة بين طهران ودول التعاون «في طريقها للتبدل إلى علاقات أكثر هدوءا ومواربة وعقلانية تراعي مصالح الدولتين» وفق الدكتور عمرو هشام ربيع نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في تصريح إلى «خليجيون»، وزاد بالقول إن «العرب ودول الخليج تحديدا باستثناء سلطنة عمان خسروا كثيرا في إدارة الخلاف والعلاقات مع إيران»، مؤكدا أن «السياسة العربية اتخذت إيران عدوا على طول الخط ولم تتوقف للتفاوض والمراجعة».
تاريخيا، تنوعت الملفات الخلافية بين الجانبين، وفي مقدمتها الخلاف بين السعودية والكويت من جهة وبين إيران من جهة أخري حول حقل الدرة الغازي والذي تدعي إيران بأن الحقل ملكية مشتركة، ثم الخلاف الإماراتي- الإيراني حول الجزر الثلاث في الخليج والتي احتلتها إيران، بجانب الخلاف بين إيران والبحرين وإدعاءات السيادة منذ عهد الشاه وصولًا للتصريحات الصادرة عن مجلس الشورى الإيراني في عدة مناسبات.
هذه الملفات الخلافية التي يراها المحلل السياسي في حديثه لـ خليجيون» كان يمكن طرحها على مائدة التفاوض قائلا «لو أنفق العرب على ترويض إيران ربع ما أنفقوه على عداء إيران لتغيرت المعادلة»، واستطرد أن «دول الخليج جانبها الصواب حين لم تستمع لرؤية عمرو موسي أمين عام جامعة الدول العربية السابق حينما قال (استثمروا إيران وروضوها بدلا من معاداتها)».
ودلل الخبير السياسي على تحول العلاقات بين الطرفين بالتهدئة بين السعودية وإيران في ملف اليمن وتوقف هجمات الحوثي على منشآت سعودية وفي المقابل توقف الطيران السعودي عن قصف قواعد جماعة الحوثي.
أسيرة الضغوط الأميركية
في المقابل، فإن علاقات واشنطن ومجلس التعاون تطل برأسها حال الحديث عن تقارب دول المجلس مع طهران.
بدأت العلاقة الأميركية مع السعودية بلقاء الملك عبد العزيز المؤسس مع الرئيس روزفلت على متن المدمرة الأميركية كوينسي في قناة السويس عام 1945، واكتسبت العلاقة أهمية بعد اكتشاف الطاقة (نفط وغاز) المحرك الرئيسي لاقتصاد العالم، ثم تعمقت العلاقاتبعد انسحاب بريطانيا من الخليج العربي عام 1971، واتفاق غير مكتوب عن «الحماية مقابل النفط»، وفق مقال نشره الكاتب عبد الله خليفة الشايجي، في صحيفة «الشرق» القطرية.
وإذ يرى الباحث في مركز الأهرام للدراسات السيباسية والاستراتيجية أن «دول الخليج وقعت أسيرة للضغوط الأميركية في شيطنة إيران واتخاذها كفزاعة وحجة لبيع الأسلحة»، فإنه تساءل «كيف يحافظ الخليج على مصالح دولة تبعد 10 آلاف كيلو متر من الخليج (الولايات المتحدة) على حساب العداء مع دولة جارة (إيران)؟»، مختتما «لو استمرت السياسة الإيرانية الهادئة سوف تتحول العلاقات من العداء والترصد إلى التعاون والبناء».
اقرأ المزيد:
آخرها «الحارس الأميركي».. هل يعكر تباين المواقف صفو «المياه الخليجية»؟