مشاورات فلسطينية لتشكيل حكومة وحدة وطنية في غزة
بدأت فصائل المقاومة الفلسطينية مشاورات لتشكيل حكومة وحدة وطنية في قطاع غزة بعد انتهاء العدوان على غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي، وفق مصدرين من حركتي حماس والجهاد.
وفي حين يزعم الاحتلال الإسرائيلي أن حركة حماس لن يكون لها دور سياسي بعد الحرب، إلا أن الحركة قالت إنها اتفقت مع فصائل فلسطينية أخرى على «حل وطني» يقوم على تشكيل حكومة وحدة، مؤكدة على وقف الحرب على غزة قبل أي تبادل للمحتجزين مع إسرائيل. وأضافت حماس أن الفصائل الفلسطينية، التي تشمل أيضا حركة الجهاد والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديمقراطية، عبّرت عن رفضها للسيناريوهات الإسرائيلية والغربية لما بعد الحرب في غزة.
وينتظر اليوم الجمعة وصول وفد من حماس إلى القاهرة لمناقشة خطة مصرية تشمل ثلاث مراحل تنص على هدن قابلة للتمديد والإفراج التدريجي عن عشرات المجتجزين لدى حماس في مقابل إطلاق فلسطينيين تأسرهم إسرائيل، ما يؤدي في نهاية المطاف إلى التوصل لوقف الحرب التي اندلعت في 7 أكتوبر، وفق وكالة فرانس برس.
بدوره، أشار هيثم أبو الغزلان أمين سر العلاقات في حركة الجهاد الإسلامي لوكالة أنباء العالم العربي إلى «اتفاق على تشكيل حكومة متوافق عليها فلسطينيا، وستكون حكومة انتقالية وحكومة تكنوقراط تتولى مسؤولية إعادة إعمار غزة في مرحلة ما بعد الحرب».
الجهاد: لا مشاورات مع السلطة الفلسطينية
وعن التشاور مع السلطة الفلسطينية بشأن تشكيل الحكومة المزمعة في غزة، قال أبو الغزلان «حتى الآن، لم تجر أي مشاورات مع السلطة، لأنها هي التي كان من المفترض أن تقوم بهذا الدور منذ أكثر من 80 يوما من الحرب ولم تفعل».
غير أنه أكد في الوقت نفسه على أن «هناك جهودا فلسطينية تبذل لمشاورة حركة فتح بخصوص هذا التصور الجديد»، معبرا عن أمله بأن تكون فتح «جزءا من هذه المرحلة الجديدة التي تخدم شعبنا وتخدم أهل غزة».
ولم تبدأ المشاورات مع حركة فتح حتى هذه اللحظة بشأن الحكومة المقترحة، وفق القيادي بحركة الجهاد، مشيرا «الموضوع لا يزال قيد المناقشة، وحتى السلطة الفلسطينية سيتم مناقشتها على الأقل حتى تعطي رأيها في هذا المجال».
وتابع «هناك اجتماعات على مدار الساعة لإنجاز تصور لهذه الحكومة وإعطاء المصريين ردا موحدا من الفصائل الفلسطينية أو من معظمها على الأقل على ما قدموه في مقترحهم لوقف إطلاق النار مؤخرا».
كشفت وثيقة مؤخرا تفاصيل المقترح المصري المحدث للوصول إلى وقف شامل لإطلاق النار بعد تطبيق خطة من ثلاث مراحل، تتضمن أولاها هدنة إنسانية مدتها عشرة أيام تفرج حماس خلالها عن كافة المدنيين المحتجزين لديها من الأطفال والنساء وكبار السن مقابل إفراج إسرائيل عن عدد مناسب يتم الاتفاق عليه من المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
أما المرحلة الثانية، فتشمل الإفراج عن كافة المجندات المحتجزات لدى حماس مقابل إفراج إسرائيل عن عدد من الأسرى الفلسطينيين يتفق عليه الجانبان، بحسب الوثيقة. وذكرت أيضا أن المرحلة الثالثة تتضمن التفاوض لمدة شهر حول إفراج حركة حماس عن كافة الجنود المحتجزين لديها مقابل إفراج إسرائيل عن عدد يتم الاتفاق عليه من الأسرى الفلسطينيين.
مصر لم تتلق ردا بشأن الهدنة
وقال الدكتور ضياء رشوان، رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، إن مصر طرحت إطارا لمقترح لمحاولة تقريب وجهات النظر بين الأطراف المعنية سعيا لوقف العدوان على غزة، وإعادة الاستقرار للمنطقة. وأوضح رشوان خلال مداخلة هاتفية عبر قناة «القاهرة الإخبارية»، مساء الخميس، أن إطار المقترح الذي تقدمه مصر جاء بعد المناقشة مع عدد من الأطراف، منوها بأن مصر لم تتلق ردود رسمية بشأن هذا المقترح حتى الآن، منوها بأن مصر تهدف إلى وقف إطلاق النار في قطاع غزة.
من جهته، أوضح عضو مجلس النواب المصري مصطفى بكري لوكالة أنباء العالم العربي أمس أنه جرى تعديل مقترح بلاده بشأن إنهاء الحرب في غزة والتخلي عن بند تشكيل «حكومة تكنوقراط» في القطاع بعد الحرب، بناء على رغبة السلطة الفلسطينية. وأضاف بكري «المقترح كان يتضمن تشكيل حكومة تكنوقراط فلسطينية تدير الأمور في غزة بعد الحرب، ولكن كانت هناك اعتراضات عديدة على هذا الأمر، من بينها اعتراضات من السلطة الفلسطينية، باعتبار أن القيادة الفلسطينية هي المسؤولة عن تعيين الحكومة».
وعن موقف حركة الجهاد من المقترح المصري، قال أبو الغزلان في حواره مع وكالة أنباء العالم العربي «بالمبدأ نرحب بأي جهد مبذولة من أجل وقف العدوان على شعبنا». لكنه استطرد قائلا «لا نريد أن تعلق حركة الجهاد منفردة على المقترح المصري، ولا حركة حماس منفردة، لكن نريد ردا فلسطينيا أو على الأقل ردا من معظم الفصائل الفلسطينية في ورقة مشتركة على ورقة المبادئ والتصورات التي قدمتها مصر».
وتتزامن هذه المشاورات مع تواصل قصف قوات الاحتلال الإسرائيلي برا وبحرا وجوا، على مناطق متفرقة من قطــاع غزة، لليوم الـ84 على التوالي. واستشهد وأصيب، صباح اليوم الجمعة، عشرات الفلسطينيين، جراء تجدد قصف الاحتلال الإسرائيلي، لعدة مناطق وسط وجنوب قطاع غزة. وقالت مصادر طبية إن 20 فلسطينيا استشهدوا جراء قصف طائرات الاحتلال ومدفعيته عدة منازل في مخيم النصيرات وسط القطاع. وأضافت المصادر ذاتها، أن هناك عشرات المفقودين ما زالوا تحت انقاض المنازل التي استهدفتها قوات الاحتلال.
وفي حصيلة غير نهائية، ارتفعت حصيلة العدوان الإسرائيلي المستمر على غزة برا وبحرا وجوا منذ السابع من أكتوبر الماضي، إلى أكثر من 21 ألف شهيد، ونحو 55 ألف مصاب، إضافة إلى آلاف المفقودين، غالبيتهم من الأطفال والنساء.
غزة تقترب من مواجهة مجاعة حقيقية
بدوره، حذر كاظم أبو خلف، المتحدث باسم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، من أن قطاع غزة يقترب من مواجهة مجاعة حقيقية، وقال إن الأوضاع الإنسانية تنتقل من سيء إلى أسوأ ولن ينقذ القطاع سوى وقف إطلاق النار. وفي حوار أجرته معه وكالة أنباء العالم العربي (AWP)، قال أبو خلف «الوضع بوجه عام في قطاع غزة في غاية السوء، وينذر بالخطر الشديد، وكأن مراحل الخطر لا تنتهي.. .كل مرحلة جديدة أسوأ من سابقتها».
وأوضح «معدل ما يصل من شاحنات تحمل مساعدات إنسانية عبر معبري رفح وكرم أبو سالم هو 60 شاحنة في اليوم، وهذا أمر معيب ومشين، خصوصا إذا علمنا أن ما كان يدخل إلى قطاع غزة قبل السابع من أكتوبر حوالي 500-600 شاحنة في اليوم». وأضاف «وهذا يعني لنا كمؤسسة تعمل في المجال الإنساني الإغاثي أن عملية التلاعب بمسألة المساعدات هذه، ومياه الشرب والطعام، ومسألة التجويع، لا تزال تستخدم كأداة من أدوات الحرب، هكذا نحن نفسرها».
وكانت وكالة الأونروا اتهمت إسرائيل في منشور عبر منصة (إكس) يوم الخميس بالتسبب في التهجير القسري لأكثر من 150 ألف شخص من غزة بعدما أصدرت أمرا بإخلاء منطقة وسط غزة، مشيرة أن هؤلاء المهجرين قسريا بينهم أطفال صغار ونساء يحملن أطفالا وأشخاص معاقون وكبار سن، وليس لديهم مكان يذهبون إليه. وكان مجلس الأمن الدولي تبنى قرارا الجمعة بشأن زيادة المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة وتوسيعها، ودعا القرار جميع الأطراف إلى إتاحة وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية داخل غزة من دون عوائق. وقال أبو خلف «نقترب من مواجهة مجاعة حقيقية، وهذه مسألة غاية في الجدية وغاية في الخطورة، ولن ينقذ قطاع غزة إلا وقف إطلاق النار».
اقرأ أيضا:
بدعوة كويتية.. البرلمان العربي يطالب بقطع النفط ورفض التطبيع
قابلة للتعديل.. مصر تنتظر ردود الاحتلال وحماس على خطة «وقف الدم»