«خليجيون» خاص| رسالة «حميدتي».. هل اقتربت نهاية الحرب السودانية؟
بشكل مفاجئ، أعاد قائد «قوات الدعم السريع» في السودان محمد حمدان دقلو (حميدتي)، خلط الأوراق، ورفع مؤشر التفاؤل بشأن التواصل إلى حل سياسي، بعدما خرج في خطاب صباح اليوم الإثنين للإعلان عن قرب انتهاء الحرب.
وخلال الأيام الماضية شهد الملف السوداني ارتباكًا كبيرًا، في ظل التقدم خطوة للأمام والعودة مرة أخرى، مع تعثر عقد لقاء بين طرفي الصراع، خاصة بعد بيان لوزارة الخارجية السودانية هاجم قائد الدعم السريع، قبل أن تستدرك وزارة خارجية جيبوتي التي ترأس الدورة الحالية لـ«إيغاد» الموقف في بيان ترك الباب مفتوحًا على احتمالية عقد اللقاء.
خرج بزي مدني.. «حميدتي» يحرّك المياه الراكدة
لكن خروج «حميدتي» في بيان مصور اليوم الاثنين بزيٍّ مدني، متخليًا عن زيه العسكري التقليدي الذي اعتاد الظهور به، ليقول إن الحرب ستنتهي «قريباً»، نافيا تورط منتسبين لقواته في انتهاكات بولاية الجزيرة، يعطي مؤشرًا على أن المياه تحركت باتجاه الوصول إلى اتفاق قريب.
ورغم ذلك، فإن قائد «قوات الدعم السريع» دعا الجيش السوداني إلى ضرورة «الإقرار علنًا بأنه خسر الحرب» والتوقف عن القتال تمهيدًا لإنهاء الحرب وبدء عملية سياسية، يجرى بناؤها على أساس الحكم المدني، قائلاً: «يجب أن يكون التحول في السودان ديمقراطيًا مستداماً، ولا نريد تكرار أخطاء الماضي».
خطابي للشعب السوداني بمناسبة الذكرى الثامنة والستون لاستقلال السودان pic.twitter.com/ysgMT20poY
— Mohamed Hamdan Daglo (@GeneralDagllo) January 1، 2024
«حميدتي»: «الدعم السريع» ليست بديلة للجيش السوداني
وقال «حميدتي» إن «قوات الدعم السريع» لا تنوي أن تكون البديل للجيش السوداني ولا ترغب في ذلك و«نريد تأسيس جيش جديد ومهني» يخضع للرقابة المدنية، داعيًا القوى المدنية الديمقراطية السودانية إلى اتخاذ خطوات جدية لبدء حوار ينهي الحرب وتشكيل حكومة جديدة.
وتحدث أيضًا عن الرغبة في «بناء نظام سياسي جديد في السودان يحقق السلام ويعالج الأسباب الجذرية للحروب»، والسعي نحو «التغيير واحترام إرادة الشعب وليس الوصول للسلطة بالقوة».
الوصول للسلطة لن يكون بالقوة، بحسب «حميدتي»، يشير إلى أن ثمة تغييرًا جذريًا في التوجهات إزاء الحرب الجارية، بحسب مراقبين، يعتقدون أن المبادرات الأخيرة قد تكون وضعت إطارًا لخروج آمن من دوامة الحرب.
ومن المقرر أن يلتقي قائد «قوات الدعم السريع» بوفد من تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية في السودان (تقدم) بقيادة رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك في إثيوبيا اليوم الاثنين.
وأول أمس السبت، أبلغ «حميدتي» الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر غيلة، (رئيس الهيئة الحكومية للتنمية «إيغاد») استعداده «غير المشروط للتفاوض من أجل تحقيق السلام العادل والشامل في السودان».
البرهان يحدد شرط وقف الحرب
وأمس الأحد، قال قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان في خطاب بثّه التلفزيون، إن القوات المسلّحة تدعم التفاوض ووقف الحرب المستمرة منذ ثمانية أشهر ونصف الشهر، وتؤيد دعوات إنهاء الصراع، محددًا طريقًا واحدًا لوقف الحرب وهي خروج قوات «الدعم السريع» من ولاية الجزيرة وبقية مدن السودان.
الحسيني: فرصة التوصل لحل دائم تحتاج إلى ضغوط دولية وإقليمية على الطرفين، لبدء مفاوضات سلام جادة
الدكتورة أسماء الحسيني، الخبيرة في الشؤون الأفريقية، تعتقد أن ظهور «حميدتي» ربما يعزز التوصل إلى اتفاق لوقف الحرب، لكن فرصة التوصل لحل دائم تحتاج إلى ضغوط دولية وإقليمية على الطرفين، لبدء مفاوضات سلام جادة.
رغم الآمال الواسعة، لكن الحسيني تقول في تصريحات لـ«خليجيون» إن الأمور «شديدة التعقيد والتشابك»، باعتبار أن اللقاء «لن يكون حاسمًا في حل الأزمة في ظل سيطرة كل طرف على معسكره بالكامل»، في ظل غموض بشأن مدى توافر الإرادة وجدية الأطراف المتداخلة في توجيه مسار الحرب نحو التهدئة والدخول في مفاوضات سلام.
وكان «حميدتي» عبّر قبل يومين عن التزام قواته بمخرجات قمة «إيغاد» التي انعقدت في التاسع من ديسمبر، وأقرت خارطة طريق من 6 نقاط، تبدأ بلقاء مباشر بين حميدتي والبرهان، وتتضمن ترتيبات أمنية وسياسية أخرى.
نشر قوات إفريقية
واحدة من تلك الترتيبات نشر قوات إفريقية لحراسة المؤسسات الاستراتيجية في العاصمة الخرطوم، لكن الحسيني ترى أن «دخول أي قوات دون وقف حقيقي وجاد لإطلاق النار بضمانة دولية وإقليمية سيزداد الموقف صعوبة وستكون هذه القوات طرفًا في الأزمة بدلاً من أن تكون طرفًا».
تدلل الخبيرة في الشؤون الأفريقية على رأيها بأن الحرب في السودان أصبحت حروبًا متعددة، سواء بين المركز والهامش، أو قوات الدعم السريع والجيش، أو بين الإسلاميين وخصومهم، وقوى الثورة وفلول النظام السابق، مع دخول أطراف أثنية وجهوية.
اقرأ أيضا
- 6 متهمين آخرين بـ«جرائم حرب» في السودان.. لماذا أرجأ حميدتي اللقاء مع البرهان؟
- الخلافات تُفشل «الفرصة الأخيرة» لالتقاط الأنفاس في السودان
- السودان يختبر «الحلول السياسية»: «الجنرالان» في انتظار مبادرة حمدوك