«خليجيون» خاص| الجنيه المصري يترقب الخروج من بورصة «تكهنات التعويم»
وصلت وتيرة التكهنات ذروتها في مصر بشأن تحرير جديد لسعر صرف الجنيه، وسط مؤشرات حملتها شهادات ادخار بفائدة كبيرة طرحتها بنوك مصرية مؤخرا (بفائدة تتراوح بين 23 و27%).
وخلال الأعوام القليلة الماضية، أجرت مصر ما يعرف على نطاق واسع بـ«تعويم الجنيه»، بعد أن كان سعره ثابتا ولسنوات عند مستويات 15.70 مقابل الدولار، إلا أنه يتداول اليوم في السوق الرسمية عند مستوى 31 جنيها، وفي السوق الموازية قرب مستويات الـ50 جنيها.
ولطالما ارتبطت الشهادات الإدخارية ذات الفائدة المرتفعة في الأذهان بدورات «تعويم» سابقة صاحبها موجات تضخم قياسية، حسب متابعين للشأن الاقتصادي المصري.
ولم يفصح المتحدث باسم الحكومة المصرية عن نية السلطات البدء في عملية تحرير جديد للعملة الوطنية من عدمه، لكنه اكتفي في تصريح لصحيفة «البورصة المصرية» بالقول إن «تحديد سعر الصرف يعود في اختصاص البنك المركزي المصري»، متوقعًا «استقبال البلاد وفدا من صندوق النقد الدولي للتشاور في الوضع الاقتصادي للدولة».
ويرى وليد عادل رئيس قسم التسويات في المصرف المتحد، في تصريح إلى «خليجيون» أن «البت في قرار التعويم ليس في يد المركزي فقط، لكنه قرار سياسي أيضا»، مذكرا «بتدخل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في لقاء مباشر وفضه لتحرير سعر الجنيه في ظروف معينة».
وفي يونيو الماضي، وفي اشارة واضحة الى رفض مصر اجراء خفض جديد لسعر صرف الجنيه وفقا لمتطلبات صندوق النقد الدولي، قال «نحن نتمتع بمرونة سعر الصرف لكن عندما يتعرض الأمر لأمن مصر القومي والشعب المصري يضيع فيها لأ، عندما يكون تأثير سعر الصرف على حياة المصريين وممكن يضيعهم إحنا منقعدش في مكاننا».
سر تأخير التعويم
ويقول وليد عادل «قرار تحرير العملة المصرية لابد أن يراعي الوضع الاقتصادي والحالة المعيشية للمواطن وهو ماكان يقصده الرئيس السيسي حين قرر تأجيل التعويم»، وعن توقيت القرار يوضح عادل «حينما تكون الظروف مواتية بما لايشكل أزمة».
وتواجه مصر أزمة في نقص النقد الأجنبي منذ مارس من العام 2022، نتيجة خروج أكثر من 20 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة، وارتفاع فاتورة الواردات نتيجة زيادة الأسعار عالميًا.
ويقول محللون إن الأزمة الدولارية تفاقمت بفعل الحرب في غزة وهجمات قوات الحوثي على السفن في البحر الأحمر، ويقول محلل سوق المال الدكتور ماجد فتوح في تصريح إلى «خليجيون» إن «الأحداث الأخيرة في باب المندب وتأثيرها المتوقع على قناة السويس سوف يمد أجل بقاء الفجوة الدولارية». ويستبعد فتوح «الدخول في دورة تعويم في ظل الظروف الحالية»، مضيفا «لابد من توفير الدولار بشكل كبير في الأسواق أولا وإلا ستحدث أزمة كبيرة في الأسعار».
رسالة طمأنة حكومية
وبعث رئيس الحكومة المصرية مصطفى مدبولي الأربعاء الماضي رسالة طمأنه إلى المواطنين بأن «الدولة منحازة بشكل كامل للمواطن البسيط»، مضيفا في مؤتمر صحفي أن «إصلاح أي اقتصاد يبدأ بترشيد الإنفاق، منعا لتحميل الدولة أعباء مالية كبيرة».
ورغم الأزمة الاقتصادية وظروف المنطقة والتوترات الدولية لدى الاقتصاد المصري، هناك مؤشرات اقتصادية مهمة منها ما أعلنه المركزي المصري من ارتفاع الاحتياطي النقدي الأجنبي إلى 35.1 مليار دولار في نوفمبر، وفق رئيس قسم التسويات في المصرف المتحد.
ويلفت عادل إلى «تقدم عمليات برنامج الطروحات الحكومية ودخول مصر رسميا لتكتل بريكس وتنويع فرص التمويل من بنك التنمية الجديد التابع لها، فضلا عن اتفاقية مبادلة العملات الوطنية مع عدد من الدول وانخفاض فاتورة الاستيراد»، مشيرا إلى أن كل هذه التطورات «تصب في خانة توفير العملة الأميركية، بجانب قطاعات الاقتصاد الدولارية التقليدية للبلاد».
تبني سعر صرف مرن
وقبل أيام، توقعت مؤسسة «موديز أناليتكس»، خفضًا جديدًا لقيمة الجنيه المصري مع اتجاه الحكومة إلى تطبيق نظام مرن لسعر الصرف بأسلوب تدريجي وهو ما سيؤدي إلى بقاء متوسط التضخم فوق 24% في العام المقبل وأسعار فائدة مرتفعة. وحصر محللو المؤسسة، مشاكل مصر الاقتصادية في تحديات هيكلية مستمرة منذ فترة طويلة مثل انعدام الأمن الغذائي والزيادة السكانية الكبيرة والاختلالات المالية والخارجية.