الاحتلال يغتال وسام الطويل وحزب الله يرد.. هل اقتربت الحرب الشاملة؟
دخلت المواجهات بين جيش الاحتلال والمقاومة اللبنانية مرحلة خطيرة من التصعيد، على خلفية إعلان حزب الله اللبناني أمس الثلاثاء أنه استهدف مقر قيادة المنطقة الشمالية للجيش الإسرائيلي «في إطار الرد» على اغتيال القيادي العسكري البارز في صفوفه وسام الطويل ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري.
وتصاعدت الخشية من توسّع نطاق التصعيد بعد اغتيال الطويل والعاروري، وزار بيروت في الفترة الأخيرة مسؤولون غربيون حضّوا على ضبط النفس وتجنّب حصول تصعيد إضافي بين إسرائيل ولبنان. وجدّد رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أمس الثلاثاء تأكيد «استعداد لبنان للدخول في مفاوضات لتحقيق عملية استقرار طويلة الأمد في جنوب لبنان وعند الحدود» مع إسرائيل.
وقال المحلل السياسي اللبناني ناصر قنديل إن «التصعيد بضربات قاسية متبادلة جعل الحرب على صفيح ساخن بين الاحتلال والمقاومة اللبنانية»، مشيرا إلى أن الوضع «قابل للانزلاق الى ما هو أبعد»، وفق تسجيل مصور.
تشييع وسام الطويل
وفي رد فعل على اغتيال العاروري والطويل، قال الحزب في بيان إنه استهدف «مقر قيادة المنطقة الشمالية التابع لجيش العدو في مدينة صفد المحتلة (قاعدة دادو) بعدد من المسيرات الهجومية الانقضاضية». ووضع الاستهداف «في إطار الردّ» على جريمتي اغتيال القياديين في حماس وحزب الله، حيث شيّع الحزب الأخير الثلاثاء في بلدته خربة سلم في جنوب لبنان بمشاركة المئات من عناصره وحشد من أبناء البلدة. وزعم جيش الاحتلال الإسرائيلي أن «طائرة معادية سقطت في قاعدة» تابعة له في شمال فلسطين المحتلة، «دون الإبلاغ عن إصابات أو أضرار».
https://www.youtube.com/watch?v=4orGGOHj4-4&ab_channel=NASSERKANDIL
واغتيل العاروري مع ستة آخرين الثلاثاء الماضي بضربة جوية في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله. وقالت السلطات اللبنانية وحزب الله وحماس وواشنطن إن إسرائيل نفّذت العملية، فيما لم تعلّق الدولة العبرية رسميا. وكان الحزب أعلن السبت الماضي استهداف قاعدة مراقبة جوية في شمال إسرائيل في إطار «رد أولي» على اغتيال العاروري ورفاقه، وفق وكالة فرانس برس.
وشيّع حزب الله أمس الثلاثاء القيادي الطويل غداة اغتياله بضربة إسرائيلية لسيارته في خربة سلم. وشقّ النعش الملفوف براية حزب الله والمرفوع على الأكف طريقه بصعوبة بين جموع المشيعين. وقبيل بدء مراسم التشييع، استهدفت مسيّرة إسرائيلية سيارة مركونة في البلدة، وفق ما أوردت الوكالة الوطنية للاعلام وشهود عيان. وفي وقت لاحق، نعى حزب الله أحد مقاتليه.
من هو وسام الطويل؟
ويعدّ الطويل القيادي العسكري الأبرز في حزب الله الذي يُغتال بنيران إسرائيلية منذ بدء التصعيد عند الحدود مع فلسطين المحتلة بعيد اندلاع الحرب في غزة. وفي نبذة نشرها عنه، قال الحزب إن الطويل التحق بصفوفه عام 1989، وشارك في عمليات عدّة ضد مواقع إسرائيلية إبان الوجود الإسرائيلي في جنوب لبنان حتى العام 2000، وأخرى بعد انسحاب إٍسرائيل، منها عملية أسر جنديين إسرائيليين عام 2006 أدت الى اندلاع حرب مدمّرة بين الحزب وإسرائيل.
ويقول الحزب إن الطويل «قاد العديد من العمليات النوعية التي استهدفت مواقع وانتشار جيش العدوّ الإسرائيلي» عند الحدود منذ بدء التصعيد جنوباً. كما قاد «العديد من العمليات النوعية» في سوريا حيث يقاتل الحزب دعماً للجيش السوري منذ عام 2013.
رد فعل حزب الله
وشدّد نائب الأمين العام لحزب الله نعيم قاسم في كلمة ألقاها أمس الثلاثاء على أن اغتيال القادة، وبينهم الطويل «القائد في كتيبة الرضوان (المعروفة بأنها وحدة النخبة في الحزب) الذي عمل وضحّى في الساحات المختلفة»، لا يمكن أن «يكون محطة تراجع بل هو محطة دفع للمقاومة».
ومنذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على غزة في السابع من أكتوبر، تشهد الحدود اللبنانية الإسرائيلية تبادلا يوميا للقصف بين حزب الله واجيش الاحتلال الإسرائيلي. ويعلن الحزب استهداف مواقع ونقاط عسكرية إسرائيلية «إسناداً» لغزة، بينما يردّ الجيش الإسرائيلي بقصف جوي ومدفعي زاعما إنه يستهدف «بنى تحتية» للحزب وتحركات مقاتلين قرب الحدود.
وادعى جيش الاحتلال الإسرائيلي الثلاثاء «تسلّل طائرات معادية إلى شمال إسرائيل صباح اليوم»، و«إطلاق (صواريخ) اعتراضية تجاه أهداف جوية معادية عبرت من لبنان الى الأراضي الإسرائيلية». وأطلقت صفارات الإنذار في عدد من المناطق في شمال إسرائيل لدعوة السكان الى الاختباء.
واستهدف قصف عدواني إسرائيلي صباح الثلاثاء سيارة في بلدة الغندورية في جنوب لبنان، وفق ما أوردت الوكالة الوطنية. وأوقع القصف «ثلاثة قتلى من حزب الله»، وفق ما قال مصدر أمني لوكالة فرانس برس، متحفظاً عن ذكر اسمه.
حقيقة اغتيال علي برجي
وفي وقت لاحق، نعى حزب الله أربعة من مقاتليه. وفي بيان مساء الثلاثاء، قال جيش الاحتلال الاسرائيلي إنه قام «بتصفية» علي برجي، أحد الشهداء الأربعة لحزب الله. وأوضح أنه «قائد منطقة جنوب لبنان في الوحدة الجوية لحزب الله» التي كانت مسؤولة عن الهجوم على مقر قيادة المنطقة الشمالية الثلاثاء. لكن حزب الله نفى في بيان «نفياً قاطعاً هذا الادّعاء الكاذب الذي لا صحة له على الإطلاق»، مؤكدا «أنّ الاخ المجاهد مسؤول وحدة المسيّرات في حزب الله لم يتعرّض بتاتًا الى أي محاولة اغتيال كما ادّعى العدو».
وبذلك، يرتفع عدد الشهداء في لبنان منذ بدء التصعيد على جانبي الحدود الى 186 شخصاً، بينهم 140 عنصرا من الحزب، وفق حصيلة جمعتها فرانس برس. وأحصى جيش الاحتلال من جهته مقتل 14 شخصاً بينهم تسعة عسكريين.