واشنطن تختبر نفوذها في الشرق الأوسط
- أبرز الأحداث:
يعتبر مراقبون زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى المنطقة، بمثابة اختبار لقياس مدى النفوذ الذي تتمتع به الولايات المتحدة لتوجيه شراع الأحداث وفق تصورات البيت الأبيض، وسط مؤشرات قوية على احتمالية انفجار الصراع إلى حرب شاملة، بعد دخول حزب الله اللبناني وجماعة الحوثيين اليمنية بشكل أعمق في المواجهات.
بلينكن حط رحاله اليوم الأربعاء في الضفة الغربية المحتلة للقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس، غداة تنبيهه المسؤولين الإسرائيليين الى الكلفة الباهظة التي يتكبدها المدنيون في قطاع غزة جراء الحرب.
جولة رابعة
زيارة بلينكن لإسرائيل والأراضي الفلسطينية ضمن جولة جديدة هي الرابعة له في المنطقة منذ السابع من أكتوبر. وتمحورت الجولة حول تفادي اتساع الحرب الى جبهات أخرى، والبحث في «اليوم التالي» لما بعد انتهائها، والدعوة الى حماية المدنيين وزيادة المساعدات للقطاع الذي يواجه أزمة انسانية متعاظمة.
لكن جولة وزير الخارجية الأميركي تزامنت مع تصاعد حدة المواجهات، حيث وسّعت إسرائيل من عملياتها خارج الأراضي الفلسطينية إلى لبنان، ورد حزب الله بقصف قواعد عسكرية لجيش الاحتلال، وهناك في البحر الأحمر أمطرت جماعة الحوثي حركة الملاحة العابرة بعشرات الصواريخ والمسيّرات المفخخة.
الأزمة تبدو أكثر تفخيخًا، حسب مراقبين، يعتقدون أن جولة بلينكن انتهت كما بدأت، حيث فشل في الحصول على تعهدات واضحة بشأن التهدئة، أو التوصل إلى هدنة أو صفقة لتبادل الأسرى.
والتقى بلينكن في تل أبيب الثلاثاء عددا من المسؤولين الإسرائيليين، يتقدمهم رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت. ورغم الدعوات الدولية المتزايدة، تواصل إسرائيل عمليات القصف، الذي أسفر عن 23210 شهيدًا غالبيتهم من النساء والأطفال، وفق وزارة الصحة.
الاحتلال الإسرائيلي يوسّع جرائمه في غزة
وأعلنت وزارة الصحة أن الغارات الإسرائيلية أدت إلى سقوط أكثر من 70 شهيدًا ليل الثلاثاء الأربعاء. في حين يواصل جيش الاحتلال الأربعاء عملياته في مخيم المغازي وسط القطاع ومدينة خان يونس بجنوبه، معلنًا ضرب أكثر من 150 هدفا.
والأسبوع الماضي أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي الانتقال إلى مرحلة جديدة تشمل تنفيذ عمليات أكثر استهدافًا في وسط قطاع غزة وجنوبه، حيث يحتشد مئات الآلاف من النازحين، بعدما تركز العمليات مطلع الحرب على شمال القطاع خصوصا مدينة غزة والمناطق المحيطة بها.
ودخلت الحرب في قطاع غزة شهرها الرابع وسط تحذيرات متزايدة من الأمم المتحدة ومنظمات وأطراف دولية من الكلفة الإنسانية الباهظة مع تواصل الحصار والقصف الإسرائيليين والمعارك البرية. وتؤكد منظمات دولية أن المساعدات المحدودة التي تدخل القطاع بموافقة إسرائيلية، لا تكفي لسدّ حاجات سكان القطاع البالغ عددهم 2، 4 مليون نسمة.
نقاشات في الكواليس الدبلوماسية والسياسية
وإضافة إلى الحرب في الميدان، تشهد الكواليس الدبلوماسية والسياسية نقاشات بشأن «اليوم التالي» لانتهاء الحرب في القطاع الذي تديره حركة حماس منذ العام 2007 بعد فوزها في الانتخابات التشريعية ونزاع داخلي انتهى بطرد السلطة الفلسطينية بزعامة الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وسبق زيارة بلينكن عرض وزير الدفاع الإسرائيلي غالانت خطته «لما بعد الحرب»، والتي تقوم على ألا يكون في القطاع «لا حماس» ولا «إدارة مدنية إسرائيلية»، وأن تديره «كيانات فلسطينية» بشرط «ألا يكون هناك أيّ عمل عدائي أو تهديد ضدّ دولة إسرائيل».
اقرأ أيضا:
العقبة الأردنية تستقبل قمة ثلاثية بين السيسي وعبد الله وأبو مازن غدا
الاحتلال يغتال وسام الطويل وحزب الله يرد.. هل اقتربت الحرب الشاملة؟
فيديو| مظاهرة حاخامات في مجلس الأمن ضد العدوان
ومن السيناريوهات المحتملة المطروحة من قبل محللين، أن تتولى السلطة الفلسطينية حُكم القطاع رغم شعبيتها المتدنية فيه. واعتبر بلينكن أن على «السلطة الفلسطينية مسؤولية إصلاح نفسها وتحسين حوكمتها. هذه هي التحديات التي سأطرحها مع الرئيس عباس خلال لقائنا» الأربعاء في الضفة الغربية.
على صعيد آخر، يشارك عباس الأربعاء في لقاء مع عاهل الأردن الملك عبد الله الثاني والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في العقبة لبحث الحرب في غزة والتطورات في الضفة الغربية المحتلة حيث تصاعدت بشكل ملحوظ أعمال العنف والاقتحامات العسكرية الإسرائيلية منذ السابع من أكتوبر.
البحر الأحمر يشتعل
وأثارت الحرب في غزة مخاوف من اتساع النزاع الى جبهات إقليمية، في ظل تبادل القصف بين إسرائيل وحزب الله اللبناني، واستهداف الحوثيين في اليمن لسفن في البحر الأحمر، وهجمات فصائل مسلحة ضد قواعد تضمّ قوات أميركية في العراق وسوريا.
وأعلن البنتاغون الأربعاء أنّ القوات الأميركية والبريطانية أسقطت 18 طائرة مسيّرة مفخّخة وصاروخين مجنّحين وصاروخاً بالستياً أطلقها الحوثيون مساء الثلاثاء باتّجاه مسارات شحن دولية في جنوب البحر الأحمر.
وعلى الجبهة بين لبنان وإسرائيل، أعلن جيش الاحتلال الثلاثاء اغتيال قائد منطقة جنوب لبنان الجوية لحزب الله، ومسؤول عن عمليات استهدفت مواقع للجيش في شمال الدولة العبرية.
لكن الحزب الذي نعى أربعة من عناصره الثلاثاء، نفى في بيان «نفياً قاطعاً هذا الادّعاء الكاذب الذي لا صحة له على الإطلاق»، مؤكدا «أن الأخ المجاهد مسؤول وحدة المسيّرات في حزب الله لم يتعرّض بتاتًا الى أي محاولة اغتيال كما ادّعى العدو».
في غضون ذلك، تحذّر المنظمات الدولية من كارثة صحية في غزة مع عدم تلقي القطاع سوى مساعدات نادرة رغم صدور قرار عن مجلس الأمن الدولي في هذا الصدد.
ووصف عاملون في المنظمة مشاهد يائسة لمصابين بجروح خطرة بينهم أطفال، وهم يتوسلون للحصول على طعام في المستشفيات التي غادرها معظم الطواقم الصحية حفاظا على سلامتهم. ويعكس سكان القطاع صعوبة الأوضاع في ظل حرب طويلة انعكست عليهم نزوحا وتشردا ونقصا في أبسط مقومات العيش.
بلجيكا تغرد خارج السرب الأوروبي
في الأثناء، أظهرت الحكومة البلجيكية موقفًا داعمًا للفلسطينيين، حيث طالبت نائبة رئيس الوزراء بيترا دي سوتر، الثلاثاء، بالتحرك لمقاضاة سلطات الاحتلال الإسرائيلي أمام حكمة العدل الدولية، على غرار ما فعلته جنوب أفريقيا. وغردت المسؤولة البلجيكية، عبر منصة «إكس» قائلة: «لا يمكن لبلجيكا أن تقف متفرجة على المعاناة الإنسانية الهائلة في غزة».
وهذا الموقف امتداد لمواقف سابقة، حيث عبرت الحكومة البلجيكية خلال الأشهر الماضية عن دعمها للشعب الفلسطيني، على الرغم من الإخفاق الأوروبي في التوصل إلى موقف جماعي يدين جرائم الحرب التي ترتكبها سلطات الاحتلال، معتبرة أنه بإمكان حكومات أوروبية منفردة أن «تتمسك بالمبادئ بدل الاختباء خلف غياب الإجماع على مستوى الاتحاد».
وفي 24 نوفمبر الماضي، استدعت سلطات الاحتلال الإسرائيلي سفير بلجيكا بسبب تصريحات أدلى بها رئيس حكومته في مؤتمر صحفي أمام معبر رفح على حدود غزة. وقتها طالب رئيس وزراء بلجيكا ألكسندر دي كرو، سلطات الاحتلال بالتوقف عن قتل المدنيين في قطاع غزة، مشددًا على أن تدمير القطاع أمر غير مقبول.
وفي سلسلة من التصريحات العلنية، لم تكتفِ شخصيات حكومية بلجيكية رفيعة، مثل رئيس الوزراء ألكسندر دي كرو، ونائبة رئيس الوزراء بيترا دي سوتر، ووزيرة الخارجية حجة لحبيب، ووزيرة التنمية والتعاون كارولين غينيز، بإدانة انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر الماضي، بل طرحت أيضا تساؤلات حول قانونية الغارات الجوية الإسرائيلية، ودعت إلى عقوبات هادفة ومحاسبة المسؤولين.
اقرأ أيضًا
«خليجيون» تستكشف الملفات السرية في جولة بلينكن بالمنطقة