السودان يعود للطريق المسدود.. البرهان يرفض قمة أفريقية للوساطة مع الدعم السريع
عاد الصراع الدائر في السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع إلى طريق مسدود، وفق محللين، بعدما رفض مجلس السيادة السوداني برئاسة قائد الجيش عبد الفتاح البرهان اليوم السبت، دعوة الى قمة شرق إفريقية بهدف التوسط في النزاع الدائر في البلاد، مع انتقاد الخرطوم الأمم المتحدة لتواصلها مع قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو.
وبعد تسعة أشهر على اندلاع المعارك، حققت قوات الدعم السريع تقدما ميدانيا على حساب الجيش في الآونة الأخيرة، بينما قام دقلو بجولة خارجية هي الأولى له منذ بدء القتال، رأى فيها محللون محاولة لكسب شرعية وتعزيز موقعه التفاوضي تجاه أي حل. ودعت الهيئة الحكومية للتنمية في شرق إفريقيا (ايغاد) البرهان ودقلو الى قمة تستضيفها أوغندا في 18 يناير لبحث النزاع السوداني. وسبق للهيئة أن بذلت محاولات عدة لتقريب وجهات النظر بين المتحاربين.
ورفض مجلس السيادة برئاسة البرهان السبت حضور القمة، بينما أعلن دقلو موافقته على الدعوة الإفريقية. وقال المجلس في بيان «نجدد تأكيدنا بأن ما يدور في السودان هو شأن داخلي وأن استجابتنا للمبادرات الإقليمية لا تعني التخلي عن حقنا السيادي في حل مشكلة السودان بواسطة السودانيين»، وفق وكالة فرانس برس.
حميدتي قبل الوساطة الأفريقية
من جهته، قال دقلو عبر منصة إكس «اتساقاً مع موقفنا الثابت الداعم للحل السلمي الشامل، الذي ينهي مرة واحدة وللأبد الحروب في السودان عامةً، وحرب الخامس عشر من أبريل خاصةً، أكدتُ اليوم قبولي دعوة الحضور والمشاركة» في قمة إيغاد.وبقي دقلو المعروف بحميدتي في الظل خلال الأشهر التسعة الأولى من النزاع، الى أن وقّع مؤخرا إعلانا مع المدنيين وقام بجولة إفريقية يبحث خلالها عن شرعية دولية سعيا لحسم معركته مع الجيش، وفق ما رأى محللون وخبراء.
ولقيت زيارات دقلو انتقادات لاذعة من البرهان والحكومة السودانية. وقال قائد الجيش في تصريحات سابقة مخاطبا الدول «التي تستقبل هؤلاء القتلة بأن كفوا أيديكم عن التدخل في شأننا.. وأن استقبال أي جهة معادية للدولة لا تعترف بالحكومة القائمة يعتبر عداء للدولة». كما استدعت الخرطوم سفيرها لدى نيروبي للتشاور احتجاجاً على استقبال الرئيس الكيني وليام روتو لدقلو.
وأودت الحرب بين الحليفين السابقين بأكثر من 13 ألف قتيل وفق تقديرات منظمة "مشروع بيانات مواقع الصراعات المسلحة وأحداثها" (أكليد)، وهي حصيلة يُعتقَد أنها تبقى دون الفعلية. كما تسببت بنزوح أكثر من سبعة ملايين شخص داخل وخارج البلاد بحسب الأمم المتحدة.
السيادة ينتقد تواصل غوتيريش مع دقلو
وفي مدينة بورتسودان بشرق البلاد والتي تحولت إلى مقر موقت للحكومة، أبلغت وزارة الخارجية السودانية المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة رمطان لعمامرة رفضها تواصل الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش مع دقلو.
وقال وزير الخارجية المكلف علي الصادق «أبلغنا المبعوث بأن الاتصال قد سبب غضبا ورفضا كبيرا في الشارع السوداني، ونحن نرفض هذا الاتصال مع زعيم حركة قامت بارتكاب انتهاكات فظيعة أدانتها بعض مؤسسات الأمم المتحدة وغالبية المجتمع الدولي». وأوضح أن «مثل هذا الاتصال يعطي التمرد شرعية يفتقدها ويحقق أهدافه في الحصول على دعاية إعلامية».
في وقت لاحق السبت، اعتبرت وزارة الخارجية السودانية أن دعوة دقلو تشكل «انتهاكا صارخا.. .تؤدي فقط إلى تدمر مصداقية» المنظمة. وأضافت الوزارة في بيان «لم تكتف إيغاد بأن تصمت صمت القبور على فظائع المليشيا الإرهابية.. .بل سعت لمنح المليشيا الشرعية بدعوتها لاجتماع لا يشارك فيه سوى رؤساء الدول والحكومات بالدول الأعضاء». وأكدت «تظل خيارات السودان مفتوحة تجاه» المنظمة الإقليمية.
ويُتهم طرفا القتال بارتكاب جرائم حرب تشمل القصف العشوائي لمناطق سكنية والتعذيب والاحتجاز القسري للمدنيين.
السودان المنسي على خارطة الصراعات
بدوره، أكد المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط، أحمد المنظري أن تدهور الوضع الأمني في ولاية الجزيرة أجبر المنظمة على تعليق عملها، وحذر من أن الأوضاع الصحية في السودان تزداد سوءا في ظل الصراع القائم حالياً، وأن السودان «منسيّ في خريطة الصراعات العالمية».
وأضاف المنظري، وفق وكالة أنباء العالم العربي، أنه مع بداية القتال بين الدعم السريع والجيش قبل تسعة أشهر، خاصة في الخرطوم وبعض مناطق دارفور، استخدمت منظمة الصحة العالمية ولاية الجزيرة، وتحديدا مدينة ود مدني، كمركز لوجيستي، تبعتها فى ذلك منظمات أممية أخرى، لافتاً إلى أن ولاية الجزيرة كانت ملجأ لما يقارب من 500 ألف مواطن، 46% منهم من النازحين من مناطق أخرى، وتعتبر ولاية الجزيرة السلة الغذائية لكل السودان.
لكن بعد الخامس عشر من ديسمبر وسيطرة الدعم السريع على عدة مناطق بولاية الجزيرة، قال المنظري، اليوم الجمعة، إن الأمن غاب عن الولاية وانتشرت الفوضى، مما هدد المؤسسات الصحية والعاملين بالرعاية الصحية والمنظمات الدولية.
اقرأ أيضا:
حرب السودان المنسية: فوضى في «الجزيرة».. ومخاوف من كارثة إنسانية