كواليس «الاجتماع الكبير» لصندوق النقد الدولي في القاهرة
يجري وفد من صندوق النقد الدولي محادثات في القاهرة بشأن المراجعتين الأولى والثانية لبرنامج الإصلاحات الذي يدعمه الصندوق في مصر من خلال قرض قيمته 3 مليارات دولار، بينما تحسب السوق أنفاسها بانتظار القرارات الحكومية المنتظرة، التي ربما تصل إلى اللجوء إلى تحرير سعر الصرف.
فريق صندوق النقد الموجود في القاهرة برئاسة إيفانا فلادكوفا هولار، يمكن أن يتطرق إلى مضاعفة قيمة القرض للسلطات المصرية في حال الاتفاق حزمة إجراءات وإصلاحات اقتصادية، يصر الصندوق إلى تنفيذها قبل الشروع في صرف أية مبالغ إضافية.
ومطلع الأسبوع الجاري أجرى مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى جهاد أزعور زيارة إلى مصر، بعدما عقد صندوق النقد الدولي الاجتماع السنوي لمكاتب الصندوق المحلية لمناطق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التقى خلالها مسؤولي الحكومة المصرية وعدد من الأطراف المعنية الإقليمية.
ماذا دار في اجتماع القاهرة؟
واجتمع فريق الصندوق وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية هالة السعيد، والرئيس التنفيذي لصندوق مصر السيادي، أيمن سليمان، في لقاء استمر لعدة ساعات في اجتماع وصفه مشاركون تحدثوا بـ«الكبير» اطلعوا خلاله على تفاصيل برنامج الإصلاح الهيكلي وما جرى إنجازه في هذا الصدد، وكذا الحسابات القومية، ومعدلات النمو، وطلبوا معرفة حجم التدفقات النقدية المتوقعة للصندوق السيادي من المشروعات المستقبلية، بحسب صحيفة «الشرق بلومبرغ».
المصادر المصرية تشير على أن فريق صندوق النقد الدولي أشاد بتصميم برنامج الإصلاحات الهيكلية، حيث جرى التطرق إلى صفقة بيع الفنادق التاريخية التي أنجزتها الحكومة المصرية مؤخراً بمشاركة القطاع الخاص والصندوق السيادي، وسألوا عن مدى تحويل قيمة الصفقة لحسابات الحكومة وتوقيت ذلك، وقيمة ما سيدخل منها في الخزانة العامة، وما سيسدد منها للديون.
وينتظر أن يلتقي فريق الصندوق عدة وزارات خلال الأيام المقبلة أبرزها المالية، والبترول، والنقل، فضلاً عن البنك المركزي.
برنامج تسهيل التمويل الممدد
وسبق أن التقت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، وزير المالية المصري ومحافظ البنك المركزي في المقر الرئيسي لصندوق النقد الدولي في 9 يناير. وقالت المتحدثة باسم صندوق النقد الدولي، جولي كوزاك، إن فريق الصندوق يجري مناقشات مع الحكومة بشأن مجموعة من السياسات التي من شأنها أن تدعم استكمال المراجعة الأولى والثانية لبرنامج تسهيل التمويل الممدد.
ويحدد صندوق النقد أولويات الحكومة المصرية، من بينها خفض التضخم، والانتقال تدريجيًا إلى نظام استهداف التضخم، علاوة على التمويل الإضافي الحاسم لضمان نجاح تنفيذ البرنامج.
يأتي ذلك وسط، أزمة دولارية تشهدها مصر حاليا، تفاقمها التوترات الجيوسياسية، تراجع تحويلات العاملين في الخارج، وإيرادات السياحة، وقناة السويس، والصادرات.
ووصل سعر الدولار في السوق السوداء إلى حوالي 60 جنيهًا، مقارنة بـ30 جنيها في المصارف التجارية، ما زاد إقبال المصريين على الملاذات الآمنة للتحوط من توحش التضخم، لذلك قفز سعر الذهب إلى مستويات غير مسبوقة، ليصل سعر غرام الذهب عيار 21 الأكثر شهرة في مصر إلى 3520 جنيهًا.
من جانبه، قال فخري الفقي رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب إن ديون مصر خلال العام المالي الحالي 2023/2024، وصلت إلى 29 مليار دولار، لافتًا إلى أن مصر تمكنت من تسديد نحو 14.5 مليار دولار من الديون إلى صندوق النقد الدولي.
وأضاف فخري الفقي في مداخلة هاتفية على قناة صدى البلد المحلية، أنه متبقي نحو 14.5 مليار دولار فقد من مديونية هذا العام المالي سيتم دفعهم حتى شهر يونيو المقبل، موضحًا أنه في العام المالي المقبل 2024/2025 سيكون على مصر ديون تقدر بنحو 23 مليار دولار.
وأشار إلى أن هناك نحو 70% من الديون تتجه إلى المشروعات التنموية الخدمية ومنها المشروعات القومية التنموية ومشروعات حياة كريمة، لافتًا إلى أن دخل مصر من العملة الصعبة 10 مليارات دولار سنويا.
5 مصادر للدخل الأجنبي في مصر
ولفت الدكتور فخري الفقي، أن هناك 5 مصادر متنوعة للدخل الأجنبي لمصر ما بين صادرات وواردات وتحويلات المصريين في الخارج وإيرادات قناة السويس والمناطق اللوجستية وقطاع السياحة.
وسجل المعدل السنوي للتضخم العام 33.7% في ديسمبر 2023 مقابل 34.6% في نوفمبر 2023، كما سجل الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين للحضر، الذي أعلنه الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء في 10 يناير 2024، معدلاً شهرياً بلغ 1.4% في ديسمبر 2023 مقابل معدلاً بلغ 2.1% في ذات الشهر من العام السابق.
فجوة دولارية
وتعاني مصر من فجوة دولارية تصل قيمتها إلى 30 مليار دولار، وهي بذلك تحتاج إلى استثمارات بما يصل إلى 100 مليار دولار سنوياً حتى 2028 من أجل التعامل مع تلك الفجوة، حسبما أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في شهر فبراير الماضي.
«موديز» تضغط على مصر
وسبق اجتماعات صندوق النقد في القاهرة، عدلت وكالة «موديز» نظرتها للاقتصاد المصري إلى سلبية، ما يعكس بحسب نظرها «مخاطر عدم كفاية إجراءات السياسة النقدية والدعم الخارجي لمنع إعادة هيكلة الديون نظراً لمؤشرات الدين الضعيفة للغاية في مصر وتعرضها المرتفع للديون وتصاعد مخاطر الصرف الأجنبي وأسعار الفائدة».
وردًا على «موديز»، قالت وزارة المالية المصرية إن مؤسسة التصنيف الائتماني لم تأخذ في اعتبارها الجهود الحالية للحكومة، حيث إن برنامج الطروحات يُعزز قدرة مصر على تلبية الاحتياجات التمويلية خلال العامين المقبلين، ويُسهم في جذب المزيد من التدفقات الاستثمارية، والحد من الاحتياج للتمويل الخارجي، خاصة في ظل عمل الحكومة على إدارة مخاطر الاقتصاد الكلي بمرونة لاحتواء الصدمات الخارجية المتتالية، وتتعامل بتوازن وحرص شديد مع الآثار السلبية الناتجة عن التوترات الجيوسياسية المؤثرة على النشاط الاقتصادي.