أوسمان بن ساسي ينسج الكوابيس في «قصور الشعير»
يشارك الكاتب الليبي أوسمان بن ساسي بروايته «قصور الشعير» في معرض القاهرة الدولي للكتاب (من 24 يناير إلى 6 فبراير).
ومؤخرا صدرت الطبعة الثانية من الرواية، عن دار السِراج للنشر والتوزيع، طرابلس - ليبيا، وتقع في 125 صفحة، مع لوحة الغلاف فهي للفنان التشكيلي الليبي حكيم الطليس.
رواية أمكنة تقع أحداثها في زمن واحد مفتوح على التأويل
وتعد «قصور الشعير» رواية أمكنة تقع أحداثها في زمن واحد مفتوح على التأويل، إذ أجاد الكاتب قنص الأحداث في تيمة متجانسة بين الواقع والخيال، فيأخذنا في عالم سينمائي مُدهش برموز شخصيات ماثلة في واقع الحياة، تتمحور حول رمزية «الإرث» الوطني الذي أشعل المعارك على الساحة الليبية.
وفي روايته الأولى، يغلب على أسلوب بن ساسي عنصر التكثيف، إذ يعتمد الكاتب على جمل قصيرة سريعة كطلقات الرصاص، تشي بالكثير من التفاصيل حول شخوص الرواية وعلاقتها ببعضها بعضا.
كذلك اعتمد بن ساسي لغة رشيقة بلا ترهلات خصوصا في الحوار على ألسنة أبطاله، فالجمل مباشرة تلائم حياة أشخاص يعيشون في عالم يموج بالحروب والصراعات، بعيدا عن شاعرية السرد المألوفة لدى قطاع كبير من الكتاب، وربما كان ذلك نتاجا لعمل الكاتب صحفيا، حيث اللغة واضحة وصريحة تحمل الخبر، وإن لم تخلو من المشاعر والدفء لكن دون استغراق في جماليات مصطنعة تشبه الوزن الزائد.
من تعليقات القراء على «قصور الشعير»
وقد علق الكثير من القراء على الرواية، من خلال صفحتها على موقع «غوود ريدز»، فقال فتحي إسماعيل: «أن يكتب روائي عمله الأول وهو مدرك ماهية الرواية، قادر على أن يحتل رأس القارئ وأن يجعله مهموما تفاصيل الشخوص، مُتَعهم.. آلامهم.. آمالهم وانكساراتهم، بهذا يؤطر بن ساسي كينونته الروائية، كعقلٍ مفكر يريد أن يقول شيئًا لهذا العالم، ولا يكتب لمجرد تمرين القلم أو استعراض اللغة».
وتابع: «فاللغة الجيدة والطيعة، لم تكن همّ الكاتب بقدر ما كانت أداته كما يجب، في قصور الشعير يناقش الروائي القمع بصورة تصيب القارئ بالصدمة، ويضعه في بؤرة الحدث، ولا يجعل له خيارات الهروب، فيمسك بتلابيب القارئ المشارك في الحدث من أول جملة، ولا يتركه حتى بعد أن ينتهي من القراءة إذ يجعله يسترجع الأحداث ويتساءل عن المصير، الثورة بكل مفاهيمها وتبعاتها مجسدة في هذا العمل الروائي الذي لم ينساق للغة السوق فيتمادى في تفاصيل استطاع بالفعل أن يرسمها في لوحة تجريدية، تحتل عقل القارئ ولا تبرحه، وفي انتظار القادم».
مهارة في التلاعب بالواقع والخيال
فيما ترى ملاك كزاز أن الرواية تمثل «سرد أدبي ممتع بجمل قصيرة رشيقة ومهارة في التلاعب بالواقع والخيال للتعبير عن عمق المأساة والمعاناة اليومية التي نعيشها، بشخوص سينمائية منها نسخ موزعة في كل طريق في بلدنا، نهاية بمزيج من العاطفة تثير في ذهن القارئ بعض التساؤلات. يعيب الرواية استغراقها في بعض المشاهد المصطنعة بحيث إن الكاتب جمع شتات أحداث وأصر على جعل بطله معاين الحدث في كل الأوقات».
أرفض بعناد أن أصحو من تلك الكوابيس
وتقول كريمة إدريسي: «بعد رواية التحول التي قرأتها في شبابي المبكر ورواية البومة العمياء (وكلاهما لم أقرأهما بالعربية) تعتبر قصور الشعير أول رواية عربية تأخذني إلى نفس ذاك التيه الذي يخرجني من كابوس ليدخلني في آخر ولكني أرفض بعناد أن أصحو من تلك الكوابيس».
وتبين: «يختلط الوهم بالحقيقة والصحو بالهلوسة بشكل متماسك ولكنه أيضاً جحيم متواصل يدعوك للتفكير المستمر دون أن تتحرك. الجحيم في الرواية هنا ليس الآخرون ولكنه الأماكن. قصور الشعير رواية لتُقرَأ لأنها تضيف للقارئ الكثير، من المتعة بجمال اللغة والسرد إلى عمق التأمل في الأبعاد مروراً بعنصر التشوق المتواجد في كل مكان».
ويوضح إيهاب دارووس: «قبل أن أشتري هذه الرواية، التي وجدتها بالصدفة في إحدى المكتبات، أثار غلافها فضولي، حيث شعرت بأن المؤلف جاء بشيء جديد.. شيء مبتكر بعيدا عن النمط المعروف. هذا ما جعلني أجرؤ على شرائها ومحاولة قراءتها، لأقرأ شيئا مختلفا عما أقرأه عادةً. لقد كانت رحلة كافكاوية رائعة، ومستقبلا بائسا ربما ينتظر طرابلس في وقت ما في المستقبل».
ويضيف دارووس: «أذهلني مدى امتزاج الوهم بالواقع لدرجة أنك تشعر أحيانًا (كقارئ) وكأنك تعيش حياة الشخصية الرئيسية، غير قادر على الهروب من هذه المتاهة الكئيبة، متشككًا في واقعك ونظرتك للأشياء المدفوعة بعشوائية الوجود.لقد قام المؤلف بعمل جميل لإظهار عبثية الوجود البشري كما هو، مع أهمية مواجهة الإنسان لعبث حياته.. مسألة أن نكون أو لا نكون».
من أجواء الرواية: «كانت سارة تحبُ الاقتباسَ من الأفلامِ، تجمعُ ما استطاعتْ منها، وتتعاهدها كما تهتم بنباتاتها المنزلية، خصوصًا الصبار، لا يهمها شيءٌ في الحكايةِ سوى تلك الجُملِ القاتلةِ الموضوعةِ بإحكامٍ في مشهدٍ ما، لم تكن تشبهني في هذا، كما لا تشبهني في أشياء كثيرة أخرى، فما يهمني أنا المتعةُ، وإن كان الحوارُ عشوائيًّا، إذا استمتعت بما حكاه المخرجُ فلا أعيرُ أيّ اهتمامٍ للاقتباساتِ والحوارِ العميق».
من هو أوسمان بن ساسي
والكاتب والصحفي أوسمان بن ساسي من مواليد مدينة زوارة العام 1982، حاصل على بكالوريوس إدارة أعمال.
اقرأ أيضا:
عبد السلام الفقهي لـ«خليجيون»: «المرآة والصورة» محاولة لاستنطاق جزء من ذاكرة النص الليبي
في ثالث رواياتها.. نهلة العربي تطيب جراح المعنفات في ليبيا بـ«الهروب»
يعمل حاليا صحفيا في بوابة وجريدة «الوسط» الليبية منذ أبريل 2014، وبدأ العمل في مجال الصحافة العام 2011 مع صحيفة «صباح أويا»، ثم مراسلا لصحيفة «قورينا»، ومحررا بجريدة «فبراير» في العام 2012. وهو أحد مؤسسي راديو «كاساس FM» والمركز الإعلامي في زوارة في العام 2011. وكذلك عمل في إذاعة «ليبيا إف إم» و«تليفزيون العاصمة» 2013 كمحرر، وكتب لموقعي «مراسلون» و«هنا ليبيا».