«خليجيون»| حرب غزة تترقب «الرصاصة الأخيرة»
تتزايد وتيرة الجدل بشأن فرص التوصل لوقف كامل لإطلاق النار كامل في قطاع غزة، لكن محللين يقولون إن المباحات الجارية تدول حول هدنة إنسانية مقابل إطلاق أسرى ومحتجزين، فيما يبدو أن السيناريو الأول يحتاج إلى اتفاقية دولية كبرى تفضي إلى انسحاب إسرائيلي كامل من غزة.
وفي وقت تتواصل المعارك بلا هوادة، تتكثّف الجهود الدبلوماسية للتوصّل إلى هدنة ثانية تكون مدّتها أطول من تلك التي امتدّت على أسبوع وأقرّت بوساطة من قطر ومصر والولايات المتحدة، متيحة في أواخر نوفمبر، جاء تصريح الرئيس الأسبق لجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (الشاباك) كرمي غيلون، أن «الحرب في غزة انتهت»، متوقعا «توقف إطلاق النار لمدة تصل إلى 5 أو 6 سنوات، وفق ما نقلت القناة 12 الإسرائيلية»، الخميس.
الحرب لن تتوقف بدون ضمانات
وتلحظ المحللة الفلسطينية تمارا حداد تفاؤلا مفرطا في تصريح رئيس الشاباك الأسبق «باحتمال موافقة إسرائيل والمقاومة الفلسطينية بشأن هدنة بمراحل تبدأ بإخراج خمس وثلاثين محتجزا مقابل كل رهينة 250 أسير فلسطيني»، منوهة إلى أن «الخلاف مستمر حول إقرار الهدنة أولها جملة وقف إطلاق النار بشكل نهائي».
وترى حداد في تصريح إلى «خليجيون» أن «وقف الحرب على القطاع، بحاجة لضمانات من الوسطاء والتزام الاحتلال الإسرائيلي»، موضحة أن «أن شرط وقف إطلاق النار لا تقبله إسرائيل بالتحديد الحكومة اليمينية الائتلافية».
ومن المتوقع أن يزور إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي للحركة الإسلامية المقيم في قطر، مصر مجددا بغية مناقشة اقتراح أعدّ خلال اجتماع في أواخر يناير في باريس بين رئيس الاستخبارات الأميركية المركزية وليام برنز ومسؤولين مصريين وإسرائيليين وقطريين.
وأفاد مصدر في الحركة بأن الاقتراح يشمل ثلاث مراحل وينصّ في المرحلة الأولى على هدنة تمتدّ على ستة أسابيع تطلق خلالها إسرائيل سراح ما بين 200 إلى 300 أسير فلسطيني، في مقابل الإفراج عن 35 إلى 40 رهينة محتجزة في غزة، على أن يتسنّى دخول ما بين 200 إلى 300 شاحنة مساعدات يوميا إلى غزة.
◾شارع البحر شمال غزة قبل وبعد عدوان الاحتلال الصهويني . pic.twitter.com/e3p84eZBBa
— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) February 3, 2024
وفي الأيّام الأخيرة، كشفت قطر عن «تأكيد إيجابي أولي من جانب حماس» لدعم الهدنة، غير أن الحركة أكّدت فيما بعد أنها لم تتخّذ أيّ قرار بشأن المقترح، إذ إنها تؤيّد وقفا لإطلاق النار وليس هدنة جديدة. أما «الجانب الإسرائيلي (فقد) وافق على هذا الاقتراح»، بحسب ما قال هذا الأسبوع ماجد الأنصاري المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية التي تساهم في الوساطة.
غير أن سلطات الاحتلال تزعم إنها لن توقف نهائيا حربها على غزة إلا بعد «القضاء» على حركة حماس وتحرير كلّ الرهائن وتلقّي ضمانات بشأن الأمن في أراضيها.
رأي رئيس الشاباك غير معبر عن الحكومة الإسرائيلية
في ضوء ذلك يعتبر الباحث بمركز الأهرام للدراسات السياسية الاستراتيجية، الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن تصريح رئيس الشاباك الأسبق «لا يعكس» توجهات سلطات الاحتلال التي تنتشر في غزة رغم تعرضها لخسائر فادحة سواء بشرية أو آلية وتعوضها بضربات انتقامية بحق المدنيين.
ويقول ربيع في تصريح إلى «خليجيون» إن «حماس لن تتنازل عن شروطها في وقف كامل لإطلاق النار وانسحاب قوات إسرائيل من غزة، حتى يجرى إطلاق سراح كل الرهائن، ودون ذلك ستواصل المقاومة الفلسطينية اصطياد آليات وقوات الاحتلال المتوغلة في القطاع الفلسطيني».
ويوم الجمعة، أعلنت كتائب القسام مساء الجمعة، الجناح العسكري لحركة حماس تمكن عناصرها من الإجهاز على 15 جنديا صهيونيا من المسافة صفر، في منطقة الجوازات غرب مدينة غزة.
هدف القضاء على المقاومة
وحسب محللين، فإن رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ينخرط في مناورات سياسية مكثفة مع تزايد الضغوط في الداخل والخارج للإفراج عن المحتجزين في غزة ووقف القتال.
لكن أعضاء اليمين المتطرف في الائتلاف الحاكم في إسرائيل قالوا إنهم سيسقطون حكومة نتنياهو إذا جرت الموافقة على اقتراح الوساطة القطرية، إذ حذر وزير الأمن القومي إيتامار بن جفير البرلمان يوم الأربعاء: «الصفقة الخطيرة تعني حل الحكومة».
وتقول المحللة السياسية الفلسطينية تمارا حداد «منذ بدء العدوان على قطاع غزة خرجت تصريحات رسمية عديدة أبرزها رأي الحكومة اليمينية الائتلافية المتمثلة بأعضاء اليمين مثل نتنياهو ووزير الأمن القومي الإسرائيلي المعنيين باستمرار العدوان» لافتة إلى أن «الهدن التي جرت أثناء العدوان هدفها إطلاق سرحا الرهائن الإسرائيليين الذين بحوزة المقاومة الفلسطينية وليس الهدف لإنهاء الحرب».
وتوضح تمارا إن « هدف تلك الأطراف ترسيخ الهدن لامتصاص غضب أهالي الأسرى الإسرائيليين، ومن ثم استكمال الحرب لتنفيذ الأهداف الأمنية والعسكرية والسياسية المتمثلة بالقضاء على المقاومة الفلسطينية في القطاع، وإزالة التهديد العسكري المتمثل بسلاح المقاومة الفلسطينية وإعادة الاحتلال المباشر للقطاع ومن ثم إيجاد إدارة مدنية معاشية تدير القطاع متوافق عليها أمنيا وعسكريا إسرائيليا».
حماس ستواصل المقاومة
تسبّبت الحرب بتفاقم التوترات في الضفة الغربية المحتلة، وكذلك على المستوى الإقليمي بين إسرائيل وحلفائها من جهة، وإيران الداعمة لحماس ومجموعات أخرى، لكن الهدف الإسرائيلي المعلن بالقضاء على المقاومة الفلسطينية لم يتحقق بعد.
ويستبعد الباحث المصري د.عمرو هاشم ربيع استنزاف الحرب في غزة للمخزون العسكري لفصائل المقاومة الفلسطينية، قائلا: «إسرائيل تواجه مدينتين إحداهما تحت الأرض فضلا عن حالة التصنيع المحلي المتواصل للأسلحة والصواريخ والقنابل من قبل حركة المقاومة ما يعني أن إسرائيل ستتكبد خسائر يومية في قواتها».
وعن الانسحاب الإسرائيلي من شمال شرق غزة، علقت الدكتورة تمارا حداد: «إسرائيل انسحبت من شمال شرق غزة لكن تموضعت حولها ومازالت في المنطقة الوسطى وعززت حصارها لخان يونس»، لافتة إلى أن انسحابها «تكتيكي» للبدء في المرحلة الثالثة حال فشل الهدنة وهي الدخول لرفح رغم معضلة النازحين الفلسطينيين ومن ثم محور فيلادلفيا لإعادة احتلاله».
وتابعت حداد «المقاومة تصد حتى اللحظة من خلال خروجها من الأنفاق رغم محاولات الاحتلال في قتل كوادرها وقصف مواقع المقاومة واستخدام سياسية التجويع الممنهجة للضغط عليهم للموافقة على ترسيخ هدنة بأقل المكتسبات السياسية».
اقرأ ايضا
قطر تعلن آخر مواقف حماس من مقترح «هدنة غزة»
إعلام عبري: اتفاق مصري إسرائيلي بشأن ترتيبات «حدودية» مع غزة