رفح تنتظر هدنة مع المجازر «بفارغ الصبر».. ماذا يقول النازحون؟ (فيديو وصور)
بعدما ضاقت مدينة رفح بمن تأويهم من نازحين، يتصيد الفلسطينيون أي خبر عن قرب التوصل لاتفاق تهدئة يبعد عنهم شبح وصول العمليات العسكرية الإسرائيلية إلى المنطقة.
نزح إلى تلك المدينة المنكوبة أكثر من نصف سكان قطاع غزة أصبحت تحتضن 1.3 مليون من أصل ما يقرب من 2.3 مليون هو عدد سكان القطاع وفق إحصائيات الأمم المتحدة.
هناك يشعر الناس بثقل الهواء الذي يحمل في طياته رائحة الدم والنار والخوف، وفي تلك المدينة الواقعة على الحدود المصرية يتكدس الناس في آخر منطقة للنزوح داخل أراضي غزة ويتحدثون بلغة العيون، لا من فقر في الكلمات التي تعبر عنهم، ولا من خوف في الأصوات التي تنطق بهم، بل من حال وصل إليه النازحون بعد نحو أربعة أشهر من الحرب، فأصبحت عيونهم تروي واقعهم بعدما باتوا يعيشون على هامش الحياة.
الركن المهمش من العالم
في رفح، التي قال عنها النازح جمال حمد إنها «الركن المهمش من العالم»، يحلم البشر بالأمان وينتظرون بشغف لحظة الإعلان رسميا عن اتفاق تهدئة حتى لو كان مؤقتا يبعد عنهم سيف المعارك البرية التي لن تكون بالنسبة للنازحين كما كان عليه الحال في مناطق شمال غزة ووسطها وخان يونس في جنوبها، فمع تصاعد وتيرة العمليات البرية في تلك المناطق، كان الناس هناك ينزحون تباعا إلى رفح.
وقال حمد لوكالة أنباء العالم العربي وصول العمليات البرية إلى رفح يعني وقوع كارثتين، الأولى هي ارتفاع معدلات القتل بشكل كبير في ظل نزوح نصف سكان القطاع إلى هنا، والثانية هو تحرك النازحين باتجاه الأراضي المصرية وهو المخطط الذي أصبح الناس على قناعة بأن إسرائيل تريد تطبيقه».
وأضاف حمد الذي نزح من شمال غزة إلى وسطها ثم إلى خان يونس وبعدها استقر به المطاف داخل خيمة في رفح «الناس هنا رغم الجوع والبرد والعراء يهمها شيء واحد، وهو أن يبقى الاجتياح البري بعيدا عن رفح لأن المعادلة فيها مختلفة تماما».
وقالت الأمم المتحدة الأسبوع الماضي إن عمال الإنقاذ لم يعد بوسعهم الوصول إلى المرضى والمصابين في خان يونس، وإن احتمال وصول القتال إلى رفح أمر لا يمكن تصوره. وكان وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت قال يوم الخميس خلال اجتماع مع جنود شاركوا في العمليات العسكرية في خان يونس إن القوات الإسرائيلية ستصل إلى مدينة رفح «للقضاء على نشطاء حركة حماس هناك".
ورفح إحدى المناطق القليلة التي لم يقتحمها جيش الاحتلال الإسرائيلي في الحرب المستمرة منذ أربعة أشهر. ويعتقد الجيش الإسرائيلي أن رفح هي جوهر كسب المعركة، وتحدث مسؤولون إسرائيليون مرارا عن الحاجة إلى تدمير الأنفاق في رفح كونها منطقة حدودية وتعتبر المسار الرئيسي لعبور الأسلحة إلى كل أنحاء قطاع غزة.
وقال تلفزيون (آي 24 نيوز) الإسرائيلي يوم الجمعة إن غالانت يروج لبناء جدار تحت الأرض على طول محور فيلادلفيا، وهو شريط ضيق يفصل بين مصر وقطاع غزة داخل الأراضي الفلسطينية، بهدف القضاء على الأنفاق.
واندلعت الحرب في قطاع غزة في أعقاب الهجوم الذي شنته حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في السابع من أكتوبر تشرين الأول على بلدات إسرائيلية متاخمة للقطاع مما أسفر عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 253 رهينة وفقا للإحصاءات الإسرائيلية.
وسقط أكثر من 27 ألف شهيد فلسطيني في قطاع غزة بينهم 127 في آخر 24 ساعة، بحسب وزارة الصحة في غزة.
لا أمل سوى وقف إطلاق النار
النازحة آمنة بشير التي انتهى بها المطاف مع ثمانية من أبنائها في خيمة مصنوعة من البلاستيك في رفح تقول إن الناس استبشرت خيرا بعد الأنباء التي تم تداولها بشأن قرب التوصل لاتفاق تهدئة. ولا ترى آمنة أي أمل آخر للنجاة سوى وقف إطلاق النار وعدم وصول الحرب إلى رفح.
وأضافت «نزحت بأبنائي إلى هناك (رفح)، وبصعوبة عثرنا على قطع بلاستيكية نصبنا منها خيمة، تمزق جزء منها بفعل الرياح والمطر، لسنا مستعدين لنزوح جديد خارج غزة، كلنا أمل أن يحصل وقف لإطلاق النار وينتهي هذا الكابوس».
وينتظر وسطاء من مصر وقطر رد حماس على اقتراح لأول هدنة طويلة في الحرب. ولم تهدأ الهجمات الإسرائيلية على القطاع إلا لأسبوع واحد في أواخر نوفمبر بفضل اتفاق هدنة أفرجت حماس بموجبه عن أكثر من 100 امرأة وطفل كانت تحتجزهم منذ هجوم السابع من أكتوبر تشرين الأول، مقابل إفراج إسرائيل عن 240 امرأة وقاصرا في سجونها.
وقال مسؤولون فلسطينيون إن الاقتراح الجديد ينقسم إلى ثلاث مراحل، تتضمن المرحلة الأولى هدنة لمدة 40 يوما تطلق حماس خلالها سراح الرهائن المتبقين من المدنيين، بينما تتضمن المرحلتان الثانية والثالثة إطلاق سراح العسكريين وتسليم جثث الرهائن القتلى.
لكن عمر جعارة، الباحث في الشؤون الإسرائيلية، يعتقد أن إسرائيل لا تريد وقف الحرب. وقال جعارة لوكالة أنباء العالم العربي «إسرائيل تريد إكمال عملياتها العسكرية، بما في ذلك العمليات البرية بعد انتهاء الهدنة المؤقتة.. .ولاحظنا الكثير من التصريحات الإسرائيلية بشأن محور فيلادلفيا رغم المعارضة المصرية لأي عمل عسكري إسرائيلي هناك».
وذكر المتحدث باسم حركة فتح عبد الفتاح دولة في بيان أمس السبت أن ما يجري من مخطط ضد رفح «بالغ الخطورة». وأضاف دولة «إسرائيل تخطط لتغيير مكان معبر رفح وهذا يشير لاستهداف قادم لرفح، والمضي في مخطط التهجير».
وتابع قائلا «أهداف الاحتلال غير المعلنة أشد خطورة مما يظهر في العلن، فالعدوان المتواصل على قطاع غزة يسعى لسيطرة كاملة على القطاع عبر فصله وإقامة منطقة عازلة على طول القطاع، والسيطرة على محور صلاح الدين (فيلادلفيا)».
وحذر المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك من خطورة التصريحات الإسرائيلية بشأن عملية عسكرية وشيكة في رفح. وقال تورك على منصة إكس إن هذه التصريحات «تدق ناقوس الخطر بشأن وقوع أعداد كبيرة من الضحايا، ومزيد من النزوح لأكثر من 1.5 مليون فلسطيني أمرهم الجيش الإسرائيلي بالتوجه إلى رفح سابقا".
ويعتقد المحلل السياسي سامر عنبتاوي أن اتفاق التهدئة لم يكتمل بعد وأن الصيغة المطروحة حتى هذه اللحظة لا ترضي الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حماس. وقال عنبتاوي لوكالة أنباء العالم العربي «يتطلع إليه الفلسطينيون من تهدئة لم ينضج بعد بالشكل الذي تتطلع إليه المقاومة التي تمتلك الورقة القوية وهي الأسرى الإسرائيليين ولا تريد أن تفرط بهذه الورقة فتفقد مصدر القوة».
اقرأ المزيد:
«الحشد الشعبي» يحذر أميركا من «اللعب بالنار» (فيديو)
«أفسدوا ما يكفي».. نجيب ساويرس يتهكم على الضربات الأميركية في سوريا والعراق