مصر تغزل الدولار من الحرير
في ظل البحث عن طرق جديدة لتوفير العملة الأجنبية، تخطط الحكومة المصرية لزيادة الإنتاج السنوي من الحرير لتوفير كميات للتصدير لزيادة الحصيلة الدولارية، حيث تواجه السوق المحلية أزمة شح الدولار، تحاول السيطرة عليها بطرق مصرفية.
الحكومة المصرية تبحث عن حلول لأزمة الدولار
وخلال الأشهر الماضية لجأت الحكومة المصرية إلى طرق مصرفية لمواجهة الارتفاع المتواصل لسعر الدولار في السوق الموازية، بعدما كسر حاجز 70 جنيها، مقابل 30 جنيها في السوق الرسمية.
ومن ضمن الإجراءات التي أقدمت عليها السلطات المصرية رفع سعر الفائدة 2% الأسبوع الماضي، ما أدى إلى تراجع سعر الدولار في السوق الموازية لحوالي 55 جنيها، لكن خبراء يعتقدون أن تلك الخطوات مسكنات مؤقتة في ظل غياب مورد ثابت للعملة الأجنبية.
من أجل ذلك، كشفت الحكومة اليوم الثلاثاء عن خطة لتوطين الحرير في صعيد مصر، خاصةً بمحافظات (الوادي الجديد، وسوهاج، وقنا)، لإنتاج 100 طن من الحرير سنويًا، بما يُسهم في توفير احتياجات السوق المحلية وتصدير الفائض إلى الأسواق الخارجية.
وتمتاز مصر بصناعة الحرير، ما دفعها لإطلاق مشروع مزرعة التوت بمحافظة قنا وهو أول مشروع متكامل لصناعة الحرير في البلاد، بداية من زراعة أشجار التوت، وصولًا إلى إنتاج المنسوجات الحريرية والسجاد.
توطين صناعة الحرير في مصر
وعقد رئيس الحكومة مصطفى مدبولي اجتماعا موسعا اليوم الثلاثاء لاستعراض الجهود المبذولة لتوطين صناعة الحرير في مصر، بحضور وزراء الزراعة السيد القصير، والتنمية المحلية اللواء هشام آمنة، وقطاع الأعمال العام المهندس محمود عصمت، والتجارة والصناعة أحمد سمير، ومحافظ الوادي الجديد اللواء محمد الزملوط، والرئيس التنفيذي لجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر باسل رحمي.
واستعرض الاجتماع الجهود التي تبذلها الحكومة المصرية لتوطين مختلف الصناعات التي تحقق قيمة مضافة، بما يُسهم في زيادة الصادرات، واستعرض مراحل إنتاج صناعة الحرير وأساليب التطوير المقترحة لزراعة أشجار التوت وتربية دودة الحرير، كما تطرق الوزير إلى التحديات ذات الصلة، والحلول المقترحة.
وفى هذا الإطار، أشار وزير التنمية المحلية إلى عدة مقترحات تضمنت إعداد دراسة تهدف الي تحديد أصناف السلالات المتوافقة مع طبيعة المناخ بالمناطق الجغرافية بمحافظات الجمهورية، وإقامة الحقول الارشادية لتلك السلالات، وتشجيع القطاع الأهلي والخاص على تربية السلالات المعتمدة.
وتحدث وزير الزراعة واستصلاح الأراضي عن زراعة 100 فدان من شجر التوت في الوادي الجديد و50 فداناً بغرب قنا، مقترحا أن يكون هناك تمويل ميسر لمثل هذه المشروعات. وجرى تنفيذ 17 مشروعًا من المستثمرين في إطار مبادرة الحرير، تضمنت زراعة 322 فداناً، و9 صوب زراعية، إلى جانب تجهيز 19 معملاً متخصصًا.
مصر احتلت لعقود مراكز متقدمة في صناعة الحرير الطبيعي بعد دخولها على يد محمد علي باشا
يذكر أن مصر احتلت لعقود مراكز متقدمة في صناعة الحرير الطبيعي بعد دخولها على يد محمد علي باشا، والذي خصص لها ميزانية ضخمة، على غرار دول أوروبا، وأدخَل أشجار التوت في كافة المديريات الزراعية، وفي العام الثاني لدخول هذه الصناعة لمصر أنتجت إنتاجًا يفوق الصين، والتي كان الحرير مكتشفًا بها منذ 3 آلاف عام، وعندما دخل مصر كان إنتاجها أعلى مما أنتجته الصين ذاتها.
وتهدف مبادرة الحرير إلى إعادة إحياء إنتاج وتصنيع الحرير الطبيعي بمحافظة الوادي الجديد، والتوسع في زراعة أشجار التوت وإنتاج الحرير الطبيعي، فضلًا عن إحياء المشاريع الشبابية لإنتاج الحرير، واحتياجات السوق المحلي من الحرير، والقيمة المضافة لصناعة الحرير الطبيعي، وتدوير مخلفات ديدان الحرير، وزيادة كمية المنتج بالجودة العالية والأسعار المناسبة، مما يوفر فرص عمل للشباب وتحسين دخولهم، ويعد هذا المشروع تنمويًا، حيث يحقق التنمية بهدف تقليل فاتورة الاستيراد، وتحقيق قيمة مضافة.
أكبر مزرعة لإنتاج الحرير الطبيعي في الشرق الأوسط
ودشنت مصر «واحة الحرير»، وهي مشروع زراعي صناعي سكني عملاق، يقوم على زراعة شجر التوت الهندي وإنتاج الحرير الطبيعي في أكبر مزرعة لإنتاج الحرير الطبيعي في الشرق الأوسط على مساحة ستصل إلى 9 آلاف فدان بحلول عام 2030، في محافظة الوادي الجديد، وسيعمل في هذا المشروع العملاق 5 آلاف فرد، وسيغطي الاحتياج المصري من الحرير، ويتم تصدير الباقي لتصبح مصر في المرتبة الثالثة على العالم في إنتاج الحرير الطبيعي بعد الصين والهند.
يذكر أن صناعة الحرير من الصناعات التي تحقق أرباحًا عالية تصل إلى 8 أضعاف المادة الخام، وتكمن جدواه الاقتصادية في أن علبة البيض الواحدة تنتج 10 صفائح من شرانق الحرير، وتباع الصفيحة الواحدة بمبلغ 200 جنيه، ليصل إجمالي ما تحققه العلبة الواحدة إلى 2000 جنيه، يخصم منها 700 جنيه قيمة استهلاك الأدوات وثمن علبة البيض، ليصل صافي الأرباح من العلبة الواحدة إلى 1300 جنيه خلال دورة لا تتجاوز 35 يومًا.