خليجيون| «قوارب الموت» تفاقم أزمات تونس
فاقمت مشكلة الهجرة غير النظامية أزمات تونس السياسية والاقتصادية، لتشكل هاجسا مخيفا أمام الدولة، بجانب تأثر سمعتها الدولية مع زيادة عدد الوفيات في مراكب الموت،
وفق منظمة حقوقية تونسية يوم الثلاثاء بلغ عدد المهاجرين الذين لقوا حتفهم أو فُقدوا قبالة السواحل التونسية العام الماضي 1313 شخصا، وهو رقم غير مسبوق، مما يسلط الضوء على تفاقم أزمة المهاجرين في تونس.
ويمثل هذا العدد نحو 75% من إجمالي عدد الوفيات أو المفقودين قبالة سواحل إيطاليا وليبيا ومالطا، وفقما نقلت وكالة رويترز عن رمضان بن عمر المسؤول بالمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
منصات الفارين من الفقر للموت
وحلت تونس محل ليبيا كمنصة انطلاق رئيسية للفارين من الفقر والصراع في دول من أفريقيا والشرق الأوسط بحثا عن حياة أفضل في أوروبا.
وتشير الباحثة المصرية وأستاذة علم الاجتماع د.سارة جميل إلى أن أسباب الهجرة غير النظامية في كل الدول الطاردة للمهاجرين تكاد تكون واحدة.
وحتي مع دراية المهاجرين بخطورة رحلات الهجرة غير النظامية، ومنها الموت المحتم في عرض البحر، تفصل جميل في تصريح لـ«خليجيون» بالقول إن «الفرار من الصراعات والحروب هو أول وأقوى أسباب الهروب إلى الخارج».
وهناك أسباب أخرى لرحلات الموت في البحر المتوسط منها «الفقر والأوضاع الاقتصادية الصعبة، وفقد أو ضعف الولاء في الأوطان الأصلية، التي تسيطر عليهاميلشيات مسلحة أو حتى طوائف سياسية متناحرة».
وشهدت تونس كوارث غرق متكررة لقوارب متهالكة قبالة سواحلها بينما كانت تغص بمهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء على أمل الوصول إلى إيطاليا. ومع تحسن الأحوال الجوية منذ الشهر الماضي، ارتفع بشكل واضح تدفق المهاجرين بمن فيهم التونسيون، في قوارب باتجاه إيطاليا.
من جهته، يرى الدكتور عمرو صالح أستاذ الاقتصاد السياسي أن العامل الاقتصادي هو الدافع الأهم وراء تزايد أعداد الهجرة، ويقول: «الشباب يريد تحقيق حلمه في الثروة وحياة الرفاهية في بلاد تحكمها الحرية والانفتاح».
ويضيف أستاذ الاقتصاد لـ«خليجيون» أن «هناك فئات أيضا تهاجر بطريقة نظامية بسبب الرغبة في تحقيق حياة أفضل عن طريق الحصول على فرص تعليم أو وظيفة بجانب عامل الأمان الذي لايراه في بلاد».
وبلفت أن «عامل الأمان متعدد الأوجه سياسيا واقتصاديا و اجتماعيا وطائفيا وأية فئة من هؤلاء تشعر بالخطر تفكر في الهجرة غير النظامية، لأسباب مادية، كأن لايملك ثمن تذكرة السفر أو ليس لديه أوراق للسفر أو موانع أخرى فيلجأ للوسيلة الأخطر».
وفي أقل من شهر واحد هذا العام، فُقد أو مات حوالي 100 مهاجر قبالة السواحل التونسية. وتواجه تونس ضغوطا قوية من الدول الأوروبية لكبح موجة الهجرة عبر قوارب تصل بشكل مستمر للسواحل الإيطالية.
مأساة الموت الاجباري
وتحوّل البحر الأبيض المتوسط خلال السنوت الأخيرة، إلى مقبرة لأحلام من حاولوا عبوره إلى أوروبا، ولم تيأس القوارب غير النظامية رغم محاولات وقف هذه الظاهرة.
مقبرة تراها سارة جميل سوف «تستمر مفتوحة مادامت الأسباب مستمرة»، بل وتوقعت استمرار القفزات في أعداد المهاجرين
بسبب كثرة الحروب والنزاعات وما نتج عنها من أزمات اقتصادية وارتفاع أسعار الغذاء والغلاء، خاصة في دول القارة الأفريقية التي تعاني من المجاعات والحروب والأوضاع الاقتصادية الصعبة».
وقالت المنظمة الدولية للهجرة، إن نحو ألفي شخص لقوا حتفهم غرقا في المتوسط خلال النصف الأول من العام الماضي، لقي، مقارنة بنحو 1400 في الفترة نفسها من العام 2022.
أرقام مخيفة.. وإيطاليا الأكثر استقبالا
شهدت إيطاليا على وجه الخصوص زيادة كبيرة في عدد المهاجرين، مع استقبالها أكثر من 60 ألفا حتى الآن، العام 2022، مقارنة بأقل من 27 ألفا العام الماضي.
تقدر المنظمة الدولية للهجرة أن إجمالي المهاجرين عن طريق المتوسط إلى أوروبا المتوسطية، وصل إلى أكثر من 82 ألفا هذا العام.
لكن في الإجمال، سُجل أكثر من 20 ألف وفاة منذ عام 2014، على طول الطريق البحري الخطير بين شمال إفريقيا والشواطئ الجنوبية لأوروبا.
منذ عام 2015، تم إنقاذ نحو 300 ألف شخص أثناء محاولتهم العبور عبر البحر الأبيض المتوسط، وفق وكالة الحدود وخفر السواحل الأوروبية.
نقطتا الانطلاق
تعد تونس وليبيا نقطتا الانطلاق الرئيسيتين لزوارق الهجرة غير الشرعية، عبر المتوسط، فيما تشكل إيطاليا وجزرها، واليونان وجزرها نقاط الوصول الرئيسية.
ويقول مراقبون إن حرب أوكرانيا أوكرانيا شتتت أنظار العالم عن زوارق المهاجرين غير الشرعيين إلى أوروبا، لكن عودة الأرقام إلى الارتفاع خلال هذا العام، لأول مرة منذ عام 2017، دفعت الدول المتأثرة لدق ناقوس الخطر. وفق تقارير دولية.
عرض أوروبي لتونس
وفي يوليو الماضي، وقعت تونس مذكرة تفاهم مع الاتحاد الأوروبي تهدف بصورة جزئية إلى الحد من الهجرة غير الشرعية.
وشمل اتفاق «الشراكة الاستراتيجية» مجالات أخرى من بينها التنمية الاقتصادية والطاقة المتجددة.
وعقب الإعلان عن الاتفاق، الذي وُقّع في تونس، تعهدت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، بتعزيز ورفع مستوى التعاون في إدارة الحدود وعمليات البحث والإنقاذ.
اقرأ المزيد:
شاهد| «النهضة» تعلن موقفها من الترشح للرئاسة التونسيةشاهد| «مطعم الحب» ملاذ المشردين في تونس