صندوق أسرار مصر.. صانع رأفت الهجان تلاعب بإسرائيل
كشفت الوثائق السرية للجيش المصري حول كواليس حرب أكتوبر عن جوانب مثيرة للغاية بشأن وحدة سرية جرى تشكيلها آنذاك تحت مسمى وحدة الخداع الاستراتيجي، والتي تشكلت من وزارات الدفاع والخارجية والإعلام.
خطة الخداع الاستراتيجي
جاء ذلك في خطاب «سري للغاية»، نشرته وزارة الدفاع المصرية عبر موقعها الإلكتروني، بشأن تنفيذ توجيهات الرئيس المصري آنذاك لوضع خطة خداعية للإعلام.
ويفيد الخطاب بأن وزارة الحربية وضعت خطة للخداع العسكري، ورأت إشراك وزارتي الخارجية والإعلام في تنفيذها، حيث ضمت اللجنة في عضويتها كلا من: اللواء عبد الغني الجمسي نائب رئيس أركان حرب ورئيسي هيئة عمليات القوات المسلحة، واللواء فؤاد نصار مدير المخابرات الحربية كممثلين عن وزارة الحربية، بالإضافة إلى السفير حسن بلبل وكيل وزارة الخارجية، والوزير المفوض عز الدين رفعت المستشار السياسي لوزير الإعلام.
الملفات السرية المفرج عنها
دهاء صانع رأفت الهجان
اللافت في تشكيل اللجنة، أنها ضمت أحد صُنَّاع رفعت الجمال، المعروف حركيًا باسم «رأفت الهجان»، الذي يبقى واحدًا من الشخصيات المهمة في تاريخ جهاز المخابرات المصرية الذي اخترق العمق الاستخباراتي لإسرائيل.
انتقل «رأفت الهجان» إلى إسرائيل بتكليف من المخابرات المصرية في إطار خطة عام 1956 وتمكن من الانتشار سريعًا وإقامة مصالح تجارية واستثمارات، حتى أصبح شخصية بارزة في المجتمع الإسرائيلي، وقام بإمداد المخابرات المصري بمعلومات مهمة تحت ستار شركة سياحية داخل إسرائيل، حيث زود بلاده بمعلومات خطيرة منها موعد حرب يونيو 1967 والإعداد لحرب أكتوبر 1973 بعد أن زود مصر بتفاصيل عن خط برليف.
خطة الخداع الاستراتيجي تولاها أحد الدواهي، وهو السفير حسن بلبل الذي شارك في تأسيس جهاز المخابرات، وكان أحد مدربي وصانعي «رأفت الهجان»، وهو استدعاء موفق من الإدارة السياسية المصرية آنذاك.
اقرأ أيضًا: «خليجيون» تفتش وراء ألاعيب «إعلام الموساد».. من نكسة 67 إلى حرب غزة
وتشير الروايات التاريخية إلى أن اثنين من أكثر الشخصيات تأثيرًا وتأهيلاً لرأفت الهجان، هما السفير حسن بلبل، واللواء عبد المحسن فائق، وهو أحد الضباط الأحرار والذي عمل وكيلاً لوزارة التموين بعد تركه العمل المخابراتي في نهاية ثمانينات القرن الماضي.
مصر تتلاعب بإسرائيل إعلاميا
تشير الوثائق السرية إلى أن الغرض من الخداع يتمثل في تضليل العدو عن النوايا الهجومية لمصر وإخفاء خطتها وتحقيق المفاجأة. المعلومات المفرج عنها تشير إلى أن مصر خططت لتضليل إسرائيل عن نواياها وإيهامها أنها لا زالت تسعى وراء الحل السلمي، بالإضافة إلى تضليل العدو عن توقيت بدء العملية الهجومية، وارتباط بدء المعركة بإحياء الجبهة الشرقية، وإبراز أن إسرائيل هي البادئ بالعدوان مع بداية المعركة، وأن القوات المصرية تقوم بالرد.
كانت الإدارة المصرية تقرأ بشكل جيد الكواليس الجارية في إسرائيل، حيث تنص الخطة الاستراتيجية للخداع على محاولة إزالة فكرة تدور في أذهان إسرائيل حول توقعها حربا جديدة خلال عام 1973م.
واحدة من الخطوات التي تكشف حجم الدراية الجيدة التي يتمتع بها أفراد لجنة الخداع الاستراتيجي الإشارة إلى محاولة استغلال طبيعة الشعب العربي وما يتصف به من عدم المحافظة على السرية وعدم الاحتفاظ بما يصله من معلومات، من خلال سرعة نشر المعلومات المخادعة المطب إذاعتها وفقا لخطط الخداع الموضوعة.
وأفرجت مصر لأول مرة عن وثائق جديدة وبخط يد قادة الجيش بعد مرور أكثر من 50 عاما على حرب أكتوبر، وجاءت متسلسلة عبر الموقع الإلكتروني لوزارة الدفاع المصرية.
اقرأ أيضًا: الرئيس السيسي: رفض المصريين للهزيمة في حرب أكتوبر أدهش الإسرائيليين
وقالت وزارة الدفاع إن الإعلام المصري عامةً والعسكري خاصةً لعب دورًا مهمًا في مجال الإعداد والتخطيط لحرب أكتوبر1973م، ليكون مختلفًا تمامًا عن الوضع الذي كان عليه الإعلام خلال حرب يونيو 1967م، حيث خرج الإعلام المصري إلى نطاق التأثير الإقليمي والدولي وتوجه نشاطه لكشف النوايا الإسرائيلية والتحم بالأحداث العربية والعالمية.
وتشير الوزارة إلى أن الإعلام اكتسب ثقة الشعب المصري بمصداقيته، خاصهً أثناء حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر 1973م، رغم أنه لم يتمكن من تغطيتها مباشرة بسبب حرص القيادة المصرية على تحقيق السرية وعدم كشف نيه الهجوم يوم السادس من أكتوبر.