لعنة حرب غزة تشل الاقتصاد الإسرائيلي
أصاب الشلل جوانب حيوية في اقتصاد الاحتلال الإسرائيلي مع استمرار العدوان على غزة منذ أكتوبر الماضي، إذ شهدت البلاد نقصا هائلا في العمالة وانهيار صناعة السياحة منذ اندلاع الحرب، ترافقت مع أرقام سلبية من هيئات ومؤسسات دولية.
وسجل الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل انكماشا بنحو الخمس في الربع الأخير من عام 2023، وفقا لأرقام رسمية لمكتب الإحصاء الإسرائيلي المركزي نشرت هذا الأسبوع، مقارنة بالأشهر الثلاثة السابقة.ويعزى الانخفاض بنسبة 19.4% في الربع الأخير إلى حجم تأثير الحرب المستمرة في غزة على اقتصاد الدولة ذات التقنية العالية.
وبشكل عام، نما الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل بنسبة 2% في عام 2023، وهو أقل من توقعات بنك إسرائيل البالغة 2.3%، بعدما اندلع العدوان المستمر منذ السابع من أكتوبر، بحسب ما أظهرت أرقام مكتب الاحصاء المركزي.
وكان الربع الاخير للعام 2023 الأسوأ بالنسبة للاقتصاد الإسرائيلي من حيث إجمالي الناتج المحلي للفرد، وذلك منذ الربع الأول لجائحة كوفيد في أوائل عام 2020، وفق وكالة فرانس برس.
وانخفضت الصادرات بنسبة 18.3%، كما انخفضت الواردات بنسبة 42.4% ويرجع ذلك جزئيا إلى قيام شركات الطيران بإلغاء رحلاتها وتجنب الشحن الدولي عبور البحر الأحمر بعد أن بدأ المتمردون الحوثيون بمهاجمة السفن بسبب حرب إسرائيل على حماس.
وكشف محافظ المصرف المركزي الاسرائيلي امير يارون على موقع البنك في 14 يناير الماضي ان نفقات اسرائيل نتيجة المجهود الحربي بين العامين 2023 و2025 ستصل الى نحو 220 مليار شيكل اي 58.3 مليار دولار، ويجب أن يضاف إلى هذا التقدير فقدان الدخل بسبب آثار الحرب.
خفض التصنيف الائتمائي في إسرائيل
في العاشر من الشهر الجاري، خفّضت وكالة «موديز» الأميركيّة التصنيف الائتماني لإسرائيل بدرجة واحدة، من A1 إلى A2، بسبب تأثير النزاع المستمرّ الذي تخوضه ضد حركة حماس في قطاع غزة.
وعزت موديز ذلك في بيان الى تقييم بيّن أنّ «النزاع العسكري المستمرّ مع حماس وتداعياته وعواقبه الأوسع نطاقا يزيد بشكل ملموس المخاطر السياسيّة لإسرائيل ويُضعف أيضا مؤسّساتها التنفيذيّة والتشريعيّة وقوّتها الماليّة في المستقبل المنظور». وهي المرة الأولى تشهد فيها إسرائيل خفضا في تصنيفها على المدى الطويل، وفقا لبلومبرغ.
كذلك، خفّضت وكالة موديز توقّعاتها لديون إسرائيل إلى "سلبيّة" بسبب "خطر التصعيد" مع حزب الله اللبناني على طول حدودها الشماليّة. وأرفقت موديز تصنيفها بنظرة مستقبليّة سلبيّة، ما يشير إلى أنها تتوقّع مزيدا من الانخفاض في المدى القريب.
واستدعى جيش الاحتلال الإسرائيلي أكثر من 300 ألف جندي احتياط في الأيام التي تلت السابع من اكتوبر، ومنعت الحكومة على الفور دخول ما لا يقل عن 160 ألف عامل فلسطيني يشكلون جزءًا كبيرًا من القوى العاملة في البناء والزراعة.
شلل في قطاع العقارات الإسرائيلي
كان بديهيا أن يصاب قطاع البناء والعقارات في إسرائيل بشلل تام منذ اندلاع الحرب في قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي، مع تعليق تصاريح العمل للفلسطينيين من الضفة الغربية إلى إشعار آخر. وتسبب هذا الإجراء في خسائر فادحة لشركات البناء والعقارات إلى جانب تفاقم البطالة في الجانب الفلسطيني.
ارز تسمحوني، مقاول بناء إسرائيلي أشار إلى توقف كل شئ في مجال عمله منذ اندلاع الحرب. وقال «نحن مرتبطون بالأيدي العاملة وتحديدا من المناطق الفلسطينية وليس هذا فقط، إنما في مجال الزراعة نحن في وضع سئ بسبب عدم وجود عمال، والحديث عن عمال من تايلاند وفيتنام والهند" وتمنى "نأمل ان تنتهي الحرب حتى نتعافى»، وفق وكالة أنباء العالم العربي.
وعلق عساف أديب، رئيس نقابة العمال الإسرائيلية "معا" التي تضم عمالا إسرائيليين وفلسطينيين مشيرا إلى أن أزمة قطاع البناء سوف تسبب تأخير تسليم الشقق السكنية بسبب «غياب العمال الفلسطينيين الذين يشكلون عمودا فقريا للفرع».
وأضاف «هذا يخلق خللا كبيرا في الاقتصاد الإسرائيلي. القروض السكنية تشكل 40 في المئة من سوق المال في إسرائيل، وفي حالة الشلل والخلل في فرع البناء قد تكون هناك نتائج سلبية جدا من ارتفاع الأسعار إلى النقص في الشقق».
معضلة العمال الفلسطينيين
ولا يري أديب مفرا من عودة العمال الفلسطينيين، قائلا «حسب رأيي لا مفر، لا من ناحية الاقتصاد الإسرائيلي، ولا من ناحية الوضع الأمني والإنساني للعمال الفلسطينيين، أن يكون هناك قرار بعودة العمال الفلسطينيين إلى عملهم في إسرائيل»، حسب وكالة أنباء العالم العربي.
كما أكد أديب أن قرار عودة العمال يجب اتخاذه قبل بداية شهر رمضان، وقال «ليس من الممكن أن تستمر الحكومة الإسرائيلية في التردد وعدم اتخاذ القرار، هذا ضروري لأسباب تتعلق بالحفاظ على نوع من الاستقرار في الضفة الغربية، الحياة الإنسانية والوضع الإنساني للفلسطينيين، وأيضا له علاقة بأزمة السكن في إسرائيل وأزمة فرع البناء في إسرائيل».
اقرأ المزيد:
«سابقة مشينة».. مصر توجه انتقادا عنيفا لـ«فيتو أميركا» بمجلس الأمن