خليجيون| شكوك في جدية انسحاب الميليشيات من العاصمة الليبية
شكك مراقبون في جدية إعلان حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة في غرب ليبيا عن موافقة الفصائل المسلحة على الانسحاب من نقاط تفتيش تقيمها ووقف دورياتها في الشوارع خلال الأسابيع المقبلة.
وأعلن وزير الداخلية عماد الطرابلسي أمس الأربعاء أن الفصائل المسلحة الرئيسية التي تنشط في طرابلس وافقت على سحب قواتها قبل نهاية شهر رمضان، أي قبل العاشر من أبريل تقريبا.
ويقول المحلل السياسي الليبي محمدمحفوظ في تصريح إلى «خليجيون» إن «كلمة (انسحاب) غير دقيقة حتى لو ذكرت في سياق حديث الطرابلسي»، ويوضح «هذه الفصائل تتمركز في العاصمة طرابلس، ومن المستحيل أن تنسحب ببساطة، ربما يجري الحديث عن عدم انتشارها في بوابات وحواجز عسكرية، وتبقى في مقراتها، لتقتصر عملية التأمين على الشرطة والأجهزة التابعة لوزارة الداخلية».
يتنافس عدد كبير من التشكيلات المسلحة على مواقع في طرابلس منذ ثورة فبراير 2011 التي أطاحت بمعمر القذافي بعد حكم استمر طويلا وتلتها سنوات من الفوضى والحرب وانعدام الأمن.
تشكيلات مسلحة في العاصمة الليبية
ورصدت وكالة رويترز استمرار ظهور التشكيلات المسلحة الكبرى في شوارع العاصمة الليبية طرابلس اليوم الخميس. وقال الطرابلسي إن الخطة «معقدة» بعض الشئ، مضيفا »كل آمري الأجهزة الأمنية في طرابلس أبدوا استعدادهم لدعم مديريات الأمن وعمل وزارة الداخلية».
ويأتي هذا الإعلان عقب أيام قليلة من مقتل 10 أشخاص بينهم عناصر من مجموعات مسلحة في بلدية أبو سليم في طرابلس. وندّدت الأمم المتحدة بالواقعة، وطالبت بإجراء تحقيق.
وبلدية أبو سليم هي معقل عبد الغني الككلي، قائد مجموعة مسلحة بارزة هي جهاز دعم الاستقرار، الذي أنشأه المجلس الرئاسي السابق مطلع العام 2021.
لكن حتى لو أصبحت الفصائل المسلحة أقل ظهورا في الشوارع، فإن أي انسحاب حقيقي يُنظر إليه على أنه أمر مستبعد حدوثه دون اتفاقات أوسع نطاقا بشأن مستقبل ليبيا السياسي على المدى الطويل، حسب رويترز.
تحتفظ معظم الفصائل الكبرى في طرابلس بقواعد داخل المدينة، وكانت تخوض بشكل متكرر في السنوات الأخيرة موجات قتال دامية في الشوارع، والتي كانت أحيانا ما تكون راجعة إلى نزاعات محلية وإلى حالة الانقسام في المشهد السياسي الليبي في أحيان أخرى.
وكثيرا ما تجوب قوافل طويلة من المركبات العسكرية المحملة بأسلحة ثقيلة الشوارع الرئيسية في وسط طرابلس، وتقيم نقاط تفتيش عند التقاطعات المرورية، وتندلع في بعض الأحيان معارك بالأسلحة النارية بين القوات المتنافسة.
وصارت معظم الفصائل الكبرى تتمتع بوضع إما رسمي أو شبه رسمي بميزانية من الحكومة، وذكر الطرابلسي عددا من أقوى الفصائل التي وافقت على سحب قواتها. وأضاف أن وحدات مدنية من بينها الشرطة ستحافظ على وجودها في الشوارع.
مجموعات مسلحة تستحوذ على ليبيا
وفي أغسطس الماضي، خلصت ورقة بحثية نشرها المعهد الألماني للدراسات الدولية والأمنية إلى أن المجموعات المسلحة باتت «تستحوذ» على الدولة، وتمر حاليًا بـ«عملية لإضفاء الطابع المؤسسي على وجودها»، حيث وصل ممثلوها إلى مستويات رفيعة في الجيش والأجهزة الأمنية وحتى الحكومة المدنية، وبالتالي فإن مستقبل العملية السياسية يبقى رهينة لتلك القوى.
تشير الورقة البحثية، التي أعدها الخبير الألماني في الشؤون الليبية ولفرام لاخر، إلى أن تلك التشكيلات المسلحة تمارس نفوذًا كبيرًا على القادة والمسؤولين، بالإضافة إلى التحكم في كيفية إدارة وتوزيع الثروات الوطنية.
والنتيجة لهذا التخلخل في مفاصل الدولة، كما يرى الباحث، هي أن تلك التشكيلات المسلحة ستُحدد المشهد السياسي والأمني في ليبيا خلال السنوات المقبلة، بسبب تداخل المصالح الخاصة، وقال: «منذ منتصف العام 2022، اتسمت العلاقات بين الفاعلين العسكريين البارزين بترتيبات براغماتية، لكنها لا تزال تحمل إمكانات كبيرة للصراع، حيث يمكن أن تؤدي النزاعات التوزيعية بسرعة إلى مواجهة مسلحة».
ويوجز الباحث المتخصص في الشأن الليبي، عماد الدين بادي، بالقول إن أهواء قادة تلك المجموعات «هي المحدد الرئيسي في مسار التحول الديمقراطي»، لافتًا إلى أن النفوذ السياسي غير المتكافئ الذي اكتسبه قادة الجماعات المسلحة ستكون آثار بعيدة المدى على ليبيا، لا سيما أنهم باتوا حاليًا «على استعداد للاحتفاظ بهذا النفوذ الجديد على المدى الطويل».
اقرأ المزيد:
خليجيون| هل انتهت مهمة المبعوث الأممي باتيلي في ليبيا؟