لبنان يستذكر دروس الماضي والحاضر لاجتياز امتحان «الورقة الفرنسية»
أعلن وزير خارجية لبنان عبد الله بو حبيب، الأحد، أن حكومته لا تزال تبحث في الرد الأنسب على الورقة الفرنسية، لإيجاد حل للوضع في الجنوب، فيما رصدت تقارير صحفية «اتصالات واجتماعات بعيدة عن الأضواء» في إطار التحضير للرد اللبناني الرسمي، الذي يستحضر دروس الماضي والحاضر لاجتياز هذا «الامتحان».
وتشتمل «الورقة الفرنسية» على ثلاث مراحل لتنفيذ القرار الدولي 1701 وتثبيت الاستقرار في جنوب لبنان بعد وقف لاطلاق النار.
وأوضح بو حبيب أنه يأمل في إنجاز الرد هذا الأسبوع، متحدثاً عبر برنامج «لقاء الأحد» من «صوت كل لبنان»، عن سلسلة زيارات فرنسية الى اسرائيل في هذا الاطار من دون يتبلغ لبنان أية موافقة اسرائيلية حتى الآن.
الأهم لدى لبنان هو وقف الاحتكاكات القائمة
وأكد بو حبيب على أن «الأهم لدى لبنان هو وقف الاحتكاكات القائمة»، مضيفا: «نحن لا نريد أنصاف حلول تتلاشى بغضون أشهر، ونتطرق الى كل المسائل من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، والغجر، وصولا الى تحديد مسألة الخط الأزرق الذي هو بالنسبة الينا خط تراجع، فيما تعتبره اسرائيل خطا حدوديا».
وبخصوص المذكرة السورية المعترضة على أبراج المراقبة البريطانية، ربط بو حبيب توقيت هذه المذكرة بالعرض البريطاني بزيادة أبراج مراقبة في الجنوب ولكن هذا الأمر لم يتم الرد عليه لا من قبل الجانب اللبناني ولا الاسرائيلي، وفق «النهار».
وذهب بوحبيب إلى أن «لبنان لا يقبل بأن تشكل هذه الأبراج أي أمر عدائي تجاه سوريا، مجددا التأكيد على أن «الهدف الأول منها هو مراقبة الحدود ووقف عمليات التسلل والتهريب».
الخارجية تنتظر رد الجيش اللبناني
وقال وزير خارجية لبنان إن «وزارة الخارجية تنتظر رد الجيش اللبناني على المذكرة السورية لصياغة جوابها، منوّها بأن التشاور حول هذه المسائل الكبرى يتم على أعلى المستويات داخلياً من أجل الخروج بالحلول الأنسب التي تضمن استقرار لبنان».
من جانب آخر، نقلت صحيفة «الديار» اللبنانية، السبت، عن «مصادر مطلعة» أن «اتصالات واجتماعات بعيدة عن الأضواء جرت في الثماني والأربعين ساعة الماضية في إطار التحضير للرد اللبناني الرسمي على الورقة الفرنسية الذي ستسلمه وزارة الخارجية للجانب الفرنسي»، مضيفة أن «مشاورات جرت بين السراي وعين التينة والخارجية لهذه الغاية، وانها ستتابع في اليومين المقبلين».
وذكرت الصحيفة أن «مصدر سياسي مطلع»، قال إنه «بغض النظر عن الملاحظات والتحفظات العديدة عما جاء في الورقة الفرنسية، فان الواقعية تقول إن الفصل بين ما يجري في الجنوب والحرب في غزة غير ممكن، وأن وقف هذه الحرب هو السبيل لإعادة الهدوء على جبهة الجنوب اللبناني».
وتابع المصدر، معلقا على ما يتردد بشأن خلاف بين باريس وواشنطن بالخصوص، قائلا: «وفقا للمعلومات المتوافرة فإنه ليس هناك خلاف حول فحوى الورقة، ويكاد يكون الطرح الأميركي مطابقا للطرح الفرنسي، لكن يبدو أن هناك تباينا بين الجانبين في طريقة مقاربة الوضع وهذا الموضوع في الوقت الراهن».
العلاقات الفرنسية اللبنانية
وتاريخيا، بدأت علاقة فرنسا بلبنان تترسخ منذ حصول باريس على نظام الامتيازات من الإمبراطورية العثمانية، إذ عمد الملك لويس الرابع عشر إلى تعيين لبنانيين مسيحيين موارنة من أسرة آل الخازن قناصل له لدى لبنان، بهدف تشجيع المبادلات التجارية بين بلاده والإمبراطورية العثمانية، مما أدى فيما بعد إلى توثيق الروابط بشكل كبير بين مسيحيي لبنان وفرنسا.
اقرأ أيضا:
باحث سياسي: 4 مؤشرات إلى اقتراب الحرب الشاملة في لبنان
شاهد| خسائر إسرائيل بين «هاون» غزة و«كاتيوشا» لبنان
ويقول ميشال شهدان خليفة في كتابه «فرنسا ولبنان 1920 - 2020 (مائة عام من التضامن)»، أن من بين الأهداف الرئيسية لفرنسا من إعلان دولة لبنان الكبير سنة 1920 كان الوصول إلى منابع النفط في المنطقة، بعد أن تبين لفرنسا خلال الحرب العالمية الأولى حاجتها الماسة إليه، إضافة إلى رغبتها في إنشاء «كيان للأقليات الدينية والإثنية» في الشرق الأوسط، خصوصاً للمسيحيين.
ماذا جاء بالورقة الفرنسية؟
وسابقا، نقلت صحيفة «الجمهورية» عن «مصادر دبلوماسية»، أن الورقة الفرنسية تلحظ «وقف الخروقات الإسرائيلية الجوية للسيادة اللبنانية وتشكيل لجنة مراقبة للتأكد من تطبيق أي اتفاق يتم التوصّل إليه على شاكِلة اللجنة التي تشكّلت عام 1996 للإشراف على تطبيق تفاهم نيسان».
وتابعت: «ونشر الجيش اللبناني بعد تعزيزه على امتداد الحدود، ومعالجة الخلافات حول النقاط الجغرافية المُتنازع عليها، وانسحاب المجموعات المسلحة 10 كيلومترات انسجاماً مع فحوى القرار 1701، والأساس في هذا البند ان يكون هناك وضع متوازن على جانبي الحدود بحيث يتواجد الجيش اللبناني في جهة ويُقابله الجيش الإسرائيلي في الجهة الأخرى، وليس المقصود بالانسحاب أبناء القرى الأمامية وإنما المجموعات المنظمة».