غرب ليبيا يدشن وساطة بين الجنرالين في السودان
تتزايد صعوبة الأوضاع الإنسانية في السودان الذي يعيش حربا أهلية منذ أبريل الماضي، خصوصا بعد أن منعت السلطات الموالية للجيش في السودان دخول المساعدات عبر الحدود إلى منطقة دارفور غربي البلاد التي مزقتها الحرب، وهي خطوة نفتها وزارة الخارجية التابعة للجيش ونددت بها الولايات المتحدة ومنظمات إغاثة، فيما تنخرط السلطات في غرب ليبيا في وساطة بين قوات الجيش وقوات الدعم السريع المتقاتلتين.
وتواجه ليبيا انقساما بين حكومتين متنافستين تدعمهما فصائل عسكرية خاصة بهما وهاتان الحكومتان إحداهما في طرابلس في الغرب والأخرى في بنغازي في الشرق، لكن رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي، وجه دعوة رسمية إلى رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان لزيارة طرابلس الاثنين.
الدبيبة بين البرهان وحميدتي
وأكد مكتب الإعلام بحكومة الوحدة الوطنية الليبية (غرب البلاد) في بيان أن «رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان سيقوم بزيارة رسمية مرتقبة إلى طرابلس». وذكر مكتب الإعلام بحكومة الدبيبة أن الأخير أجرى مكالمة هاتفية مع قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، ودعاه إلى زيارة ليبيا.وقالت الحكومة في بيان لها، إن الاتصال الهاتفي تناول «ضرورة تقريب وجهات النظر بين الأطراف السودانية لإحلال السلام والاستقرار في السودان الشقيق»، فيما أعلن عبد الحميد الدبيبة، عن مبادرة لـ«إحلال السلام ووقف إطلاق النار في السودان» بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.
ومنذ منتصف أبريل 2023، يخوض الجيش السوداني والدعم السريع حربا خلفت الكثير من الضحايا ونحو 8 ملايين نازح ولاجئ، وفقا للأمم المتحدة. فيما تشكل منطقة دارفور الشاسعة، المتاخمة لتشاد، واحدة من أكثر الأجزاء تضررا في السودان منذ بدء الحرب قبل 10 أشهر. وفي معركتها الحالية ضد الجيش التي بدأت في أبريل الماضي، سيطرت قوات الدعم السريع على أربع من عواصم ولايات دارفور الخمس.
ويقلل محللون من مبادرة حكومة غرب ليبيا، إذ يصف رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة درنة الدكتور يوسف الفارسي تحرك الدبيبة بأنه ـ«مناورة لاستقطاب زخم ودعم دولي لحكومته».
في هذه الأثناء، قالت تقارير دولية إن إن السلطات الموالية للبرهان منعت دخول المساعدات عبر الحدود إلى منطقة دارفور
وفر أكثر من 694 ألف شخص عبر الحدود إلى تشاد، وفقًا للمنظمة الدولية للهجرة، لكن العديد منهم ما زالوا محاصرين في دارفور ويحتاجون إلى مساعدة.
واضطرت الأمم المتحدة إلى تقييد عملياتها من تشاد الى دارفور عبر الحدود، لكن مدير برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في السودان إيدي رو قال للصحافيين الأسبوع الماضي إن «السلطات قيّدت» هذه العمليات.
من جهته قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر الجمعة إن الولايات المتحدة قلقة للغاية من «القرار الأخير للجيش حظر المساعدة الإنسانية عبر الحدود من تشاد والتقارير التي تفيد بأن القوات المسلحة السودانية تعيق وصول المساعدة إلى المجتمعات في مناطق تسيطر عليها قوات الدعم السريع».
الخارجية السودانية رفضت اتهامات واشنطن
وأعربت وزارة الخارجية السودانية الموالية للجيش عن «رفضها» لما وصفته بـ«الاتهامات الباطلة» التي وجهتها واشنطن. وقالت الوزارة إن الحدود السودانية التشادية »هي نقطة العبور الرئيسية للأسلحة والمعدات" المستخدمة لارتكاب «فظائع» ضد السودانيين.
وأشار تقرير لخبراء في الأمم المتحدة في يناير إلى أدلة موثوقة على أن الإمارات كانت تنقل «دعما عسكريا» عبر تشاد إلى قوات الدعم السريع. لكن الإمارات نفت هذه المزاعم. كما أعرب ميلر عن قلقه إزاء «نهب قوات الدعم السريع للمنازل والأسواق ومستودعات المساعدات الإنسانية».
وفي بروكسل، قال رو من برنامج الأغذية العالمي إن وكالته «تعمل مع السلطات لضمان استمرار تشغيل شريان الحياة الحيوي هذا» من تشاد.وقال عامل إغاثة دولي طلب عدم كشف هويته لوكالة فرانس برس الأحد إن هذا أمر ضروري. وأضاف «الأطفال والرضّع يموتون بالفعل من الجوع وسوء التغذية. سيكون هناك تأثير بشري هائل.. .ومن المحتمل جدا أن تكون معدلات الوفيات واسعة النطاق». وتابع عامل الإغاثة «يجب على أعلى مستويات الدبلوماسية أن تحل هذا الوضع على الفور لأن ملايين الأرواح» على المحك، واصفا دارفور بأنها «منطقة ضخمة تواجه بالفعل أزمة أمن غذائي وشيكة وهائلة بالإضافة إلى الحرب الأهلية والعنف العرقي وانهيار خدمات الدولة».
وأسفرت الحرب عن مقتل الآلاف، بما في ذلك ما يصل إلى 15 ألف شخص في مدينة الجنينة في غرب دارفور وحدها، وفقا لخبراء الأمم المتحدة. واتهمت واشنطن جانبي النزاع السوداني بارتكاب جرائم حرب، وقالت إن قوات الدعم السريع نفذت أيضا تطهيرا عرقيا وجرائم ضد الإنسانية.
اقرأ المزيد:
الحرب تضع اقتصاد السودان على شفير الانهيار
«جرائم حرب» تلاحق الجنرالين في السودان
السودان.. لا فرار من الجوع وتقارير دولية تنذر بكارثة نزوح «صادمة»