خليجيون| رهانات السلام تشعل سباق الجوار في السودان
على نحو متزامن، تقاسمت عاصمتان عربيتان اليوم الخميس مباحثات مع طرفي الحرب الأهلية في السودان، الأولى في القاهرة حيث عقد رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان مباحثات مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، بينما كان خصمه الفريق محمد حمدان دقلو في العاصمة الليبية لإجراء مباحثات مع رئيس حكومة الوحدة في غرب ليبيا عبد الحميد الدبيية، الذي يبدو أنه يقود مساعي وساطة بين طرفي النزاع.
ويقول جلال حرشاوي، المتخصص في ليبيا والباحث المساعد في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، لـ«خليجيون»: «تزامن الزيارتين ليس غريباً أو مصادفة، إذ يعلم الجميع أن جهد كبيرًا يبذل حاليًا نحو الحلول الدبلوماسية، من أجل التوصل إلى اتفاق سياسي محتمل في السودان».
لكن حرشاوي يقول «هذا لا يعني أن الحرب ستنتهي قريبًا»، مشيرا «أنه لا يوجد لاعب رئيسي يريد أن يكون خارج إطار السلام الذي يمكن الإعلان عنه قريبًا».
مباحثات السيسي والبرهان
في القاهرة، بحث السيسي و البرهان اليوم الخميس «الجهود الرامية إلى تسوية الأزمة في السودان سعيا لاستعادة الاستقرار إلى ذلك البلد العربي، الذي يُعاني من حرب تدور رحاها منذ أكثر من عشرة أشهر» وشدد السيسي على حرص مصر على أمن السودان ومواصلة تقديم الدعم لتحقيق الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي هناك.
وتأتي زيارة البرهان إلى القاهرة بعد توجهه إلى العاصمة الليبية طرابلس يوم الاثنين الماضي في زيارة رسمية أجري خلالها مباحثات مع رئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي ورئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنيّة عبد الحميد الدبيبة.
وقصد غريمُ البرهان، قائد قوّات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي)، أيضا طرابلس اليوم، حيث جرت مباحثات بين حميدتي والدبيبة أيضا.
وقال قائد قوات الدعم السريع في تغريدة عبر منصة «إكس» «شرحت، خلال تواجدي بالشقيقة ليبيا، للدبيبة الأسباب التي أدت إلى اشتعال الحرب في السودان، والأطراف التي تسعى لتوسعتها واستمرارها، قدمت له كذلك رؤيتنا لوقف الحرب وتحقيق السلام والاستقرار ورفع المعاناة عن كاهل شعبنا وإعادة بناء السودان على أسس جديدة وعادلة».
التقيت اليوم بالعاصمة الليبية طرابلس السيد عبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية في الشقيقة ليبيا، حيث أجريت معه مباحثات مثمرة وبناءة، تناولت التطورات التي يشهدها السودان في ظل الحرب الدائرة.
شرحت للسيد الدبيبة الأسباب التي أدت إلى اشتعال الحرب، والأطراف التي تسعى لتوسعتها… pic.twitter.com/MxOaXyMs9I— Mohamed Hamdan Daglo (@GeneralDagllo) February 29, 2024
لم تكن المساعي الإقليمية الجارية هي الأولى من نوعها، إذ سبق استضافت القاهرة قمّة دول جوار السودان بمشاركة واسعة، ودعا السيسي وقتها إلى تشكيل آلية اتصال لوضع خطة عمل تنفيذيّة للتوصل إلى حل شامل للأزمة السودانية على أن تضطلع تلك الآلية بالتواصل المباشر مع أطراف الأزمة والتنسيق مع الآليات والأطر القائمة.
منصة جدة ومؤتمر القاهرة
كما استضافت مدينة جدة السعودية بمبادرة سعودية أميركية في مايو الماضي محادثات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، توصلت إلى توقيع إعلان جدّة الإنساني، الذي نصّ على حماية المدنيّين والمرافق الخاصة والعامة والامتناع عن استخدامها لأغراض عسكرية، لكنه لم يُنفّذ. وعاد الطرفان إلى التفاوض مجددا في أكتوبر الماضي، لكن تلك الجولة واجهت عراقيل، ما تسبب في إعلان الوسيطين، الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، تعليق المفاوضات.
ويشير عثمان الميرغني، رئيس تحرير صحيفة (التيّار) السودانيّة، إلى «حديث عن إحياء مبادرة دول جوار السودان، التي أُطلقت من العاصمة المصرية القاهرة خلال القمة التي جمعت دول جوار السودان»، مرجعا توقف تلك المبادرة إلى «موقف بعض دول الجوار من الأزمة في السودان، خاصة تشاد وأفريقيا الوسطى».
وتدور الحرب في السودان بين البرهان ونائبه السابق دقلو منذ أبريل وخلّفت الآف القتلى بينهم ما يصل إلى 15 ألف قتيل في مدينة واحدة في إقليم دارفور (غرب، وفق تقديرات خبراء من الأمم المتحدة. كما أدى القتال إلى نزوح أكثر من عشرة ملايين سوداني داخل البلاد وإلى دول الجوار. ودخل مصر منذ بدء الحرب في السودان 460 ألف شخص، بحسب احصاءات الأمم المتحدة.
البرهان والبحث عن الشرعية
محمد عبد الواحد، الضابط السابق في المخابرات المصرية والخبير المتخصص في الشؤون الأفريقية، بدا أكثر تشاؤما بشأن إمكانيّة التوصّل إلى حل للأزمة خلال الفترة المقبلة.
ويقول عبد الواحد لوكالة أنباء العالم العربي «المعركة حتى الآن ما بين كرّ وفرّ وكل طرف لديه قناعة بأنه قادر على تحقيق الحسم العسكري اللازم، بحسب وصفه، وقال «كلّ طرفٍ يسعى لتحقيق إنجاز عسكري قبل الجلوس إلى طاولة المفاوضات، وهو ما يؤخّر الحل».
اقرأ المزيد:
الحوثي يهدد بـ «مفاجآت» في البحر الأحمر.. ماذا يخبىء؟