دبلوماسية المنافذ.. موريتانيا تمنح الجزائر قُبلة «التجارة للغرب» الأفريقي
أخيرا حصلت الجزائر على ممر آمن للنفاذ إلى أسواق دول غرب أفريقيا عبر بوابة موريتانيا، التي باتت البلد الوحيد المستقر سياسيّا على الحدود الجنوبيّة للجزائر، وتربطها بها علاقات دبلوماسية سوية.
طريق تندوف الزويرات.. البداية
الخميس قبل الماضي أعطى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ونظيره الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني إشارة انطلاق أعمال إنجاز طريق تندوف الزويرات، يمثل بدوره أهميّة استراتيجية للجزائر في هذا المسعى، كما يرى خبراء ومتابعون لهذا الشأن. وفق تقرير لوكالة العالم العربي (AWP).
ووفق توفيق بوقاعدة، أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدوليّة بجامعة الجزائر، الطريق، فضلا عن كونه يستهدف تنشيط حركة التجارة الجزائرية ويتيح الفرصة أمام موريتانيا لتصدير منتجاتها، خاصة البحريّة، يمثل أهمية استراتيجيّة لكلا البلدين.
أهمية خاصة
ويستمد طريق الزويرات أهميته الاستراتيجية في تسهيل تبادل السلع وتنقّل الأشخاص وحمايتهم من التهديدات والأخطار التي ظلّت تُحدّ من حريّة التنقل بين الجانبين، بحسب رأيه.
شراكة استراتيجية
وقال توفيق بوقاعدة في حديث للوكالة إن طريق تندوف الزويرات «يمثّل إرادة البلدين في إقامة شراكة استراتيجية شاملة تجسدها مختلف الاتفاقات الموقعة لإقامة مشاريع تكامليّة في شتى المجالات»
وأضاف «كما تعمل الجزائر على أن يكون هذا المعبر بوّابتها للانفتاح التجاري والاقتصادي على دول غرب أفريقيا».
وتعمل الجزائر على تقوية علاقاتها مع موريتانيا، باعتبارها شريكا في عدة ملفّات إقليمية، سواء ما تعلّقت بمحاربة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود، أو مواقف البلدين من ما يحدث من تحوّلات في منطقة الساحل، وفق ما أشار إليه بوقاعدة.
ويبلغ طول الطريق، الذي انطلقت أعمال بنائه لنحو 840 كيلومترا، انطلاقا من جنوب غرب الجزائر، وتحديدا من ولاية تندوف الواقعة على بعد 1750 كيلومترا عن العاصمة الجزائريّة، حتى الزويرات شمال غرب موريتانيا، التي تبعد عن العاصمة نواكشوط المطلة على المحيط الأطلسي بنحو 750 كيلومترا.
وأوضح أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية أن الجزائر تسعى أيضا «وفق رؤية جديدة إلى تعزيز حضورها في جوارها الإقليميّ عبر مشاريع شراكات اقتصاديّة وسياسيّة وأمنيّة تساعدها على تذليل الأخطار المهدِّدة لأمنها القومي».
وأشار إلى أن الدول المحيطة بالجزائر تشهد إما أزمات أو علاقات مضطربة معها، باستثناء تونس وموريتانيا، حيث تشهد العلاقات الثنائية بينهما والجزائر وئاما وانسجاما.
كما تبحث الجزائر في إطار الديناميكية الاقتصادية، المبنية على إنشاء المؤسسات وتشجيع الإنتاج، عن منافذ وأسواق خارجية دائمة لتصريف منتجاتها والمواد الخام التي تُستخرَج من المناجم، بحسب بوغادي.
النفاذ للأسواق الأخرى
ويتيح المعبر البري مع موريتانيا، وفقا للأستاذ الجامعيّ، نفاذ الجزائر برّا إلى أسواق دول الساحل الأفريقي وغرب أفريقيا «لتكون الممون الرئيس للدول الأفريقية، خاصة في ظل الاضطراب السياسي لباقي دول الجوار في مالي والنيجر وليبيا»
وقال إن هذا يتطلّب «استخدام الوسائل اللوجستيّة والبنى التحتية، ومنها المناطق التجاريّة الحرّة والطرق والمعابر الحدودية».
منطقة حرة إضافية
وبجانب مشروع طريق الزويرات تندوف، أعطى الرئيسان الجزائري والموريتاني إشارة انطلاق إقامة منطقة التبادل التجاري الحر بتندوف، والتي تشير تقارير إعلامية محلية إلى أنها تعدّ همزة وصل بين الجزائر وبلدان غرب أفريقيا من خلال معبر مصطفى بن بولعيد الحدودي.
وتربط المنطقة الحرة الجزائر بتندوف عن طريق الزويرات، على مسافة 775 كيلومترا، ونواكشط على مسافة 1650 كيلومترا، والمنطقة الحرة في نواذيبو الموريتانية على مسافة ألفي كيلومتر.
أهمية أسواق غرب أفريقيا
وللولوج إلى أسوق مجموعة دول غرب أفريقيا أهميّة كبيرة، فالمنطقة ذات مساحة تفوق الخمسة ملايين كيلومتر مربع، ما يمثّل قرابة 18% من مساحة القارة الأفريقية، كما أن تعداد سكان هذه الدول مجتمعة يصل إلى نحو 400 مليون نسمة، ويتجاوز حجم إنتاجها المحليّ 800 مليار دولار، وفقا لما أشار إليه بوغادي.