الدولار كلمة السر في أزمة نقص الأدوية بالأسواق المصرية
يحتاج المصابون بحمى البحر المتوسط وكذا النقرس، بشكل يومي، إلى جرعة تختلف من قرص واحد إلى قرصين، للحد من آثار هذه الأمراض المزمنة، غير أن السوق المصرية تعاني نقصا حادا في دواء كولشيسين وبدائله، مثل غيره من عقاقير طبية أخرى اختفت تماما.
وبينما كان سعر كولشيسين المحلي يتراوح ما بين 70 إلى 80 جنيها، يتوافر في الأسواق منتج بنفس الفاعلية مستورد من فرنسا، ويباع بعيدا عن الصيدليات بسعر يتراوح ما بين 500 إلى 700 جنيه مصري.
أزمة الدولار وارتفاع أسعار الدواء
ترجع مصادر طبية وسلاسل صيدليات الأمر لأزمة الدولار التي تعاني منها مصر منذ سنوات، وخصوصا الأشهر الأخيرة مع بلوغ العملة الأميركية لسعر صرف قياسي تاريخي مقابل الجنيه، قبل انفراجة كبيرة تشهدها مصر، عقب تدفق المليارات من الدولارت بعد توقيع اتفاقيات ومشروعات استثمارية كبرى. فضلا عن اقتراب اتفاق مصر مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض يصل في بعض التقارير إلى 20 مليار جنيه.
وبلغ حجم تجارة الأدوية في مصر 140 مليار جنيه (4.516 مليار دولار أميركي) خلال العام الماضي، وتوفر مصر 90 في المئة من الأدوية المستهلكة فيها عبر الإنتاج المحلي، ويتم استيراد الباقي، والذي يتمثل في أدوية الأورام والعلاج الهرموني والأمراض التخصصية النادرة، بقيمة تصل إلى نحو ثمانية مليارات جنيه مصري (258 مليون دولار أميركي)، وفق غرفة الدواء باتحاد الغرف التجارية المصرية.
وارتفعت أسعار الأصناف المستوردة من الخارج، بنسبة تصل إلى 70% من قيمتها الحقيقية، بينما ارتفعت أسعار البدائل المحلية، بنسب تتراوح بين 30 و50%.
شركات أدوية تنتظر دورها للحصول على الدولار
وتوجد نحو 100 شركة أدوية مُسجَلة لدى البنك المركزي المصري، تنتظر دورها لتوفير الاعتمادات الدولارية اللازمة لها، لتمويل صفقات شراء الأدوية، أو المواد الخام ومستلزمات الإنتاج من الخارج، فيما ينتظر أن تسهم المليارات التي تلقتها مصر مؤخرا في حلحلة الأزمة.
ولهذا يتوقع مراقبون أن تنتهي أزمة نقص الأدوية في مصر خلال الأسابيع القادمة، فيما يذهب محمود فؤاد رئيس جمعية الحق في الدواء المصرية، إن الأزمة سببها أنها سلعة تخضع لما يُعرف بالتسعيرة الجبرية التي تضعها الحكومة، باعتبارها سلعة استراتيجية لا يجوز تركها لقوى العرض والطلب.
ويؤكد أن هذه التسعيرة لم تتغير منذ عام 2017، عندما كان سعر الدولار الواحد داخل البنوك 18 جنيها فقط، بينما السعر حاليا في القطاع المصرفي الرسمي يتجاوز 30 جنيها، في حين أن أسعار السوق الموازية، يختلف تماما.
مصر ونقص وزيادة أسعار الخامات الدوائية المستوردة
وتواجه مصر نقص وزيادة أسعار الخامات الدوائية المستوردة التي تعتمد عليها صناعة الدواء في البلاد بنسبة تقترب من 90%، حسب خبراء.
وتعاني الشركات المنتجة لأدوية مثل مخفضات الحرارة والمضادات الحيوية بجانب العقاقير الخاصة بمعالجة أمراض مزمنة مثل الضغط والقلب والسكري، من عدم توافر الموارد الدولارية لاستيراد المادة الخام، التي تدخل في صناعة هذه الأدوية وتركيبها، وأغلبها يأتي من الخارج بالعملة الصعبة.
أدوية ناقصة تتخطى 600 صنف
وفي تصريحات صحفية للصيدلي المصري، وليد عبد العزيز، يقول: «لا أستطيع حصر الأدوية الناقصة في السوق بشكل دقيق، لكن أملك وعائلتي 3 صيدليات كبرى في القاهرة ولدينا أدوية ناقصة تتخطى 600 صنف»، حسب «العربية».
وأوضح أن هناك بعض الممارسات الخاطئة من ممثلي شركات توزيع الدواء في مصر، خاصة فيما يتعلق بتوزيع الأدوية الناقصة على الصيدليات، فهناك من يقوم بتوجيهها لبعض مخازن الدواء التي تقوم ببيعها للصيدليات بنسب خصم تصل أحياناً إلى (صفر) لتحقيق أرباحاً مرتفعة.
غرفة تجارة الأدوية المصرية توضح
وتؤكد غرفة تجارة الأدوية المصرية، على لسان الدكتور علي عوف رئيس شعبة الدواء باتحاد الغُرَف التجارية المصرية، شن حملات ذات صلاحيات ضبطية قضائية معتمدة، على مخازن الأدوية، تماما مثل تلك التي تتعرض لها الصيدليات، وأنه يتم مراجعة دفاتر هذه المخازن بعناية وتدقيق.
اقرأ أيضا:
تحذير.. 3 أدوية مغشوشة في الأسواق المصرية
بالأرقام.. كيف ستنفق مصر مليارات رأس الحكمة؟
الدولار مقابل العودة.. ساويروس يحدد شرط الاستثمار في مصر (فيديو)
وقال عوف إن نقص السيولة الدولارية يمثل أحد أسباب أزمة نقص الدواء، فضلا عن مسائل فنية متعلقة بخطوط الإنتاج، مثل قطع غيار الآلات، أو المادة الفعالة، التي قد تكتشف معامل هيئة الدواء في مصر، أنها غير مطابقة للمواصفات، ومن ثم يتم إعدام تلك المادة.