اوقفوا الجوع في الشهر الكريم.. دعوة أممية لهدنة إنسانية بالسودان
دعت الأمم المتحدة طرفي الصراع في السودان إلى التوقف الفوري عن القتال وعمل هدنة إنسانية خلال شهر رمضان المبارك.
وكرر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش اليوم الخميس، دعوته إلى وقف الأعمال القتالية في السودان خلال شهر رمضان.
وقال جوتيريش أمام مجلس الأمن الدولي «هذا الوقف للأعمال القتالية يجب أن يؤدي إلى توقف القتال بشكل نهائي في جميع أنحاء البلاد، ورسم طريق محدد نحو السلام الدائم للشعب السودا.
أرقام صادمة
كشفت أرقام أممية عن واقع صادم يعيشه السودانيون، وسط احتمالية أن تذهب البلد إلى أكبر أزمة جوع في العالم، بينما تشهد أكبر أزمة نزوح على المستوى الدولي.
المعلومات الصادرة عن برنامج الأغذية العالمي تفسر التداعيات السلبية لاستمرار الحرب الدائرة في السودان منذ قرابة 11 شهرًا، والتي أوقعت آلاف القتلى وأدت الى نزوح 8 ملايين شخص.
حياة الملايين في خطر
وقالت مديرة برنامج الأغذية العالمي، سيندي ماكين، إن المعارك «تهدد حياة الملايين، كما تهدد السلام والاستقرار في المنطقة بأكملها»، متابعةً: «قبل 20 عامًا، شهد إقليم دارفور أكبر أزمة جوع في العالم، ووحّد العالم (آنذاك) جهوده لمواجهتها، لكن السودانيين منسيون اليوم».
وبدأت السودان تتلمس مسار العنف بقسوة منذ أطلق الرئيس السوداني، عمر البشير، الذي أطيح به عام 2019، ميليشيات الجنجويد في إقليم دارفور مترامي الأطراف في غرب السودان، حيث مارست «سياسة الأرض المحروقة».
لكن هذه المجموعات المسلحة أصبحت ضمن قوات الدعم السريع، بقيادة محمد حمدان دقلو، الذي يتواجه في حرب مع الجيش بقيادة، عبد الفتاح البرهان، منذ 15 أبريل 2023، وبعدها تحولت المواجهات المسلحة تطال المدنيين وتدمر البنى التحتية والنهب والاغتصاب والتهجير القسري وإحراق القرى، وهي الممارسات اليومية التي يتكبدها 48 مليون سوداني.
أزمة غذاء
مديرة برنامج الأغذية العالمي، سيندي ماكين، تعتقد أن عدم توقف العنف يعين أن الحرب في السودان ستخلف أكبر أزمة جوع في العالم، خاصة أنَّ أقل من «5% من السودانيين يستطيعون أن يوفروا لأنفسهم وجبة كاملة» في الوقت الراهن.
في السياق نفسه، تقول منظمة «أطباء بلا حدود» إن «طفلاً يموت كل ساعتين» في مخيم زمزم للاجئين في دارفور، فضلاً عن أن 600 ألف شخص لجأوا هربًا من الحرب إلى جنوب السودان، وهناك «يعاني طفل من كل 5 أطفال في مراكز الإيواء عند الحدود، من سوء التغذية».
وتتضمن الإحصائيات الأممية، أن 18 مليون سوداني يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، حيث صار 5 ملايين من منهم على شفا المجاعة، في حين يعاني العاملون في مجال الإغاثة الإنسانية الذين يساعدونهم، من صعوبات في التنقل ونقص كبير في التمويل. ويحتاج حوالي 25 مليون شخص، أي ما يعادل أكثر من نصف السكان، إلى المساعدات.
ويتعرض الأطفال الذين يعانون نقصًا في التغذية لخطر متزايد للوفاة بسبب أمراض مثل الإسهال والالتهاب الرئوي والحصبة، خصوصا في سياق يفتقرون فيه إلى خدمات صحية حيوية.
فيما حذر مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك من تبعات استمرار الصراع على الأوضاع الإنسانية، موضحا أن ما لا يقل عن 14 ألفا و600 شخص قتلوا في السودان بينما أصيب 26 ألفا آخرون جراء الصراع الدائر في البلاد منذ أكثر من عشرة أشهر، محذرا من أن حياة السودانيين تحولت إلى «كابوس» مستمر.
وأوضح تورك في بيان على أن الأرقام الفعلية للقتلى والجرحى أعلى من ذلك بكثير، موضحا أنها تشمل آلاف المدنيين ومن بينهم الكثير من النساء والأطفال.
قصف المدنيين بالطائرات
وذكر البيان الذي نقلته وكالة أنباء العالم العربي أن الحرب في السودان استخدمت فيها «أسلحة ذات تأثير واسع النطاق حتى في المناطق الحضرية المكتظة بالسكان، والتي يتم إطلاقها من الطائرات المقاتلة والمسيرات والدبابات».
المفوض الأممي أشار إلى أن مكتبه تلقى تقارير عن تجنيد قوات الدعم السريع لمئات الأطفال في دارفور، وهو الأمر الذي فعله الجيش السوداني أيضا في شرق السودان.
وأضاف «هذه الممارسات تشكل انتهاكا صارخا للبرتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن مشاركة الأطفال في النزاعات المسلحة، والتي يلتزم بها السودان».
كما حذر تورك من أن هناك مخاوف حقيقية من أن يؤدي تسليح المدنيين في السودان إلى «تشكيل ميليشيا مدنية مسلحة غير خاضعة لرقابة محددة، مما يزيد من فرص انزلاق السودان إلى دوامة حرب أهلية طويلة الأمد».