سويسرا تحاكم رفعت الأسد بجريمة «مجزرة حماة»
أعلن المدعي العام السويسري، الثلاثاء، إحالة رفعت الأسد، عمّ الرئيس السوري بشار الأسد، إلى المحكمة بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في ثمانينيات القرن الماضي.
وأوضح مكتب المدعي العام، في بيان، أن رفعت الأسد «متهم بإصدار أوامر بقتل وتعذيب ومعاملة قاسية واعتقالات غير مشروعة في سوريا في فبراير 1982.. .في إطار النزاع المسلح» في مدينة حماة في عهد الرئيس حافظ الأسد.
مجزرة حماة 1982
ورفعت الأسد، شقيق الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد، تدرج بالمناصب العسكرية، وأسس سرايا الدفاع وقادها في مجزرة حماة عام 1982، التي راح ضحيتها نحو 40 ألف قتيل، خرج من سوريا بعد خلاف مع شقيقه، وعاد إليها عام 2021 بعد 36 عاما أمضاها في المنفى
ويحاكم نائب الرئيس السوري السابق والضابط السابق في الجيش بتهمة ارتكاب «جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية».
ويتهمه الادعاء السويسري «في إطار النزاع المسلح والهجوم الواسع الذي شن ضد سكان مدينة حماة في سوريا في فبراير 1982، بأنه أمر بصفته قائد سرايا الدفاع وقائد العمليات في حماة، بعمليات قتل وتعذيب ومعاملة قاسية واعتقالات غير مشروعة».
وقالت النيابة العامة إن «سرايا الدفاع» هي «على الأرجح القوات الرئيسية المسؤولة عن القمع»، مضيفة أنه «في هذا السياق، وقع آلاف المدنيين ضحايا لانتهاكات مختلفة، من الإعدام الفوري إلى الاحتجاز والتعذيب في مراكز أنشئت خصيصا وتحدثت عنها شهادات عدة».
قضية جرائم الحرب في سويسرا
وبموجب قانون العقوبات العسكري السابق أصبح القضاء السويسري قادرا منذ 1968 على معاقبة مرتكبي جرائم الحرب بغض النظر عن مكان وجنسية الجاني أو الضحية.
اقرأ أيضًا:
محكمة فرنسية تؤيد حكم السجن على رفعت الأسد لمدة أربع سنوات
لماذا التقى بشار الأسد أبطال مسلسلات رمضان؟
وفتحت النيابة قضية جرائم الحرب هذه بعد شكوى تقدمت بها المنظمة السويسرية غير الحكومية «ترايل إنترناشونال» (TRIAL International) في ديسمبر 2013.
واعتبرت النيابة بعد ذلك أن «جرائم القتل التي اتهم بها المدعى عليه يمكن أن توصف أيضًا بأنها جرائم ضد الإنسانية».
أوضحت أن الإجراءات الجنائية فُتحت بموجب الولاية القضائية العالمية وعدم قابلية جرائم الحرب للتقادم. وفي هذا لإطار سمح تدقيق للشرطة بإثبات وجود عم بشار الأسد الرئيس السوري الحالي على الأراضي السويسرية عند فتح التحقيق.
ويشارك عدد من الضحايا في الإجراءات الجنائية لمكتب المدعي العام. ولم يتم بعد تحديد موعد المحاكمة.
وقبل عامين، أصدرت العدالة السويسرية مذكرة بحث بحقه لكنها لم تكشف حتى 2023 لتجنب إمكانية أن يتخذ رفعت الأسد خطوات للتهرب منها.
رفعت الأسد من «البعث» إلى المجزرة
انضم رفعت الأسد عام 1952 إلى حزب البعث رفقة أخيه حافظ، ثم التحق بالخدمة الإلزامية في الجيش، قبل أن ينتقل إلى وزارة الداخلية عقب الانفصال بين مصر وسوريا عام 1961، ودرس في الكلية العسكرية في مدينة حمص بعد انقلاب عام 1963، الذي نفذته اللجنة العسكرية للإطاحة بحكم الرئيس ناظم مقدسي.
أوكلت إلى رفعت الأسد أولى المهام العسكرية عام 1966، وهي مهمة اقتحام منزل الرئيس السوري حينها أمين الحافظ، لأنه حاول نقل عدد من الضباط إلى مناصب أخرى في الجيش، وأسفرت المهمة عن استسلام أمين الحافظ وتنازله عن رئاسة البلاد، وعودة اللجنة العسكرية لحكم البلاد بقيادة صلاح جديد وحافظ الأسد.
وشكل رفعت الأسد ما يعرف بـ«سرايا الدفاع»، وتعد قوة عسكرية لا تتبع للجيش النظامي، وأوكلت إليها مهمة حماية السلطة الحاكمة عبر قوة عسكرية قوامها 40 ألف مقاتل.
وفي نهاية يناير 1982، وبقيادة رفعت الأسد وبقوات قوامها 20 ألف جندي، حاصرت سرايا الدفاع وقوات عسكرية، مدينة حماة وأغلقت مداخلها، وبدأت مساء الثاني من فبراير قصف المدينة من كل جوانبها. واستمرت عمليات القصف حتى الخامس من فبراير 1982، وبدأت بعدها عملية برية لاقتحام المدينة وفرض حظر التجوال، وسط اشتباكات مع مقاتلي تنظيم الإخوان المسلمين وعمليات إنزال مظلي قامت بها قوات الجيش، واستمرت المجازر في المدينة وإعدام المدنيين وحرق الممتلكات حتى 28 فبراير، إذ سُمح بالتجوال في الأول من مارس.
وخلفت هذه الحملة العسكرية نحو 40 ألف قتيل، وُثقت أسماء نحو 10 آلاف منهم، و17 ألف مفقود وثقت أسماء نحو 4 آلاف منهم، بالإضافة إلى تدمير قرابة 79 مسجدا و3 كنائس، وتدمير أحياء كاملة في المدينة، وفق تقرير الشبكة السورية لحقوق الإنسان الصادر عن المجزرة عام 2022.