«خليجيون»| مؤشرات على انتصار الجنيه المصري في «معركة الدولار»
أظهرت المؤشرات انتصارًا مؤقتًا للجنيه المصري أمام الدولار الأميركي في ضوء حدوث توازن بين السعرين الرسمي والموازي، وزيادة الإقبال على التنازل عن العملات الأجنبية، وتراجع الطلب على الورقة الخضراء بالبنوك.
«مليار جنيه» حصيلة التنازلات من العملات الأجنبية
في التفاصيل، يقول عادل فوزي رئيس شركة مصر للصرافة، التابعة لبنك مصر، إن إجمالي حصيلة التنازلات من العملات الأجنبية والعربية لصالح الجنيه المصري تجاوز ما قيمته 927 مليون جنيه، وذلك منذ قرار البنك المركزي تحرير سعر الصرف في 6 مارس الجاري.
ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط عن فوزي قوله، اليوم السبت، إن الحصيلة أمس بلغت 92 مليون جنيه، نظرًا للإقبال الشديد من الجمهور للتنازل عن العملات الأجنبية والعربية لصالح الجنيه المصري، وذلك لوجود سعر واحد مقبول يمكن التعامل من خلاله، وهو ما يقود إلى استقرار سوق صرف العملات والقضاء على السوق الموازية.
وبحسب المسؤول، فإن الدولار يستحوذ على النصيب الأكبر من التنازلات بنسبه 65%، يليه اليورو بنسبه 18%، والريال السعودى بنسبه 13%، والجنيه الإسترليني بنسبه 2%.
وساعدت قرارات البنك المركزي المصري تحرير سعر الصرف على استعادة الجنيه المصري توازنه في السوقين الرسمية والموازية، وهو ما أدى إلى تراجع سعر الدولار بالسوق السوداء من مستوى 70 جنيهًا إلى ما دون 48 جنيهًا.
ووقتها قررت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي رفع سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي بواقع 600 نقطة أساس ليصل إلى 27.25%، 28.25% و27.75%، على الترتيب، كما جرى رفع سعر الائتمان والخصم بواقع 600 نقطة أساس ليصل إلى 27.75%.
تراجع الطلب على الدولار
المؤشر الثاني على تعافي الجنيه المصري يتمثل في إعلان الحكومة المصرية، في بيان أول أمس الخميس، تراجع الطلب على الدولار، بسبب المعروض الذي يوفره البنك. وذكر بيان لمجلس الوزراء المصري: «الطلب على الدولار، وفقا لما أكده محافظ البنك المركزي، بدأ في الانخفاض في ظل الإتاحة الواسعة التي أتاحها البنك».
ثالث المؤشرات، تتمثل في تزايد إقبال المشترين الأجانب على أذون الخزانة المصرية، وذلك للاستفادة من العائد المرتفع، وذلك بعدما استأنفوا شراء أذون الخزانة الأسبوع الماضي بعد غياب لفترة طويلة، نتيجة عدم الثقة في الاستقرار الاقتصادي بمصر.
اقرأ أيضًا:
تفاصيل مساعدات أوروبية بـ8 مليارات دولار لمصر قريبًا
منذ التعويم.. تحويلات مالية ضخمة من الإمارات لمصر
20 مليار دولار «أموال ساخنة» إلى مصر
الإقبال على أذون الخزانة
لكن القرارات الأخيرة، وتعديل وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني نظرتها المستقبلية لتصنيف مصر من «سلبية» إلى «إيجابية»، دفعت بنوكًا ومستثمرين لتقديم عروض لشراء أذون خزانة لأجل عام بقيمة إجمالية 408.1 مليار جنيه (8.55 مليار دولار) وأذون خزانة لأجل ستة أشهر بقيمة 130.6 مليار جنيه في مزاد للبنك المركزي. وباع المركزي المصري نيابة عن وزارة المالية أذون خزانة لأجل سنة بنحو 218 مليار جنيه، أو ما يعادل 4.56 مليار دولار، بأكثر من 6 أمثال المستهدف البالغ 30 مليار جنيه.
مؤشرات على نجاح السياسات النقدية
الدكتورة سهر الدماطي، نائب رئيس بنك مصر السابق، تحدد عدة مؤشرات على نجاح السياسات النقدية في مصر خلال الفترة الأخيرة، وهو ما يعني انتصار العملة المحلية أمام العملات الأجنبية.
تقول الدماطي في تصريحات خاصة إلى «خليجيون» إن نجاح السياسات النقدية يرجع إلى استعداد الدولة بشكل جيد لتطبيق السعر المرن للعملة، من خلال وفرة العملة، والاستفادة من قرارات التحرير السابقة، وبالتالي توفير حصيلة دولارية كافية قبل اتخاذ قرار التحرير.
سهر الدماطي: إقبال المصريين على التنازل عن الدولار بكميات كبيرة وزيادة تحويلات المصريين بالخارج خلق وفرة في الدولار
الخطوة الثانية، بحسب الدماطي، تتمثل في الإعلان عن صفقة رأس الحكمة التي أدخلت موارد ضخمة للدولة، تصل إلى 24 مليار دولار، وهو ما أدى إلى تراجع سعر الصرف في السوق الموازية بشكل فوري، حتى قبل قرار البنك المركزي.
تتحدث الدماطي عن خطوتين أخريين أدتا إلى تقوية موقف الجنيه المصري، من دون لجوء البنك المركزي إلى العملة المُوفَّرة لديه، أو تحويلات رأس الحكمة، تتمثل أولاً في إقبال المصريين على التنازل عن الدولار بكميات كبيرة، وثانيًا: زيادة تحويلات المصريين بالخارج، وهو ما أدى إلى خلق وفرة ضخمة من الدولار حالت في الأيام الأولى من استخدام البنك المركزي العملة الأجنبية لديه، وإعادة تدوير حصيلة العرض والطلب.
استمرار انخفاض سعر الدولار
أمّا فيما يتعلق بمستقبل سعر العملة، تتوقع نائب رئيس بنك مصر السابق في تصريحاتها لـ«خليجيون» استمرار انخفاض سعر الدولار خلال الفترة المقبلة حتى الوصول إلى السعر التوازني، المحكموم بقوى العرض والطلب.
الدماطي: سعر الدولار سيستقر عن مستوى 40 جنيهًا على المدى المتوسط، أي ما بين الربعين الثاني والثالث من العام المالي الجاري
وفي تقدير الدماطي، فإن سعر الدولار سيستقر عن مستوى 40 جنيهًا على المدى المتوسط، أي ما بين الربعين الثاني والثالث من العام المالي الجاري.
الخبيرة المصرفية تقول إن ثمة مؤشرات قوية وراء تعديل وكالة «موديز» تصنيفها الائتماني لمصر إلى «إيجابي»، بالإضافة إلى الإقبال على أذون الخزانة، من بينها ارتفاع سعر الفائدة، وموافقة صندوق النقد على خطة الإصلاح، وزيادة الدعم من 3 إلى 8 مليارات دولار، ودخول الشركاء الدولي، البنك الدولي والاتحاد الأوروبي، بتمويلات تتوقع تجاوزها 15 مليار دولار
مميزات الحصيلة الدولارية من الاستثمارات المباشرة
الخبير المصرفي الدكتور أحمد شوقي، يقول إن «انتصار الجنيه» مرهون بـ«استدامة الموارد الدولارية من المشروعات والقطاعات الاقتصادية سواء كانت استثمار مباشر أو قناة السويس أو تحولات المصريين من الخارج أو السياحة.. إلخ».
أحمد شوقي: «انتصار الجنيه» مرهون «استدامة الموارد الدولارية من المشروعات والقطاعات الاقتصادية سواء كانت استثمار مباشر أو قناة السويس أو تحولات المصريين من الخارج أو السياحة»
يضيف شوقي في تصريحات خاصة إلى «خليجيون» أن المختلف في قرار تحرير سعر الصرف الأخير عن قرار عام 2016، هو توفر سيولة دولارية من استثمارات مباشرة، من بينها مشروع رأس الحكمة، لافتًا إلى أن الميزة في هذه الحصيلة الدولارية أنها «تدخل إلى شرايين الاقتصاد لمدة طويلة».
ويتوقع الخبير المصرفي استقرار سعر الدولار عند «أوائل الـ40 جنيها»، وذلك مع بداية النصف الثاني من العام المالي الجاري، خاصة بعد تراجع في معدلات التضخم التي ستصل إلى الذورة الشهر المقبل، قبل أن يعاود الانخفاض مرة أخرى.
سببان وراء انخفاض محتمل للتضخم
يرجع شوقي ذلك إلى سببين، الأول انتهاء الدورات الاقتصادية على الأسعار القديمة التي وصل فيها الدولار إلى حدود الـ70 جنيهًا، وبالتالي التعامل عقب شهر رمضان مع السعر الحالي في حدود 47 جنيهًا.
السبب الثاني، انتهاء الأسعار الإدارية والتسعير على سعر واحد، من خلال رفع سعر البنزين بنهاية مارس بنفس قيمة الدولار حاليًا، وبالتالي حدوث استقرار في السوق، بحسب الدكتور أحمد شوقي الذي نوه إلى ضرورة تقليل على الفجوة بين الواردات والصادرات.
اقرأ أيضًا:
ماذا حدث للدولار بعد 10 أيام من تعويم الجنيه المصري؟