انتخابات الفرعيات في الكويت.. بديل للأحزاب أم اغتيال للرأي؟
مع اقترب موعد انتخابات مجلس الأمة الكويتي، يترقب المجتمع الكويتي تعاطي الدولة مع تنظيم انتخابات فرعية مجرمة دستوريًا، لكنه تشهد تباينا في الآراء ما بين مؤيد لإقامتها بداعي أنها تمثل بديلا للأحزاب السياسية، وآخرون يرونها تعدي على الدمقراطية لفرض إرادة غير إرادة الناخب.
ففي أولى عمليات ضبط للفرعيات، وجهت النيابة العامة الكويتية إلى 11 مواطناً من قبيلة بني غانم في الدائرة الانتخابية الرابعة تهمة تنظيم انتخابات فرعية وأمرت بحبس اثنين منهم على ذمة التحقيق، وجارٍ ضبط وإحضار التسعة الآخرين.
و نظم المتهمون هذه الفرعية بطريقة مبتكرة، عبر سفر المرشحين إلى مصر بصحبة لجنة تتولى التنسيق بينهم وبين المصوتين في الكويت عن طريق خدمة «الفيس تيم»، وبعدها أعلن أحدهم فوزه عبر حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي، والذي اعترف أمام النيابة بكتابة تغريدة فوزه عقب عملية التزكية.
وتقول وزارة الداخلية أنها تسعى لتحصين نزاهة الانتخابات وضمان سلامتها، عبر مكافحة الظواهر التي تؤثر على الإرادة الشعبية ومنها شراء الأصوات والانتخابات الفرعية.
جريمة تعزز العصبية
ويقول الخبير الأمني الكويتي اللواء فيصل الجزاف في تصريح إلى «خليجيون»: «إن الانتخابات الفرعية مجرمة قانونًا و وتعد تلاعباً بإرادة الشعب وتهديدا لأركان الدولة المدنية من خلال تعزيز فرص جبهة مرشحي الاجماع لتعزيز العصبية القبلية وعلى حساب الهوية المدنية»، مؤكدًا أن الكويت ممثلة في وزارة الداخلية تتصدى لكل تلك الانتهاكات.
وحذر الجزاف مواطنيه من الانجراف أو الانخراط في تلك الانتخابات الفرعية، مؤكدًا أنها تحول مجلس الأمة الذي يمثل الشعب إلى كيان آخر مكون من ممثلي الكتل الأكثر انغلاقاً داخل القبائل والطوائف والعائلات.
وقال الجزاف: «لن يكون هناك مرشح سيخدم الكويت وهو يمارس تلك المخالفات، والأصلح هو من سيفوز عبر انتخابات نزيهة لا تشوبها عصبية قبلية أو رشاوى».
الانتخابات الفرعية
والانتخابات الفرعيىة تعد ظاهرة متكررة يتم رصدها قبيل إجراء انتخابات مجلس الأمة، وبدأت تلك الظاهرة في أبريل 1996، إذ سلطت صحيفة «القبس» الضوء عليها آنذاك و التي اعتبرتها متناقضة مع نص وروح الدستور، فضلا عن تكريس الانتماء القبلي والطائفي على حساب الانتماء الوطنية.
ووقالت الصحيفة إن «استمرارها ظاهرة الانتخابات الفرعية سيؤدي إلى ترسيخ فكرة «الغيتو القبلي» والطائفي في الكويت، بالإضافة إلى أنها لم تفرز نواباً أو رجال دولة أو مصلحين صادقين، وإنما أفرزت رجال سياسة عاديين يبحثون عن مصالحهم الشخصية».
وذاع صيت الانتخابات الفرعية بالكويت في عام 1971، إذ نظمت قبيلة العجمان أول انتخابات فرعية في منطقة الأحمدي ومن ثم عممت وشاع استخدامها بين القبائل والطوائف الدينية، حسب تقرير وكالة أنباء فرانس برس.
وجاء ثاني استخدام لها في مجلس 1975، ونظمتها قبيلتا العجمان وعنزة، وبعد ذلك أجرتها القبائل الكبيرة في الكويت مثل العوازم والمطران اللتين تعدان الأكبر عدداً في الكويت.
واستمر استخدامها إلى أن جرمت في عام 1998، بعد أن قدم نواب تابعون للتيار الوطني الكويتي في مجلس الأمة مشروع قانوناً يقضي بمعاقبة منظمي الانتخابات الفرعية والداعمين لها والمشاركين فيها.
نص قانون الانتخابات الفرعية
وجاء نص القانون «يعاقب كل من نظم أو اشترك في تنظيم انتخابات فرعية أو دعا إليها، وهي التي تتم بصورة غير رسمية قبل الموعد المحدد للانتخابات لاختيار واحد أو أكثر من بين المنتمين لفئة أو طائفة معينة».
الانتخابات الفرعية تقود نائبا كويتيا إلى السجن
وسبق وقادت الانتخابات الفرعية نائبا كويتيا إلى السجن، ففي أكتوبر من العام 2022، قررت محكمة التمييز بالكويت رفض الطعن الذي تقدم به نائب في مجلس الأمة صدر بحقه حكم بالسجن لمخالفته نظام الانتخابات النيابية في البلاد.
وعرفت القضية بمسمى «تشاورية شمّر» وهي انتخابات فرعية قامت بها قبيلة شمّر قبل سنتين لاختيار ممثل عنها لانتخابات مجلس الأمة السابق 2020، كما أيدت وأيدت التمييز الحبس لعامين مع الشغل ضد النائب الذي أعيد انتخابه، مرزوق الخليفة، والنائب السابق سلطان اللغيصم، وآخرين يصل عددهم إلى 29 بين مشارك ومنظم.
اقرأ المزيد
«التمييز» تطلب رفض جميع طعون مرشحي انتخابات مجلس الأمة الكويتي
وعلى الجانب الآخر، يرى كثر أن هذه الانتخابات الفرعية بمثابة «بديل جيد عن الأحزاب»، ومن خلالها يمكن توصيل مفاهيم الديمقراطية للتجمعات القبلية التي هي أصلاً أساس المجتمع الكويتي، حسب «آراء حول الخليج».
ويرون أيضا أنها «تقلل كذلك من عدد المرشحين وبالتالي تسهّل عملية الاختيار»، بل ويذهبون إلى أن الولايات المتحدة تجري مثل هذه الانتخابات سواء في الحزب الجمهوري أو الحزب الديمقراطي لاختيار الأنسب ليمثلهم في انتخابات الرئاسة. وأن القبيلة تمثل الشريحة الاجتماعية الأهم في المجتمع الكويتي وهذه الانتخابات تحرص على تعزيز قوتها الاجتماعية.
اقرأ أيضا:
الكويت تقبض على 11 مواطنا من قبيلة بني غانم نظموا انتخابات «مجرّمة» في مصر
تعيين عدد كبير من الضباط ينتمون لعائلة واحدة.. داخلية الكويت ترد
وخلافا لما يعتقده الكثيرون فإن الناخبين الأمريكيين لا يقومون بانتخاب رئيسهم مباشرة، بل يتم حسم الانتخابات عن طريق للهيئات الانتخابية أو المجمع الانتخابي (Electoral College) التي تتكون من 538 مندوباً.