لماذا ارتفعت استثمارات الأجانب في مصر؟
ضخ مستثمرون أجانب مليارات الدولارات في أذون الخزانة المصرية منذ إعلان القاهرة عن اتفاق دعم مالي بقيمة 8 مليارات دولار مع صندوق النقد الدولي في السادس من مارس.
مراقبون يرون أن ذلك يرجع إلى حالة الثقة لد المستثمرين الأجانب بعد المشروع الإماراتي في رأس الحكمة، فضلا عن السياسات المصرية النقدية المتبعة جراء قرار تحرير سعر الصرف الذي أعلنه البنك المركزي المصري في مارس الماضي.
ثمار تحرير سعر الصرف
ويقول الخبر الاقتصادي الدكتور محمد عبد الهادي، إن «ثمار تحرير سعر الصرف يتم حصاده حاليا عبر الاستثمارات الأجنبية والتي من شأنها الحفاظ على السيولة النقدية الأجنبية في مصر واختفاء السوق السوداء»، لافتا إلى أن هناك ثقة دولية لدى السوق المصري بالتعامل ماليا بأسعار متقاربة جدًا بعيدا المصادر المتباعدة كما كان الحال قديما.
ويضيف عبد الهادي في تصريح إلى «خليجيون» أن النجاح في جذب المستثمرين الأجانب مؤشر ثقة لدى رجال الأعمال في السوق المصري بعد مشروع رأس الحكمة الإماراتي في القاهرة، الذي ضخ 35 مليار دولار في السوق المصرية على شكل ودائع بنكية واستثمارات، بالإضافة إلى قرض صندوق النقد الدولي.
ويتوقع الخبير الاقتصادي ارتفاع نسبة السيولة النقدية في مصر خلال الفترة القادمة، مع اكتساب السوق المصرية ثقة دولية واستقرار الأسعار.
وجاء الإعلان عن الاتفاق في أعقاب صفقة استثمارية كبرى بقيمة 35 مليار دولار مع دولة الإمارات، كما تزامن مع انخفاض حاد في قيمة الجنيه وقرار للبنك المركزي برفع أسعار الفائدة على الإيداع والإقراض لليلة واحدة 600 نقطة أساس، مما مكن المالية العامة المتعثرة من التقاط أنفاسها.
عزوف سابق
وكان المستثمرون الأجانب قد عزفوا عن أذون وسندات الخزانة المصرية في أواخر عام 2021 بسبب القلق إزاء المغالاة في قيمة العملة والخوف من عدم قدرة الحكومة على السداد.
وانخفضت استثمارات المَحافظ، التي كانت مصدرا مهما للدولار بالنسبة لمصر لكنها عرضة للصدمات، بواقع 20.98 مليار دولار في عام حتى نهاية يونيو 2022 وتراجعت 3.77 مليار دولار أخرى في العام التالي، وفقا لبيانات ميزان المدفوعات من البنك المركزي.
تحول المعنويات
وقال مصرفيون ومحللون إن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي والدعم المالي الآخر تسببا منذ ذلك الحين في تحول المعنويات، حسب رويترز.
وقال جيمس سوانستون من كابيتال إيكونوميكس «كانت السندات المحلية المصرية تتداول بعوائد مرتفعة للغاية، ولا تزال في ظل توفير صندوق النقد الدولي واتفاق الدعم الثنائي الآخر الثقة في عدم التخلف في سداد الديون السيادية».
وأشارت تقديرات أحد كبار المصرفيين الأسبوع الماضي، إلى أن المستثمرين الأجانب اشتروا أذون وسندات خزانة بقيمة خمسة مليارات دولار من خلال السوق الأولية و9.5 مليار دولار أخرى من السوق الثانوية عبر مستثمرين.
وقدر تقرير ثان إجمالي الاستثمارات الأجنبية في السوقين بما يتراوح بين 11 و12 مليار دولار حتى يوم الاثنين.
وارتفعت استثمارات المحافظ بجميع آجال الاستحقاق بمقدار 228.8 مليون دولار فقط في الأشهر الستة الأخيرة من عام 2023، وفقا لبيانات البنك المركزي الصادرة يوم الاثنين.
وحتى 31 نوفمبر، وهي أحدث بيانات متاحة للبنك المركزي، اشترى المستثمرون الأجانب أذون خزانة بقيمة 389.7 مليار جنيه بآجال استحقاق عام أو أقل، وهو ما يعادل نحو 12.6 مليار دولار بسعر الصرف الرسمي في ذلك الوقت.
وأبلغت مصر صندوق النقد العام الماضي أنها ستعمل على تطوير أدوات دين بأسعار فائدة متغيرة وآجال أطول.
وبعد الاتفاق مع الصندوق في السادس من مارس، قفز متوسط العائد على أذون الخزانة لأجل عام واحد إلى 32.30 بالمئة من 29.91% بعد زيادة أسعار الفائدة 600 نقطة أساس. لكن الطلب الدولي المتزايد منذ ذلك الحين أدى إلى انخفاضه إلى 25.75%.
وقال أحد المتعاملين في البنوك المصرية إن تدفق الأموال الأجنبية كان هائلا لدرجة أنه «خرب السوق على اللاعبين المحليين».
ووفقا لبيانات وزارة المالية، شكلت مدفوعات الفائدة ما يقرب من 55% من إجمالي الإنفاق الحكومي في الأشهر الثمانية حتى نهاية فبراير ارتفاعا من 41 بالمئة فقط قبل عام.
وقال سوانستون:«على صناع السياسات توخي الحذر حتى لا يعتمدوا بشكل مفرط على ما يسمى بتدفقات (الأموال الساخنة) التي تجعل مصر عرضة للتوقف المفاجئ لتدفقات رأس المال أو خروجها».
اقرأ المزيد
«سبايا داعش».. جريمة استرقاق فتاتين من الإيزيديين تهز ألمانيا