آمال «الهدنة» تتلاعب بالفلسطينيين في قطاع غزة
يتحدث النازح الفلسطيني خالد محمد عن توقعاته منذ عدة أشهر بأن يتم التوصل لوقف إطلاق النار أو هدنة تخفف من معاناة أهالي قطاع غزة من الحرب الإسرائيلية التي دخلت شهرها السابع.
وقال خالد لوكالة أنباء العالم العربي «توقعنا أن نستقبل شهر رمضان بفرحة وهدنة، لكن للأسف لم يحدث ذلك، وكذلك كنا نأمل أن تتم الهدنة قبل عيد الفطر، ولكن ذلك لم يحدث أيضا، أصبحنا على يقين أن المفاوضات أكذوبة، ونعيش بلا أمل».
حال النازح مؤمن شحادة لم يختلف، فتحدث عن الآمال والوعود التي سمعوها بأن يكون هناك هدنة، ويقول «كنا نأمل أن تكون هناك هدنة على الأقل في شهر رمضان ليعيش أطفالنا دون قصف، لكن المفاوضات فشلت، وبعد ذلك كان لدينا أمل أن تتم الهدنة قبل عيد الفطر ليعيش أطفالنا أجواء العيد في هدوء وسكينة، الآن لم نعد ننتظر أي شئ».
وتسبب العدوان الإسرائيلي في استشهاد ما يقرب من 34 ألف فلسطيني وإصابة حوالي 80 ألفا، ويعتقد أن آلاف الجثث ما زالت تحت أنقاض المنازل المدمرة والركام في قطاع غزة الذي سوت إسرائيل غالبية مناطقه بالأرض. ونزح غالبية أهالي قطاع غزة فرارا من القصف الإسرائيلي، ويتكدس ما يقرب من 1.5 مليون فلسطيني حاليا في بلدة رفح في جنوب القطاع على الحدود مع مصر.
وعاش المدنيون المحاصرون في قطاع غزة الأسبوع الماضي على أمل حدوث انفراجة في المفاوضات الجارية للتوصل إلى هدنة ووقف إطلاق النار، لتخفيف بعض ما يعيشونه في مواجهة جيش مدجج بالسلاح.
هذه الآمال والأمنيات بأن تضع الحرب أوزارها بدأت تتضاءل وسط حالة من اليأس وفقدان الأمل في التوصل لاتفاق.
وقالت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) يوم السبت إنها سلمت الوسطاء في مصر وقطر ردها على المقترح الذي تسلمته الأسبوع الماضي لوقف إطلاق النار في قطاع غزة وإبرام هدنة لتبادل الأسرى.
وقالت حماس في بيان «تؤكد مجددا على تمسكنا بمطالبنا ومطالب شعبنا الوطنية بوقف دائم لإطلاق النار وانسحاب جيش الاحتلال من كامل قطاع غزة، وعودة النازحين إلى مناطقهم وأماكن سكناهم، وتكثيف دخول الإغاثة والمساعدات والبدء بالإعمار».
فقدان الأمل والأمان في غزة
يقول متخصصون في علم النفس إن الحالة النفسية التي يعيشها سكان قطاع غزة هي الأصعب على الإطلاق في ظل استمرار الحرب لفترة طويلة، الأمر الذي يستنزف قدراتهم النفسية والجسدية.
النازحة إيمان الشيخ تعيش على أمل الهدنة كغيرها من النازحين، وتقول لوكالة أبناء العالم العربي «كنا نأمل في هدنة في شهر رمضان ولم تحدث، وبعد ذلك تأملنا أن تتم الهدنة قبل العيد ولم تنجح كذلك، نفسيتنا دمرت، والآن عندما يتم الحديث عن الهدنة، لم نعد نهتم بكل ما يقال».
أما النازح الفلسطيني الآخر محمد عبد النبي فيقول «في رمضان كنت أستيقظ كل يوم على أمل أن أسمع خبرا بأن هناك هدنة، لكن الآن لم نعد نؤمن بهذه الأخبار، هي فقط لعبة هدفها النيل من أعصابنا، كلنا أصبحنا مرضى نفسيين بسبب الحرب، تعبنا وأطفالنا تأذوا نفسيا، ولا أتوقع أن تكون هناك هدنة قريبة».
ووصفت الأخصائية النفسية هانية عبيد ما يعيشه أهالي قطاع غزة بحالة عدم يقين وترقب وفقدان أي قدرة على التخطيط لفترات قادمة.
وقالت «المواطنون في قطاع غزة يعيشون حالة من الترقب ساعة بساعة ولحظة بلحظة وسط مشاعر مختلطة، فهناك لحظات شعور بالأمل عند الحديث عن هدنة أو وقف لإطلاق النار سرعان ما تختفي ويحل مكانها الشعور بالإحباط والخوف عند الحديث عن فشل المفاوضات».
وأضافت «كما أن شعور هؤلاء الفلسطينيين بفقدان الأمان الذي يلازمهم منذ سبعة أشهر يسبب ضغطا نفسيا كبيرا وحالة إجهاد عاطفي وبدني، إضافة للتعب الجسدي والخوف المتواصل يمكن أن يتسبب في شعور باليأس، لذلك من الضروري محاولة تعزيز الشعور بالأمل لديهم وأن الوضع الراهن لابد من أن تكون له نهاية».
جراح نفسية عميقة لدى الفلسطينيين
وأكدت الأخصائية النفسية أن كل الظروف الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون في قطاع غزة سيكون لها تأثير على المدى البعيد.
وقالت «ما يعيشه نحو مليوني فلسطيني سيترك لهم جراحا نفسية عميقة ستلازمهم لفترات طويلة، فما يشعرون به سيستمر حتى بعد نهاية الحرب، وسيحتاجون لعلاج نفسي، سواء في مراحل أولية أو مراحل متقدمة».
ويعتقد الأخصائي النفسي شادي أبو الكباش أن ما يعيشه الفلسطينيون في قطاع غزة استثنائي، وعلى الرغم من الحروب السابقة التي شهدها القطاع، لم يسبق أن كانت هناك تجربة سابقة مثل الحرب الحالية من حيث شدتها والفترة الطويلة الممتدة لحوالي سبعة أشهر.
وأبلغ أبو الكباش وكالة أنباء العالم العربي «رغم أن سكان قطاع غزة عايشوا حروبا سابقة، فإن ما يعيشونه الآن يفوق رصيد الجلد النفسي لديهم، حيث بدأ ينفد لدى البعض وأصبح يتحول لحالة من اليأس». وأضاف أبو الكباش أنه في كل مرة يجري الحديث عن هدنة يتجدد الأمل لديهم، ومع تكرار هذه التجربة بتجدد الأمل ثم يتبدد، فأصبح لديهم حالة من فقدان الأمل والاستسلام للأمر الواقع بأن هذا الوضع يمكن أن يطول.
وتابع قائلا «رغم أن سكان القطاع من أكثر الفئات قدرة على التحمل ولديهم رصيد صلابة عال جدا بسبب الظروف الصعبة التي عايشوها على مدار سنوات، فإن ما يعيشونه الآن.. .جعلهم يفقدون كل معاني الحياة بشكل تدريجي، وبالتالي استنزفت قدرتهم وجلدهم النفسي على تحمل ما هو قادم».
اقرأ المزيد:
فيصل القاسم يدافع عن إسقاط المسيرات الإيرانية في الأردن
مشاورات مفاجئة بين وزير الدفاع الأميركي و3 وزراء خليجيين
السوداني في البيت الأبيض والبنتاغون.. رسائل أميركية ودعم عسكري