«خليجيون»| ماذا طلب السوداني من بايدن؟
في خضم أزمات تعصف بمطقة الشرق الأوسط، حل رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ضيفًا على البيت الأبيض ومعه أزمات عراقية ملتهبة وأخرى على بعد خطوات من حدوده.
حقيبة الأمن والدولار وإيران
قبيل نهاية ولاية بايدن وجه البيت الأبيض دعوة لرئيس حكومة العراق السوداني لزيارة واشنطن، وهي «رحلة صعبة» قد ترسم خارطة جديدة للعلاقات بين العاصمتين، هناك من يرى أن السوداني يواجه «خطابا ناعما» من البيت الأبيض و«خشنا» من الكونغرس.
ووفق مراقبين، تعد تلك الزيارة الأصعب لرئيس حكومة عراقية إلى البيت الأبيض بدعوة تأخرت كثيرًا، إذ يرى مراقبون أن زيارته التي تأتي في ظروف صعبة تمر بها المنطقة وتشغل واشنطن، أبرزها الحرب في غزة والتوتر بين إيران وحلفائها من جهة وإسرائيل من جهة أخرى، خصوصًا أن البعض في واشنطن يعتبر أن حكومة السوداني «مدعومة من الفصائل المسلحة»، في إشارة إلى طبيعة تشكيلها التي ولدت بعد مخاض امتد إلى أكثر من عام، بسبب خلافات سياسية شيعية - شيعية وكذلك مع الأطراف السياسية الأخرى.
وحسب محللين، فإن «واشنطن كانت تراقب أداء الحكومة وتعتقد أن السوداني نجح في بعض الملفات ويسعى للنجاح في ملفات أخرى، وعلى رأسها ملف صرف الدولار والطاقة وقضية محاولاته حصر السلاح بيد الدولة».
ملفات عاجلة
وفق الخبراء فإن هناك ثلاث ملفات رئيسية تهتم بها واشنطن، أشار إليها بيان دعوة البيت الأبيض للسوداني، أولها ملف إعادة تنظيم علاقة العراق مع التحالف الدولي أي التواجد العسكري الأميركي وغير الأميركي في العراق.
الملف الثاني يتعلق بالإصلاحات المالية التي تنفذها حكومة السوداني، إذ ترغب «واشنطن بالسيطرة على حركة الدولار، لأنها ترى أن العراق لا يقوم بما فيه الكفاية لوقف تهريب الدولار إلى إيران، وكذلك غسيل الأموال، بالإضافة إلى تمويل الإرهاب، في إشارة إلى الثروات التي تجمعها الفصائل المسلحة في العراق».
الملف الثالث يهتم باستقلال العراق في إنتاج الطاقة الكهربائية، خصوصًا مسألة استيراد الغاز من إيران لإنتاج الطاقة أو استيراد الكهرباء من إيران مباشرة والذي يتعارض مع العقوبات التي تفرضها واشنطن على طهران.
يرى مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية غازي فيصل أن «العلاقات العراقية الأميركية محكومة باتفاقية الإطار الاستراتيجي الموقعة في 2008 والمصادق عليها من مجلس النواب في 2009، إذ تشكل هذه الاتفاقية قاعدة أساسية للتحالف الاستراتيجي على الصعد السياسية والأمنية والاقتصادية ومختلف المجالات بين البلدين».
وأضاف فيصل في تصريح لـ«خليجيون» أن هذه الزيارة جاءت لتعزيز الاتفاقية وتفعيل بنودها التي تتعلق بآفاق عديدة كالتربية والتعليم والصحة والانتقال نحو شراكة اقتصادية مستدامة، والانفتاح على الاستثمارات وإعادة بناء القاعدة الصناعية وتطوير الزراعة عبر التنسيق مع الشركات الأميركية.
واعتبر الزيارة نقطة تحول في استراتيجية الحكومة العراقية، وبعد فترة من التوترات في العلاقات بين العراق والولايات وتعرض السفارة الأميركية لتصرفات معادية والدعوة لقطع العلاقات مع الولايات المتحدة، ولذلك كانت الحاجة لترسيخ علاقة استراتيجية واسعة وشراكة اقتصادية شاملة.
انسحاب القوات الأميركية
وبخصوص مطلب انسحاب القوات الأميركية، قال فيصل إن «الوضع سيبقى كما هو، فالتحالف الدولي وجد لوجود داعش وعندما تنتفي الحاجة لوجود هذه القوات يتم إجلاؤها تدريجيا وعودتها إلى دولها، أما فيما يتعلق بالاستمرار مع الشركات الأميركية للأسلحة والتدريب فهذا مهم وهو ضمن الاتفاقية».
ملف محسوم
ووفق تحليلات أخرى، فإن انسحاب القوات الأميركية وقوات التحالف على رأس أولويات «الإطار التنسيقي»، ولذا سيأخذ السوداني هذا الملف معه لإرضاء الإطار التنسيقي»، وهو ما أشار إليه المتحدث باسم الحكومة العراقية باسم العوادي كما نقلت عنه وكالة الأنباء العراقية قوله: «هذا الملف محسوم من الطرفين العراقي والأميركي، والحكومة العراقية جادة بنسبة 100% في هذا الموضوع، ولا يمكن لرئيس الوزراء أن يجامل بهذا الموضوع أو يناظر فيه، إذ يتعلق بمستقبل العراق وسيادة البلد وغير قابل للمناورة«.
ويرى غازي أن الولايات المتحدة تمتلك خطة لإعادة بناء العراق المنهك بالحروب وانعدام الأمن والاستقرار.
وعن توقيت الزيارة يرى الباحث العراقي أن الدولة العراقية ضد التصعيد في المنطقة بشكل كامل، مؤكدًا أن العراق لم يكن طرفًا في الهجوم على القنصلية الإيرانية في دمشق، ولا في الهجمات الإيرانية على دولة الاحتلال، محملاً الميلشيات الإيرانية في المنطقة المسئولية على استهداف القوات الأميركية.