موجة الحر تخنق نازحي غزة.. خيام كالأفران وأوبئة في الفراش
تحاصر موجة حر شديدة خيام النازحين في قطاع غزة، مع اقتراب درجات الحرارة من 40 درجة مئوية، وهو ما يحيل حياة الآلاف إلى جحيم لا يقل عن جحيم العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ السابع من أكتوبر الماضي.
وسلط تقرير لصحيفة «نيويورك تايمز» الضوء على هذه الأوضاع المأسوية، حيث أعاقت موجة الحر عمل بعض الشركات في القطاع، وفاقمت المحنة التي يعيشها سكان غزة في ظل الظروف الإنسانية الصعبة.
ونقلت الصحيفة عن محمد فياض، وهو صيدلي نازح بدأ ببيع الأدوية من خيمة بناها من ألواح خشبية وستائر وقطع معدنية في مخيم للنازحين في منطقة المواصي: «هذا الطقس الحار يمثل تحديًا لنا».
فياض يكافح من أجل «جوليا»
بدون كهرباء أو مصادر طاقة بديلة، قال فياض البالغ من العمر 32 عامًا، إنه لا يستطيع الحفاظ على الأدوية، التي يشتريها من الصيدليات التي اضطرت إلى الإغلاق، مخزنة بدرجات حرارة باردة بما يكفي لمنعها من التلف، محاولاً إيجاد طرق لتوليد الطاقة لثلاجة لتخزين الأدوية.
ويسرد فياض تفاصيل المعاناة التي يواجها وهو يتحدث من صيدليته المؤقتة التي أطلق عليها اسم «جوليا» تيمنًا بابنته البالغة من العمر ثلاث سنوات قائلاً: «50% من الأدوية للأمراض المزمنة غير متوفرة، لأنه ليس لدينا أي مصدر للطاقة للحفاظ عليها باردة».
ونزح فياض مع زوجته وابنته الوحيدة من خان يونس، حيث كانوا يعيشون ويمتلكون صيدلية. وبقوا في المواصي لأكثر من شهرين. عندما عادوا مؤخرا إلى خان يونس بعد انسحاب الجيش الإسرائيلي من المنطقة، وجد أن صيدليته قد أحرقت ونهبت.
مخيم المواصي
واضطر ما يقرب من مليوني فلسطيني في قطاع غزة إلى الفرار من منازلهم تحت القصف الإسرائيلي وأوامر الإخلاء العسكرية. وأجبر الكثيرون على العيش في خيام لا توفر سوى القليل من الحماية من الأشهر الباردة والممطرة في وقت سابق من الحرب ولا تقدم لهم أي حماية ضد موجات الحر الحارقة والطقس الرطب الآن.
وتحولت المواصي إلى مخيم يضم آلاف الخيام التي نصبها النازحون على الأرصفة وفي الطرق بما تيسر لهم من مواد، بعد نزوحهم من شمال القطاع هرباً من القصف والغارات.
والمواصي هي المنطقة التي طلب الجيش من سكان الأحياء المحيطة بمجمع الشفاء المحاصر التوجه إليها، بعد أن أمرهم بإخلاء منازلهم.
يبقى حلم الكثير من النازحين الحصول على الماء لتبريد أطفالهم وحمايتهم من الحرارة، في ظل موجة الحر الشديدة التي يشهدها قطاع غزة، ومما يزيد الأمر سوءًا، فإن الطقس الحار يوفر بيئة مثالية لانتشار الحشرات الناقلة للأمراض.
من جهته، تحدث محمد أبو حطب، وهو أب لأربعة أطفال، من بينهم طفل يبلغ من العمر 7 أشهر: «لسعت الحشرات والبعوض أطفالي بسبب غياب ظروف النظافة في الجوار، والصرف الصحي يتسرب في كل مكان تقريبا». وتابع أبو حطب، البالغ من العمر 33 عاما: «اضطررت إلى تجريد أطفالي من ملابسهم باستثناء ملابسهم الداخلية فقط».
يقتاتون أوراق الشجر وعلف الحيوانات
وخلال الأسابيع الماضية، أدت التقارير القاتمة الواردة من غزة عن أشخاص يقتاتون أوراق الشجر وعلف الحيوانات بينما يُنهك الأطفالَ سوء التغذية، إلى تركيز الانتباه على النقص الكبير في المساعدات الغذائية، ناهيك عن الأدوية وغيرها من الضروريات الأساسية.
وحذرت وكالات الإغاثة من أن النظام الصحي في غزة انهار تقريبا منذ بدء الحرب، حيث لا تعمل حاليا سوى عشرة مستشفيات من أصل 36 في غزة، وبشكل جزئي. كما تحذر الهيئات الأممية من أن المجاعة تشكل «تهديدا حقيقيا وخطرا" في غزة.
وتشكو الأمم المتحدة منذ فترة طويلة من العقبات التي تحول دون وصول المساعدات وتوزيعها في أنحاء قطاع غزة خلال الأشهر الستة التي تلت بدء إسرائيل هجوما جويا وبريا على حركة حماس التي تدير القطاع.