عمان تلحق بركب الخليج «هيدروجينيا».. هل تستغني عن النفط؟
اتخذت سلطنة عمان خطوات فعلية من أجل اللحاق بركب بعض الدول الخليجية التي أعلنت عزمها انتاج «الهيدروجين الأخضر»، متمثلة في تنفيذ مشروعات الهيدروجين الأخضر (الطاقة النظيفة)، إذ كشف بيان لشركة هايدروم العمانية، الإثنين، توقيع أول اتفاقية تطوير مشروع وحق انتفاع بالأرض، ضمن الجولة الثانية من المزايدات العلنية لأراضي مشروعات الهيدروجين في ظفار، بينما يرى خبراء طاقة أن التحركات الخليجية نحو الهيدروجين الأخضر لن تؤثر على مستقبل الاعتماد على النفط.
وجاء توقيع الاتفاقية التي تستهدف تسريع إنجاز مشروعات الهيدروجين الأخضر في سلطنة عمان، بمشاركة رئيس شركة هايدروم، وزير الطاقة العماني المهندس سالم بن ناصر العوفي، وممثلي تحالف مجموعة كهرباء فرنسا "إي دي إف" (EDF)، وشركة جي باور (GPower) وشركة يامنة.
ويرى الخبير البيئي، رئيس الوفد التفاوضي المصري في مؤتمر المناخ بباريس cop21 هشام عيسى، أن الهيدروجين الأخضر وسيلة لخفض الانبعاثات الحرارية لكنه لن يكون بديلا عن النفط في عمان أو أي بلد خليجي اعتاد على (صنابير البترول) كمصدر دخل أساسي، لافتا إلى أنه من الممكن أن يكون أحد الطرق التي تخفض من استهلاك مشتقات النفط محليًا وتوفيرها للتصدير.
ويقول عيسى في تصريح إلى «خليجيون»:«الإمارات أوصت في كوب 28 بالاستغناء عن الوقود الأحفوري دون اتخاذ خطوات حقيقية وملموسة فيما يخص تلك التوصيات التي وصفت بالتاريخية حتى الآن»، مشيرًا إلى أن الاستثمارات العمانية والخليجية في مجال الهيدروجين الأخضر تتعدى نسبة الـ 5% من نظيرتها النفطية.
ويعد النفط المصدر الرئيسي للإيرادات بدول الخليج، إذ سجلت إيرادات النفط نحو 595 مليون ريال عُماني في مارس الماضي، في حين حصلت في يناير الماضي 602 مليون ريال عُماني حتى نهاية يناير 2023م، وبلغ متوسط سعر النفط المحقق نحو 90 دولارًا أميركيًّا للبرميل، كما بلغ متوسط كمية إنتاج النفط نحو مليون و40 ألف برميل يوميًّا.
غير مجدي سوقيًا
ويشدد عيسى على أهمية الهيدروجين الأخضر في انتاج طاقة نظيفة تساهم في الحفاظ على البيئة والتقليل من الانبعاثات الحرارية، لكن في الوقت نفسه يؤكد على أن ذلك (الوقود الأقل ضررا) لا يمثل سوى نحو 2% من مجمل إنتاج الهيدروجين عالميا، وهو ما اعتبره غير مجدي سوقيًا.
وكان مستضيفو محادثات الأمم المتحدة بشأن المناخ (كوب 27) في نوفمبر 2022، قد أطلقوا خطة عالمية لمساعدة المجتمعات الأشد فقرا في العالم على الصمود في مواجهة آثار الاحتباس الحراري.
بينما حين دافع ممثلو عدد من الحكومات الخليجية عن الوقود الأحفوري، وعلى رأسهم وزير النفط الكويتي سعد ناصر حمد البراك، الذي قال في كلمته خلال الاجتماع «أفاجأ من الهجمة الشرسة لما يسمى فايزنج آوت (الاستغناء التدريجي عن) النفط وتقليل الاعتماد علىيه كمصدر للطاقة بهذه الشراسة التي ربما تقابلها الشراهة من الغرب عموما في الاستحواذ على الاقتصاد والمكانة المتقدمة.. .وأتعجب من هذا الإصرار غير العادي لحرمان الشعوب ودول كثيرة أكثرها في العالم النامي من مصدر أساسي للطاقة».
اللجوء إلى الهيدروجين الأخضر دون الاستغناء عن النفط
ولجأت بعض الدول الخليجية إلى الاعلان عن نيتها الاعتماد على الهيدروجين الأخضر بنسبة كبيرة في انتاج الطاقة، إذ أعلنت الإمارات في قمة المناخ «كوب 26» أنها تعمل على وضع خريطة وطنية للهيدروجين تعزز مكانتها بصفتها دولة رائدة في القطاع.
ووقّعت شراكة إستراتيجية مع الشركة الأسترالية «جي إتش دي» للاستشارات الهندسية، ومركز الأبحاث الألماني «فراونهوفر»، لوضع الاتجاه العام نحو بناء اقتصاد للهيدروجين في الإمارات.
الهيدروجين الأخضر في الكويت
حتى الآن لم تتبنى الكويت نشروع وطني لانتاج الهيدروجين الأخضر، لكن مؤسسة الكويت للتقدم العلمي قدّمت مسودة أولية في يناير 2021، إذ تقترح المسودة تعزيز تقنيات احتجاز الكربون والطاقة المتجددة وإنتاج الهيدروجين الأخضر والأزرق.
واحتلّت الكويت المرتبة الأخيرة على قائمة مجلة ميد لمشروعات الهيدروجين الأخضر بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويرجع ذلك إلى أن قيمة مشروعات الهيدروجين الأخضر في الكويت بلغت 15 مليون دولار فقط، ومع ذلك، تعمل البلاد على تطوير إستراتيجية وطنية للهيدروجين في أسرع وقت، حسب موقع الطاقة.
نتائج واعدة في قطر
فيما قال تقرير حديث عن «خريطة طريق التدابير التمكينية للهيدروجين الأخضر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا» و الذي أصدره المنتدى الاقتصادي العالمي- أنه «على الرغم من أن قطر قد تكون أصغر حجمًا مقارنة بنظيراتها من الدول العربية، فإنها تمتلك ثالث أكبر احتياطيات مؤكدة من الغاز الطبيعي على مستوى العالم، تُقدر بأكثر من 25 تريليون متر مكعب.
أهداف سلطنة عمان لإنتاج الهيدروجين
خلال حفل توقيع مشروع الهيدروجين الأخضر في سلطنة عمان، قال وزير الطاقة والمعادن المهندس سالم بن ناصر العوفي، إن بلاده مستعدة لتحقيق ما وعدت به بإنتاج مليون طن من الهيدروجين بحلول عام 2030، إذ تطمح لتحقيق نجاحًا عالميًا، وأن تكون في طليعة المنتجين، من خلال منهج الشفافية وتكافؤ الفرص.
وأوضح العوفي أن سلطنة عمان أكملت المرحلة الأولى من مشروعات الهيدروجين الأخضر، التي ستعزز القدرة العالمية على إنتاج الكهرباء بمقدار ضعف القدرات الحالية، بينما تعمل جاهدة في الوقت الحالي على مضاعفة إنجازاتها من خلال الاتفاقية التي توقعها.