ضغوط غربية تتصاعد على الإمارات.. «روسيا» كلمة السر
تزامنا مع التصعيد الغربي ضد الإمارات العربية المتحدة على خلفية اتهامات لأبوظبي بدعم أحد طرفي القتال في السودان، كشفت ثلاثة مصادر مطلعة إن الولايات المتحدة وبريطانيا والاتحاد الأوروبي يضغطون على الإمارات العربية المتحدة لكي تظهر أنها تضيق الخناق على الشركات التي تلتف حول العقوبات المفروضة على روسيا بسبب حرب موسكو في أوكرانيا.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية إن مسؤولين أميركيين وبريطانيين ومن الاتحاد الأوروبي زاروا الإمارات الأسبوع الماضي في إطار جهد منسق أوسع لمنع وصول البضائع الخاضعة للعقوبات إلى روسيا، ورفض الإدلاء بمزيد من التعليقات.
صادرات مزدوجة الاستخدام إلى روسيا
وذكرت المصادر أن المسؤولين طلبوا من الإمارات في سلسلة اجتماعات منفصلة تبادل معلومات تجارية مفصلة عن صادراتها إلى روسيا وعن إعادة تصدير ما يُسمى بالسلع مزدوجة الاستخدام التي لها أغراض مدنية وعسكرية.
وردا على طلب للتعليق، لم يتطرق مسؤول إماراتي إلى ما إذا كانت المحادثات قد جرت، لكنه قال إن حظرا قد صدر على منتجات بعينها ذات استخدام مزدوج والذي «يعتبر ضروريا لتخفيف الصراع في أوكرانيا»، وإن البيانات الأولية تشير إلى أنه لم يكن هناك تصدير أو إعادة تصدير لمثل هذه المنتجات حتى الآن في هذا العام. ولم يشارك المسؤول البيانات الأولية.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية إن وفدا أميركيا زار الإمارات في إطار حوار مستمر حول اتجاهات إعادة الشحن، ولا سيما السلع ذات الاستخدام المزدوج التي تدعم القاعدة الصناعية الدفاعية الروسية.
ما طبيعة المخاوف الغربية؟
وقالت المصادر إن من بين المخاوف الغربية تورط شركات في الإمارات في تصدير رقائق الكمبيوتر والإلكترونيات والآلات، وغيرها من المنتجات الخاضعة للعقوبات، إلى روسيا. وهذه المنتجات يمكن استخدامها لدعم جهود موسكو العسكرية ضد أوكرانيا.
وقالت المصادر إن واردات الإمارات من بعض المنتجات ذات الاستخدام المزدوج والخاضعة للعقوبات زادت منذ فرض العقوبات الغربية على روسيا، مضيفين أن بيانات التجارة الروسية أظهرت أن منشأ السلع المستوردة الخاضعة للعقوبات هو الإمارات. وذكرت وكالة «رويترز» أنها لم تتمكن من التحقق من البيانات التي وردت تقارير عنها.
وقالت المصادر إن مسؤولين إماراتيين كرروا الأسبوع الماضي تأكيدات كانوا قد قدموها في سبتمبر أيلول بشأن فرض ضوابط على الصادرات تحظر تصدير المنتجات الخاضعة للعقوبات، دون تقديم أي دليل على مثل هذه الإجراءات.
وطبقت الدول الغربية إلى حد كبير العقوبات التي فُرضت على روسيا بسبب غزوها لأوكرانيا في فبراير 2022، بما في ذلك الحظر على صادرات السلع الحساسة، لكن الدول الأخرى غير ملزمة بالضرورة بالامتثال لها. إلا أن الولايات المتحدة اتخذت إجراءات ضد أفراد وشركات يلتفون حول العقوبات، بما في ذلك في الإمارات، وضغطت أيضا على تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي، من بين دول أخرى.
كيف ردت الإمارات؟
وقال المسؤول الإماراتي إن أبوظبي تطبق عملية واضحة وفعالة للتعامل مع الكيانات الخاضعة للعقوبات، وهي عملية تُمارس ضد العديد من الشركات منذ بداية الحرب.
وأضاف المسؤول في البيان المرسل عبر البريد الإلكتروني ولم يذكر روسيا بالاسم “ما زلنا نجري حوارا وثيقا مع شركائنا الدوليين، بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، فيما يتعلق بالصراع المستمر في أوكرانيا وتداعياته على الاقتصاد العالمي”.
مزيد من العقوبات
قالت المصادر المطلعة على التواصل الدبلوماسي الغربي مع الإمارات إن من المرجح فرض عقوبات غربية على مزيد من الشركات في الإمارات قريبا بسبب التحايل على العقوبات على روسيا. ولم ترد المفوضية الأوروبية على طلبات من رويترز للتعليق.
وتأثير العقوبات الحالية محدود، حيث وجدت روسيا، التي اتهمت الغرب بمحاولة إرغام الدول الأخرى على اتباع قيودها، سبلا لشراء المنتجات ذات الاستخدام المزدوج عبر دول طرف ثالث. ولم ترد الحكومة الروسية على طلب للتعليق على هذا الخبر في أيام عطلة على مستوى البلاد.
توازن بين أميركا وروسيا
وسعت الإمارات، الجاذبة للثروات والتجارة الدولية، إلى الحفاظ على التوازن في علاقاتها مع واشنطن، شريكها الأمني الأكثر أهمية، ومع موسكو. واستفاد اقتصاد الدولة الخليجية من تدفق الثروات الروسية، وهو ما أثار تدقيقا من واشنطن وحلفاء غربيين آخرين يسعون إلى عزل موسكو بسبب الحرب.
لكن الإمارات تندد بغزو أوكرانيا وتساعد أيضا في تسهيل عمليات تبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا.
وقال اثنان من المصادر إن المسؤولين الغربيين يطلبون أيضا من الإمارات تفاصيل الرقابة على الشركات المسجلة في العديد مما يُسمى بالمناطق الحرة، بما في ذلك القوانين واللوائح التي تحكم مكافحة غسل الأموال والامتثال للعقوبات.
وفي وقت سابق من هذا العام، أُزيلت الإمارات من قائمة هيئة رقابية عالمية للدول المعرضة لخطر تدفقات الأموال غير المشروعة، وهو اعتراف بالجهود المبذولة لتعزيز ممارسات مكافحة غسل الأموال.
خطوة البنوك الإماراتية
ويقول دبلوماسيون غربيون أيضا إن البنوك الإماراتية أغلقت حسابات بعض المواطنين الروس، وإنه أصبح الآن من الصعب بشكل عام على الروس فتح حسابات بعد تهديد الولايات المتحدة بفرض عقوبات على المؤسسات المالية في دول طرف ثالث يتبين أنها تساعد روسيا على تجنب العقوبات.
ومع ذلك، خلال زيارة المسؤولين الغربيين في الأسبوع الماضي، صوّت البرلمان الأوروبي على إبقاء الإمارات على قائمة المراقبة الخاصة به للدول التي وُجد أنها تعاني من قصور في إطار عملها لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.
الحرب الأهلية في السودان
وليس بعيدا عن الضغوط الغربية في الملف الروسي، خرجت تحذيرات موازية من خطورة التصعيد المتبادل بين الإمارات العربية والمتحدة والغرب، على خلفية اتهامات أميركا وبريطانيا لأبوظبي بدعم قوات الدعم السريع بقيادة الفريق محمد حمدان دقلو (حميدتي) ضد الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان في الحرب المستمرة منذ أكثر من عام.
والأسبوع الماضي أطلقت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس جرينفيلد ما قالت إنها مناشدة إلى جميع الدول، (بما في ذلك الإمارات)، التوقف عن تقديم الدعم لطرفي الحرب في السودان، وعلى المسار نفسه ذكرت صحيفة «ذا تايمز» البريطانية أن الإمارات الغت اجتماعات مع وزراء بريطانيين بعد اتهامها بتمويل جماعات شبه عسكرية في السودان
ويرى الدكتور صفي الدين البربري الباحث في الشأن الخليجي، أن هناك أمورا خفية «في العلاقات الأميركية الإماراتية في ظل ظروف المنطقة أدت إلى الموقف الأميركي الأخير»، لافتا أن «هناك احتمال ضعيف أن تكون مندوبة الولايات المتحدة ناشدت الإمارات بعدم التدخل «بحسن نية» وانسياقا مع الاتهامات السودانية».
اقرأ المزيد:
خليجيون| ما مخاطر التصعيد بين الغرب والإمارات بورقة «حميدتي»؟
محمد البرادعي يعلق على مقترح الهدنة المؤقتة في غزة
«خليجيون»| أميركا تختبر الطموح السعودي بـ«الخطة ب»: «التطبيع» مقابل «المفاعل النووي»