بريق الذهب يسقط شباب الأردن في فخ الاستدانة
تحت ضغط الوضع الاقتصاديّ، اضطر الشاب الأردنيّ حسين إلى تأجيل موعد زواجه لبعض الوقت، حتى يتمكّن من إهداء خطيبته ما اتفقا عليه من حُليّ ذهبية.
ويأمل حسين (30 عاما) في أن تتراجع أسعار الذهب، الذي يعدّه «أولوية وركنا أساسيّا في الزواج.. .حيث لا توجد فتاة تقبل بالزواج دون أن يهديها خطيبها الشبكة، فالفتيات بطبعهّن يحببن الذهب».
خطيبة حسين ترى أيضا أن المهر «يعني في الأردن الذهب بشكل أساسي« وأنهما لهذا السبب سيحاولان أن يشتريا بالجزء الأكبر من هذا المهر ذهبا على حساب مستلزمات العروس الأخرى. وقد رصدا مبلغا محددا لهذا الغرض، لكنّ الغِرامات ستكون محدودة للغاية بسبب ارتفاع سعر المعدن الأصفر.
وسجّلت أسعار الذهب ارتفاعا كبيرا في الآونة الأخيرة، حيث وصل سعر الغرام عيار 21 الأكثر طلبا في الأردن إلى نحو 48 دينارا (حوالي 68 دولارا أميركيا). وفي الأسواق العالمية، سجل سعر الأوقية اليوم السبت حوالي 2302 دولار أميركي، بعدما كان قد بلغ مستوى قياسيا تجاوز 2400 دولار للأوقية في أبريل الماضي.
قصة الشاب محمود قاسم شهاب، خريج من جامعة اليرموك يحمل شهادة الماجستير في الرياضة يعمل كونترول باص في إربد.
الله يفرجها عليه وعلى الجميع ويرزق الجميع الرزق الحلال 🤲🏽#الأردن #اربد#فراس_الماسي pic.twitter.com/Bq466O2tgd
— فراس الماسي | Firas Almasi 💎 (@FAlmasee2) May 5, 2024
عادات وتقاليد أردنية
ويرى حسين أنّ الشاب المتوسّط الحال يعيش صراعا في ظلّ قلّة فرص العمل والتحديّات الاقتصادية، إذ إنّ عليه أن يؤمّن كافة مستلزمات العُرس ومتطلبات الزواج من مسكن وملبس وحُليّ «وهذا أمر صعب بدون أن يتورّط في قرض أو دين».
على الرغم من أن خطيبة تقول إنها لا تهتّم كثيرا بشراء الذهب، فإنها تؤكد أن العادات والتقاليد واتفاق الأسرتين من البداية يضعها في موقف حرج.
ويُشير المحلل الاقتصادي والاجتماعي حسام عايش إلى جُملة من الأسباب التي تُعيق إتمام الزواج، من بينها ارتفاع أسعار الذهب والحليّ «حيث إنّه عنصر مؤثّر وواحد من التكاليف الإضافية التي يتحملها الشباب، باعتباره من العادات الاجتماعية التي ما زالت سائدة في المجتمع الأردني».
وقال عايش في حوار أجرته معه وكالة أنباء العالم العربي إنّ قلّة فرص العمل وعدم توفّر وظائف مستقرّة أيضا من الأسباب التي تدفع الشباب إلى تأجيل الزواج، لعدم رغبتهم في بدء حياتهم بمزيد من الديون التي تُرهق ميزانيّة الأسرة في السنوات الأولى من الزواج.
وأوضح أنّ عادة شراء الذهب مرتبطة بإتمام مراسم الزواج النهائية، حيث يحدّد أهل العروس أحيانا كمية الذهب، بغض النّظر عن ارتفاع سعره أو انخفاضه. وبحسب وصفه، فإن هذا الخلاف قد يقود في بعض الأحيان إلى تأجيل الزواج أو حتى إلغائه.
ويعتقد عايش أنّ الفتيات في المجتمعات التقليديّة قد تخضعن لرغبة الأسرة، التي تؤثر على قرار الفتاة حتى لو رغبت في اتخاذ قرارات مختلفة فيما يتعلق بتكاليف الزواج.
حيا الله..نشاما #الاردن..
جماهير النادي الفيصلي الأردني تهتف لـ #فلسطين pic.twitter.com/0rOyVEjfXk— سالم ربيح (@SalemRopp) May 5, 2024
تراجع الطلب على الذهب
وأشار ربحي علان، نقيب تجّار الحليّ والمجوهرات بالأردن، في حديث لوكالة أنباء العالم العربي إلى انخفاض الطلب على الذهب بنسبة وصلت إلى 50% في الفترة الماضية، مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي.
وقال «منذ السابع من أكتوبر الماضي، تشهد أسعار الذهب ارتفاعا، ما أثّر بشكل مباشر على قطاع المجوهرات ومحال الذهب في الأردن.. .عادة، يبدأ موسم الزواج بعد العيد (عيد الفطر)، لكن هذه السنة كان الطلب أقل».
أيضا، أشار علاّن إلى أنّ المناسبات الأخرى مثل عيد الأم والأعياد المسيحيّة لم تشهد هي الأخرى إقبالا على شراء الذهب كما كان الحال في السنوات السابقة.
لكن عايش يرى أن «بريق الذهب لا يزال مهمّا في إطار الزواج لدى الكثير من شرائح المجتمع« وأنّ هناك نظرة اجتماعية لمقدار ما يجلبه العريس من ذهب ونوعيّته أيضا.
وبينما قال إنّ أسعار الذهب ارتفعت منذ نهاية عام 2022 حتى نهاية مارس آذار الماضي بنسبة بلغت نحو 35%، فقد أشار إلى أنّه «على مدار العشرين سنة الماضية، ارتفع الذهب بنسبة 487%».
أضاف «إن انخفض السعر أحيانا، فإنه يبقى مرتفعا بشكل عام، ما يعني أنّ العروسين سيقتطعان ثمن الذهب من مستلزمات الزواج الضرورية«، ما يضع في رأيه مزيدا من الضغوط الاجتماعيّة والاقتصاديّة المرافقة للزواج.
ووفقا لنقابة تجّار الحليّ والمجوهرات، فإنّ عدد تجار الذهب المنتشرين في أنحاء المملكة يصل إلى نحو 1000 تاجر، «جُلّهم يشهدون ركودا في محلاتهم» بحسب النقيب.
ويرى علان أن تأثر قطاع الذهب ينعكس أيضا على قطاعات أخرى جميعها ترتبط ببعضها البعض، مثل قطاع صالونات التجميل والحلوى والسيارت وغير ذلك من القطاعات.
اقرأ أيضا: عصابات الجريمة المنظمة ترعب بغداد: حملة أمنية في «بحر فساد»