الكوليرا وأوبئة وأمراض فتاكة.. المصائب لا تأتي فرادى في اليمن

الكوليرا وأوبئة وأمراض فتاكة.. المصائب لا تأتي فرادى في اليمن
الفقر في اليمن ( أرشيفية)
القاهرة: «خليجيون»

تزداد الأوبئة والأمراض فتكا مع اتساع دائرة الاحتياجات الصحية لملايين النازحين والأطفال باليمن الذي باتوا هدفا للعديد من الأمراض المميتة مثل الكوليرا وحمى الضنك وشلل الأطفال وغيرها.

يأتي ذلك في ظل القدرات الحكومية شبه المنعدمة للمكافحة، وتسع سنوات من الصراع اليمني الذي خلف دمارا واسعا في البنية التحتية الصحية، في مواجهة الكم الهائل من الإصابات اليومية واكتظاظ المستشفيات التي تجد نفسها عاجزة حتى عن تغطية جزء من الاحتياجات.

فقد سجلت الأمم المتحدة 30 ألف حالة إصابة بالكوليرا والإسهال في جميع المحافظات اليمنية خلال الشهور الأربعة الأولى من العام الجاري 2024، مع ارتفاع عدد الحالات المشتبه فيها من 500 إلى 1000 يوميا.

وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة يوم الأحد الماضي إن غالبية الحالات المصابة تتركز في مناطق شمال البلاد الخاضع لسيطرة جماعة الحوثي، في الوقت الذي سجلت فيه المنظمة الدولية أيضا زيادة في حالات الإصابة بالكوليرا والإسهال منذ نهاية مارس الماضي في مناطق الجنوب الخاضعة لسيطرة الحكومة المعترف بها دوليا.

وأشار المكتب إلى أن شركاء الصحة في اليمن يتوقعون أن يتراوح العدد الإجمالي لحالات الإصابة بالإسهال الحاد والكوليرا بين 133 ألفا و255 ألفا بحلول سبتمبر 2024.

وذكرت الأمم المتحدة في تقرير آخر في أبريل الماضي أن مكافحة تفشي الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات في اليمن يواجه تحديات بسبب محدودية البنية التحتية وخدمات الصحة العامة المحدودة للغاية، فضلا عن تزايد مستويات الإحجام عن أخذ اللقاحات.

وحذرت المنظمة الدولية أيضا من أن النظام الصحي في اليمن أصبح هشا بشكل كبير، حيث أن 55 في المائة فقط من المرافق الصحية تعمل. وأضافت أن تدني مستوى المناعة ضد الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات، يزيد احتمال تفشي هذه الأمراض.

ويواجه اليمن انخفاضا كبيرا في معدلات التحصين بين الأطفال، مما أدى إلى عودة ظهور الأمراض التي يمكن الوقاية منها باللقاحات، وهو ما أدى إلى زيادة عدد الوفيات بين الأطفال، بحسب تقرير لمنظمة اليونيسف.

وقال وكيل وزارة الصحة لقطاع الرعاية الصحية الأولية في الحكومة المعترف بها دوليا، علي الوليدي، لوكالة أنباء العالم العربي (AWP) إن عدد الحالات المشتبه بإصابتها بالكوليرا في عشر محافظات خاضعة لسيطرة الحكومة بلغ 7329 حالة، منذ 16 أكتوبر الماضي حتى 16 مايو الجاري، في حين بلغ عدد الحالات المؤكدة 686، وتوفيت 21 حالة.

وأضاف المسؤول الحكومي أنه بعد تسجيل حالات إصابة بالإسهال المائي الحاد والكوليرا منذ أواخر العام الماضي، شكلت وزارة الصحة لجنة من عدد من مدراء الإدارات المختصة وعدد من شركاء القطاع الصحي للتصدي للكوليرا وغيرها من الأمراض الوبائية التي تشهدها المحافظات.

وأشار إلى أنه تم فتح ما يقارب 24 مركزا لاستقبال الحالات المرضية في العاصمة المؤقتة عدن وبقية المحافظات التي سجلت فيها حالات إصابة مؤكدة بالكوليرا، كما عملت الوزارة على تدريب ما يزيد على 900 كادر صحي حول السياسية العلاجية لحالات الإسهالات المائية الحادة والكوليرا.

وبالإضافة إلى توزيع أدوات الفحص السريع، عملت الوزارة على توزيع البروتوكول العلاجي والأدوية والمستلزمات وتكثيف عمل المختبرات المركزية، كما تعمل فرق الرصد والاستجابة السريعة على مدار اليوم وعلى مستوى المراكز والمحافظات لمتابعة الوضع الوبائي، على حد قوله.

أوبئة متعددة

وتشهد محافظة مأرب بوسط اليمن انتشارا لأكثر من وباء، بحسب مدير مكتب الصحة بالمحافظة أحمد العبادي، منها الكوليرا وحمى الضنك والبلهارسيا والتيفوئيد بالإضافة إلى شلل الأطفال وغيرها.

ومأرب أكثر المحافظات اكتظاظا بالنازحين البالغ عددهم أكثر من مليوني نازح ينتشرون في أكثر من مئتي مخيم في ظل بنية تحتية صحية شحيحة وبسيطة جدا.

وقال العبادي لوكالة أنباء العالم العربي إنه تم تسجيل 338 حالة اشتباه بالكوليرا والدفتيريا منذ بداية العام الجاري في مخيمات النازحين.

وأوضح أن حالات الاشتباه بالكوليرا بلغت 286 حالة، من بينها خمس حالات مؤكدة وحالتا وفاة، كما تم تسجيل 70 حالة مشتبه بها بالدفتيريا، منها حالتان مؤكدتان حتى الآن وأربع وفيات.

وفي محافظة تعز، قال مدير عام مكتب وزارة الصحة بالمحافظة، عبد الرحمن الصبري، لوكالة أنباء العالم العربي «حتى يومنا هذا بلغ عدد الحالات المشتبه بإصابتها بالكوليرا 846، منها 298 حاله مؤكدة، بينما بلغ عدد الوفيات 12 حالة منذ بداية العام 2024 وحتى منتصف مايو الجاري».

وحذر الصبري من أنه رغم أن معدل الإصابات اليوم أقل مما كان عليه في الأعوام السابقة، بحسب مؤشرات مراقبة الأوبئة، فإن أعداد الإصابات بالكوليرا والأوبئة الأخرى مرشحة للازدياد في الوقت الذي بدأت فيه تلك الأوبئة في الظهور في أكثر من مديرية بمحافظة تعز في المناطق الخاضعة منها لسيطرة الحكومة.

أسباب الانتشار

وقال المسؤول الحكومي إن أسباب انتشار الأوبئة في تعز تعود لعوامل كثيرة، منها الفقر وانعدام التدخلات الإنسانية لتوفير المياه الآمنة وانتشار مياه الصرف الصحي المتهالك في أوساط الأحياء السكنية، بالإضافة إلى الكوارث الطبيعية والنزاعات وحركة تنقل السكان والنازحين، الذي يعد بحسب الصبري المصدر الأساسي لنقل الأوبئة من منطقة إلى أخرى.

وفي ظل اتساع رقعة الأوبئة في المناطق السكنية، يقول الصبري إن الحاجة ماسة لمواجهة الأوبئة الفتاكة في ظل شح الإمكانات الحكومية.

وأضاف أنه رغم النداءات للشركاء الصحيين الدوليين والمحليين للتدخل والمساهمة في جهود المكافحة «إلا أن تلك المنظمات لم تستجب بالشكل المطلوب مقارنة بالحاجة الماسة لتدخلهم وبالشكل العاجل للحد من انتشار الأوبئة ومعالجة الإصابات».

وتحدث عن حاجة محافظة تعز، ذات الكثافة السكانية الأكبر من بين المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة، إلى افتتاح مزيد من المرافق الصحية الأولية في مديريات المسراخ والمعافر وجبل حبشي التي تشهد أيضا إصابات بالأوبئة بما فيها الكوليرا، بالإضافة إلى الاستعداد لفتح مراكز في مناطق قد تظهر فيها حالات وبائية مستقبلا، بسبب انتشار الأوبئة بشكل تدريجي في المناطق السكنية بالمحافظة، التي تتعرض أيضا لحصار خانق وقطع للطرق المعبدة والرئيسية من قبل جماعة الحوثي منذ تسعة أعوام.

اقرأ أيضا: نمو واسع النطاق.. صندوق النقد الدولي يكشف توقعاته عن اقتصاد الإمارات خلال 2024

«تجربة جنونية».. فرنسي يشارك في رحلة فضائية لبضع دقائق

أهم الأخبار