عنف التكفيريين في بوركينا فاسو ينصب مخيمات النزوح
تحت ظلال بعض الأشجار وسط حر شديد يتجمع مدنيون يائسون في خيم وأكواخ عشوائية متداعية بعد فرارهم من عنف الجماعات التكفيرية في شمال شرق بوركينا فاسو.
ترك هؤلاء منازلهم ومزارعهم بعدما اقتحم المسلحون قريتهم، وفر الآلاف إلى هذه المخيمات قرب بلدة دوري حيث الأمل ضئيل. وتصف المنظمات الإنسانية الوضع بالكارثة «المهملة». وقالت إحدى الناجيات وتدعى كيريسي سوادوغو «جاؤوا إلى قريتنا وهددونا. سرقوا ماشيتنا. قتلوا مواطنينا». وأضافت «لذا هربنا وجئنا إلى هنا»، وفق وكالة فرانس برس.
ومن منزلها في قرية ليلي في منطقة صحراء الساحل فرّت إلى ويندو-2، المخيم التابع لمخيم شاسع أولي يحمل الاسم نفسه ويضم حاليا ثلاثة آلاف شخص. ومنذ 10 سنوات تقريبا، يزرع مسلحون الرعب بين المدنيين في الدولة الإفريقية الواقعة على الطرف الجنوبي لمنطقة الساحل.
ونادرا ما يتحدث النازحون عن أسماء تلك الجماعات لكن السلطات تشير إليهم عموما بالمسلحين المرتبطين بتنظيمي القاعدة أو داعش.
في سبتمبر 2023، هاجم مسلّحون مخيم ويندو وقتلوا ثمانية من سكانه.
أزمة نزوح «مهمَلة»
أظهر تصنيف جديد نشره المجلس النروجي للاجئين، المنظمة غير الحكومية، الإثنين أن بوركينا فاسو تشهد أسوأ أزمة نزوح مهملة للعام الثاني على التوالي. وربع النازحين المقدر عددهم بمليونين في بوركينا فاسو قدِموا من منطقة الساحل شمالا، بحسب آخر البيانات الرسمية الصادرة عن سلطات هذا البلد في 2023.
ومطلع العام، كانت 85% من المدارس و69% من مرافق الصحة في قطاع الساحل مغلقة، بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (اوتشا). وخلال زيارته للمخيمات أواخر مايو، قال الأمين العام للمجلس النروجي يان إيغلاند إن الساحل «منطقة يتم تجاهلها بشكل منهجي».
ورأى أن الوضع تفاقم إثر أزمة دبلوماسية بين الدول الغربية المانحة والقادة العسكريين الذين سيطروا على السلطة في السنوات القليلة الماضية في ثلاث دول تعاني من الجماعات المسلحة، هي بوركينا فاسو ومالي والنيجر. وكثيرا ما تعلن السلطات البوركينابية دحر الجهاديين لكن لا تبدو في الأفق أي نهاية لأعمال العنف فيما جزء من البلاد خارج سيطرة الجيش.
تنقيب غير قانوني
في مخيم تورودي، وهو مركز مهجور آخر للنازحين قرب دوري، وصل أمادو ديكو قبل ستة أشهر مع عائلته.
ويقول «نحن هنا من دون أي مقتنيات« مضيفا «علينا أن نعتمد على أنفسنا من أجل البقاء». ويكسب بعض الرجال حفنة من الفرنكات الإفريقية من التنقيب غير القانوني عن الذهب في المنطقة المحيطة، رغم الخطر الذي تشكله الجماعات المسلحة هناك.
وقالت أيسيتو أمادو النازحة التي وصلت قبل ستة أشهر أيضا، إن الأطفال في المخيم «يحاولون إحضار أي شيء ليأكلوه». وفرّت من قريتها القريبة من بلدة غورغادجي بعدما هددها «مسلحون».
وقالت جالسة على حصيرة في كوخ عشوائي مصنوع من الخشب والقماش المشمع «تمكن (الأطفال) أمس من إحضار كيلوغرامين من الأرز» اشتروه في البلدة. وأضافت «طبخنا نصف الكمية مساء والبقية هذا الصباح». ولا تعرف هذه المرأة متى ستكون الوجبة التالية للعائلة.
تهديد قوافل الغذاء
يرسل برنامج الغذاء العالمي بعض المواد الأساسية للنازحين. غير أن غالبية المواد الغذائية والوقود والإمدادات الزراعية تُنقَل برّا بمواكبة الجيش على طريق محفوف بالخطر كثيرا ما يستهدفه الجهاديون.
ودوري، البلدة الكبيرة على الطريق السريع المؤدي إلى العاصمة واغادوغو، مركز رئيسي لتلك الإمدادات. وتصطف عشرات الشاحنات على جانب الطريق بانتظار إذن المغادرة على الطريق الخطر الذي يعبر منطقة دوري.
ويقول رئيس جمعية تجار دوري أمادو حميدو ديكو «في الماضي كان يتم تحميل العربات الساعة 7، 00 مساء في واغادوغو وبحلول الساعة 6، 00 صباحا تكون في المخازن». و«الآن يتعين الانتظار أسبوعين أو شهر أو شهر ونصف شهر.. .فهم لا يحددون يوم مغادرة القافلة».
ارتفاع أسعار الغذاء
تسببت القيود في ارتفاع أسعار النقل بالشاحنات، وبالتالي ثمن المنتجات في المتاجر. وقال ديكو «قبل عامين أو ثلاثة، كان سعر 50 كيلو من الأرز يتراوح بين 16 و17 ألف فرنك إفريقي (حوالى 28 دولاراً). والآن أصبح سعره 27 ألف فرنك إفريقي».
ويلجأ التجار أحيانا إلى طرق بديلة دون مرافقة عسكرية، ما يعرضهم لخطر سرقة بضائعهم وشاحناتهم أو تخريبها. بالعودة إلى مخيم ويندو 2، تنتهي كيريسي سوادوغو من إعداد وجبة بسيطة تطعمها لأطفالها.
وقالت لاجئة أخرى في المخيم هي حواء ماما وعلى رأسها وشاح أحمر إنها «لم تعد قادرة على الحركة« بعدما فرّت من قريتها. وأضافت بلغة الفولاني التي يتحدث بها شعب الفولاني «رغم الصعوبات هنا، فإن الوضع أسوأ هناك« مضيفة «لا خيار أمامنا سوى البقاء هنا. لم يتبق لنا شيء هناك».
اقرأ المزيد
مهمة مستحيلة في مكّة: حجاج يختبئون لأداء المناسكالأردن تحبط تهريب ملايين الأقراص المخدرة قرب الحدود السعوديةخليجيون| ما جدوى توجيه استثمارات مصرية إلى دول الخليج؟