«ديمونة» ام «بوشهر».. ما الأخطر على أمن الخليج؟
اجمع محللون سياسيون على مشروعية المخاوف الخليجية من تسليح إيران النووى، خصوصا بعد قرار مجلس حكام الوكالة الدولية للطاقة الذرية بإدانة برنامج طهران النووي، ولكنهم رأوا ايضا أن برنامج إسرائيل النووي ومفاعل ديمونة الغامض، هو الأكبر والأكثر خطورة على الأمن القومي العربى.
قرار إدانة ايران رسميا بعدم تعاونها، جاء على خلفية تكثيف برنامجها النووي، في مواقع نووية من بينها مفاعل بوشهر النووي، وقدمته لندن وباريس وبرلين، ووافق عليه 20 بلدا من اصل 35، فيما شددت الكويت فى كلمتها أمام المجلس، بضرورة تقديم طهران تأكيدات ذات مصداقية على سلمية برنامجها النووي.
للخليج حق مشروع للتخوف من ملف إيران النووى
وعن تداعيات القرار على دول الخليج العربى، رأى الدكتور عمرو الشوبكى الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن التقارب الخليجي الإيرانى، ذو جوانب متعددة، ولكن ليس من بينها الملف النووى، مشيرا إلى وأن ما يراها «مخاوف خليجية كبيرة من اتجاه إيران لتطوير الاستخدام النووى إلى الإستخدامات العسكرية، ومازال هناك إحساس بعدم الإطمئنان من جوانب الأمن القومى».
ويقول الشوبكى فى تصريحات خاصة لـ«خليجيون»: «كان يتصور البعض أن التقارب الخليجي قد يدفع إيران لجعل الملف النووى يقتصر على الجوانب السلمية فى الاستخدام»، لكنه يستدرك بالقول «ما يصدر عن المؤسسات الدولية يشير إلى شبهات حول استمرار إيران فى تطوير المشروع للاستخدامات العسكرية، وكان الجميع يتمنى أن تراجع طهران نفسها، وتندمج مع الخليج فى مشاريع تنموية مشتركة، وشراكات اقتصادية وسياسية، وهو البديل الأفضل من تطوير الجانب العسكري النووى المثير للتخوفات الإقليمية».
ويدعو قرار مجلس محافظي الوكالة الذرية، المؤلف من 35 دولة، إيران إلى تعزيز التعاون مع الوكالة والتراجع عن الحظر الذي فرضته في الآونة الأخيرة على دخول مفتشين من أصحاب الخبرة، لكن بعثة إيران لدى الأمم المتحدة عدت القراؤ «متسرعا وغير حكيم»، فيما رفض القرار دولتان فقط هما الصين وروسيا.
الخطر الأكبر إسرائيل وإيران يمكن التفاهم معها
ويقلل السفير جمال بيومي مساعد الخارجية المصرية الأسبق، مما يعتبره تهويلا في الحديث عن خطورة الملف الإيرانى النووى على الدول العربية بشكل عام، والخليج بشكل خاص، ويقول: «الخطر الحقيقي على الوطن العربى وأمنه القومى هو إسرائيل».
وإذ يشير الدبلوماسي والخبير السياسي المصري إلى «استحالة أن تشن إيران هجوما بأسلحة نووية على دول عربية، فإنه يعيد التذكير بأن أميركا دعت إلى تشكيل تحالف عربى ضد إيران، وهو ما قوبل برفض من جانب الدول العريىة وعلى رأسها مصر، بالقول أن إيران ليست عدو، ويمكن التفاهم معها».
ويوضح بيومى فى تصريحاته لـ«خليجيون»: «بالتأكيد هناك شك أن يتحول البرنامج النووى لانتاج أسلحة نووية، وهو قابل لذلك، ولكن عندما يكون هناك عدالة على الجميع فلن يكون هناك مبرر لتلك التوجهات».
ففي مقابل الضغوط الدولية على إيران، اتسم برنامج الأسلحة النووية الإسرائيلي المفترض، والتاريخ المحيط به بالغموض، كما يتسامح الغرب مع هذا الغموض إلى حد كبير.
وفي نوفمبر الماضي، تفحرت عاصفة غضب من تصريحات وزير التراث الإسرائيلي عميحاي إلياهو، حول إمكانية ضرب قطاع غزة بالنووي، عقب شهر واحد من اندلاع العدوان الإسرائيلي، لأنها أكدت سراّ يعلمه الجميع.
الطفل المدلل يضرب العدالة فى مقتل
و يتحدث الشوبكى، عن «خلل فى العدالة الدولية فى مسألة انتشار الأسلحة النووية، وفى الوقت الذى تحدث فيه عن أن الوكالة الدولية، تدير الموضوع بشكل مهنى، ولا شك أن إيران لديها رغبة باستكمال المشروع النووي، إلا أنه أشار إلى أن المبرر التى تصيغه طهران يحمل منطقية».
ويقول: «العالم والمجتمع الدولى لديه تواطؤ مع إسرائيل، وهذا ما يعطى أى دولة الحق فى مخالفة قرارات المجتمع الدولى، فالوضع الدولى يشجع إيران، وسيشجع دولا أخرى على أنها تخرج من منظومة المجتمع الدولى، ولا تلتزم بالقواعد الدولية فى حظر الأسلحة النووية».
ويتفق بيومي مع حديث الشوبكى، ويقول: «ملف البرامج والتسلح النووى فى العالم لا يتسم بالعدالة، إذ تعتبره الدول العظمى حلالا للدول التى لديها بالفعل أسلحة وحشود وقنابل نووية، ثم تمنعه على بقية العالم، مما شجع كوريا الشمالية والهند وباكستان، عن تلك المنظومة الدولية».
فى المستقبل المنظور سلمى ولكن البعيد مرهون بالعدالة
فيما يشير بيومى، إلى أن «استمرار حالة إسرائيل الشاذة، قد يحدث تغيرا كبيرا حول العالم، خصوصا وأن هذا الطفل، صنعت بالفعل أسلحة نووية ولا تعلن عن ذلك»، ويقول: «عندما ذهبنا للطاقة الذرية لمناقشة هذا الملف، صوتت أميركا ودول الناتو فى أوروبا ضد مجرد مناقشة هذا الملف، ثم أخيرا أثناء حرب غزة، هدد وزير متطرف باستخدام القنبلة النووية ضد غزة، وهو اعتراف واضح بامتلاكه لهذا السلاح».
ويتذكر مساعد الخارجية المصرية الأسبق، ما حدث أثناء لقائه بوزير الدفاع الأميركي، وكيف أجاب عن سبب السماح لإسرائيل بإنتاج سلاح نووى، ومحاربة أى دولة أخرى، وقال وهو يبدى تعجبه: «الوزير الأميركي رد بالقول إن واشنطن لا تمانع من امتلاك الدول ذات الانظمة الديمقراطية للأسلحة النووية، متجاهلا أن أول من استخدم تلك الأسلحة هى أكبر ديمقراطية في العالم، وأن التهديد الأكبر يأتى من تلك الدول وعلى رأسها إسرائيل».
اقرأ أيضا
كواليس مباحثات الدوحة: حماس تتحفظ والوسطاء يضغطون والمؤشرات ضعيفة