كشفها تقرير أميركي.. مخاوف محمد بن سلمان من تقلبات العلاقات مع واشنطن
رأى تقرير إعلامي أميركي أن مساعي المملكة العربية السعودية نحو تعزيز علاقاتها مع قوى عالمية أخرى مثل الصين وروسيا، تبرز «مخاوف من عدم استقرار العلاقة مع الولايات المتحدة وتقلباتها السياسية»، رغم أنباء عن قرب توقيع اتفاقية أمنية كبرى بين البلدين.
وفي تقرير تحت عنوان «المملكة العربية السعودية إحدى أهم الدول المتأرجحة بالنسبة لبايدن»، سلطت صحيفة «نيوزويك» الأميركية الضوء على علاقة واشنطن والرياض قبل أشهر من انتخابات الرئاسة الأميركية التي يطمح فيها الرئيس جو بايدن لولاية جديدة.
ويلحظ برنارد هيكل، أستاذ دراسات الشرق الأدنى في جامعة برينستون، التعديل الاستراتيجي في وجهة نظر الرياض، قائلا:«تدرك المملكة العربية السعودية أن العالم لم يعد أحادي القطب حيث تهيمن الولايات المتحدة فقط على كل شئ، وأنها تتجه نحو عالم متعدد الأقطاب مع قوى أخرى صاعدة مثل الصين والهند، وعليها الحفاظ على وجوده».
ماذا يرى محلل مقرب من محمد بن سلمان؟
ويحافظ هيكل على اتصالات مباشرة مع ولي العهد الأمير محمد، ويتحدث عن كيفية إعادة تشكيل العاهل المستقبلي لاتجاه المملكة، إذ وصف هذا النهج بأنه سياسة «السعودية أولا»، مستحضرا مبدأ «أميركا أولا» الذي يعود تاريخه إلى قرن من الزمن والذي أعاد ترامب تنشيطه مؤخرا.
ويقول أستاذ دراسات الشرق الأدنى في جامعة برينستون: «الفرق الكبير هو أن المملكة العربية السعودية تعمل بشكل أكبر مع الأخذ في الاعتبار القومية، وليس أي أيديولوجية أخرى»، مضيفا «إنها تضع مصلحتها الذاتية قبل المصالح الإقليمية، أو على سبيل المثال، المصالح القومية العربية والإسلامية، التي كانت تشكل عوامل مهمة في وقت سابق، فضلا عن المصالح الأميركية».
ويتابع بالقول: «بالنظر إلى أن والرياض تضع مصالحها الخاصة في المقام الأول، وتحاول يائسة تحويل نفسها وتنويع اقتصادها لتصبح أقل اعتمادا على عائدات النفط، فإنها تختار سياسات تعني، على سبيل المثال، أن عليها الحفاظ على علاقات ممتازة مع الصين وأميركا في وقت واحد».
ويعتبر برنارد أن سياسة «السعودية أولاً» لا تهدف إلى تهديد الولايات المتحدة بالتحول إلى الصين، لكن نظرا للتوترات الأخيرة في العلاقات بين الرياض وواشنطن، فإنها تظهر القدرة على «النظر إلى خيارات أخرى، لتنويع العلاقات قدر الإمكان».
ويعتقد هيكل: «أن الأمر يعتمد على ما تريده أمريكا من علاقتها مع المملكة العربية السعودية.. إذا كانت تريد منتجًا عالميًا مسؤولًا للنفط، ودولة تعمل على موازنة أسواق النفط العالمية من خلال سياسات الإنتاج الخاصة بها، فيمكن للمملكة العربية السعودية أن تفعل ذلك بشكل جيد.ولكن إذا كانت تفضل حقوق الإنسان والقيم، فستكون العلاقة متوترة».
الصفقة الكبرى بين الرياض وواشنطن
وفي مايو الماضي، عقد ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ومستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان في مدينة الظهران السعودية مباحثات في أعقاب تقارير ذكرت أن البلدين على وشك التوصل إلى اتفاق بشأن الضمانات الأمنية الأميركية ومساعدة واشنطن للرياض في مجال الطاقة النووية المدنية، بيد أن اتفاق التطبيع الإسرائيلي السعودي المأمول في إطار «صفقة كبرى» في الشرق الأوسط لا يزال بعيد المنال، مع تمسك الرياض بحل الدولتين في الصراع العربي-الإسرائيلي.
يأتي ذلك وسط توقعات باقتناص البلدين مكاسب كبيرة من توقيع تليك الاتفقية.
ويتنبأ الباحث المشارك فى برنامج الشرق الأوسط التابع للمعهد الملكي للشؤون الدولية في لندن «تشاتام هاوس»مصعب صعب، اقتناص كلا البلدين عدة مكاسب من توقيع تلك الاتفاقية، موضحا حجم الفوائد المحتملة، بما في ذلك تعزيز الأمن والنفوذ السياسي والاستقرار الاقتصادي، وشدد على «أهمية أن يوازن صناع السياسات بين مصالحهم المباشرة، ومصالح المنطقة بعناية، وأن ينخرطوا في نقاش شفاف وقوي لضمان أن تخدم الصفقة المصالح الطويلة الأجل لكلا البلدين وتساهم في استقرار المنطقة».
هكذا تعد الاتفاقية مفيدة للسعودية
ووفقا لتحليل «تشاتام هاوس»، فإن الصفقة «ستوفر رادعًا قويًا للرياض ضد الخصوم الإقليميين، لا سيما إيران»، مرجحا أن «يؤدي التعاون المعزز مع الجيش الأميركي إلى تحسين القدرات الاستراتيجية والاستعداد الدفاعي، وكذلك ستعزز العلاقة الموطدة مع الولايات المتحدة من نفوذ السعودية في واشنطن، مما يضمن اهتمام ودعم عالي المستوى من كبار المسؤولين الأميركيين، وقد يؤدي ذلك إلى تعاون ثنائي أكثر قوة عبر مجالات متنوعة».
فى المقابل يرى «تشاتام هاوس» أن واشنطن «يمكن أن تتوقع تعاونًا أفضل من السعودية في جهود مكافحة الإرهاب وسياسات الطاقة، وهو أمر ضروري للحفاظ على استقرار الأسواق العالمية للنفط ومواجهة التحركات العدائية، لا سيما من روسيا».