الجزائر تلاحق الغش في الامتحانات بـ«قطع الإنترنت».. سخرية وتساؤلات
منذ نحو عشر سنوات، تلجأ السلطات الجزائريّة إلى قطع الاتصال بالإنترنت عن المشتركين أثناء امتحانات شهادة البكالوريا، بهدف منع محاولات الغشّ وتسريب الأسئلة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبّون قد وعد عندما تولى مقاليد الحكم بعدم قطع الاتصال بالشبكة العنكبوتية أثناء الامتحانات، مع تأكيده على أهميّة الرقمنة، ويكاد لا يخلو اجتماع لمجلس الوزراء يترأسّه من التأكيد على الوزراء بتسريع وتيرة رقمنة قطاعاتهم.
ومع انطلاق امتحانات شهادة الباكالوريا لهذا العام يوم الأحد الماضي، تفاجأ الجزائريّون بمعاودة قطع الاتصال بالإنترنت على خلاف ما كانوا ينتظرونه هذا العام، وهو ما أثار جدلا واعتبره الكثيرون حلّا بدائيّا لمعالجة ظاهرة الغشّ في هذه الامتحانات، التي تعدّ بوّابة عبور الطلاب إلى الجامعة.
وتتعطّل خدمة الإنترنت في الجزائر منذ الأحد الماضي من الساعة الثامنة صباحا حتّى منتصف اليوم، ثم تعاود الانقطاع من الثالثة عصرا حتّى الخامسة مساء. ومن المنتظر أن تُختتم امتحانات شهادة البكالوريا يوم الخميس المقبل، قبيل إجازة عيد الأضحى.
النائب البرلماني نبيل رحيش، عضو لجنة النقل والمواصلات والاتصالات السلكيّة واللاسلكيّة بالمجلس الشعبي الوطني، اعتبر بدوره أنّ تعطيل الاتصال بالإنترنت يحمل «أضرارا مباشرة على جميع القطاعات، خاصة الاقتصاد، بل حتّى سمعة الجزائر دوليّا.. .هو تعطيل لمصالح المواطنين».
لكنّ زميله البرلماني توفيق قراش، رئيس لجنة الشؤون الاقتصاديّة والتنمية والتخطيط بالمجلس الشعبيّ الوطني، قلّل في المقابل من أثر وقف خدمات الإنترنت على الاقتصاد الجزائري، وقال لوكالة أنباء العالم العربي إنّ الهدف من هذا الإجراء هو أن يخوض الطلّاب الامتحانات «في ظروف عاديّة بعيدا عن التشويش».
لا أثر اقتصاديّا كبيرا؟
ويرى قراش أنّ السلطات الجزائرية تلجأ إلى هذا الإجراء بسبب العجز عن متابعة صفحات مواقع تواصل اجتماعي «تستهدف التشويش على مجريات الامتحانات» التي يقول إنّ أهميتها تكمن في مصداقيتها كواحدة «من أهم العناصر لترتيب الجامعات الجزائرية على الصعيد العالمي».
ويعتبر رئيس لجنة الشؤون الاقتصاديّة والتنمية والتخطيط أنّ الأثر الاقتصاديّ لقطع خدمات الإنترنت محدود، حيث يشير من وجهة نظره إلى أنّ الجزائر لم تصل بعد إلى الاعتماد على الإنترنت بشكلٍ متطوّر في الاقتصاد على النحو الذي يجعلها تتضرر من انقطاع خدماته.
وقال «ما زلنا متخلّفين في مجال الإتجار الإلكترونيّ والحجوزات عبر الإنترنت، لذلك، فإن قطع الإنترنت لمدّة أسبوع لن يضرّ كثيرا بالاقتصاد الوطني.. .الذي حدث أنّ الناس انزعجت من غياب بعض التطبيقات المستخدمة في التواصل، كتطبيقيّ واتساب وفيسبوك».
حماية مصداقيّة امتحان شهادة البكالوريا
أضاف «لو وازنّا بين الأولويّات، فإنّ الأولويّة لحماية مصداقيّة امتحان شهادة البكالوريا المهمّ بالنسبة للمجتمع الجزائري ومستقبل أجيال ودولة».
لكن في المقابل، يرى الدكتور حسين دوحاجي، أستاذ علوم الإعلام والاتصال بجامعة الجزائر، أنّ مصالح الكثير من المواطنين، ومنهم الأساتذة وطلبة الجامعات المُقبلين على التخرّج، تعطّلت بسبب قطع الإنترنت عن المشتركين لحماية امتحانات الباكالوريا من الغشّ.
وقال في حديث لوكالة أنباء العالم العربي «عجزنا منذ أمس عن عمليّة استكمال خطوات التحضير لمناقشة مذكّرات طلّاب الماجستير عبر البوّابة الرقميّة للجامعة بسبب إجراء قطع الإنترنت.. .يدَّعون (الحكومة) اعتماد الرقمنة في التسيير، ويرصدون لها الميزانيّات الضخمة، بينما يقرصنون الشبكة لأسبوع».
سخرية تغزو الشبكة
عبر الشبكة العنكبوتية، انطلق مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي في نشر رسائل السخريّة من قطع خدمات الاتصال بها، وشبّه بعضهم حال الجزائريين في الساعات الأولى قبل قطع الإنترنت بحال الصائمين وقت السحور قبل آذان الفجر في شهر رمضان.
الإعلامي والكاتب الصحفي نجيب بلحيمر اعتبر في منشور عبر فيسبوك أن قطع الإنترنت لمنع الغش في الامتحانات «وتعطيل السير لتأمين الطريق وفرض عمليات تفتيش لا تنتهي في المطارات، من علامات تخلّف النظام ورؤيته الباليّة للأمن والتحكّم».
أمّا الإعلامي محمد علواش، فقال في منشور عبر صفحته «للعام الثالث على التوالي.. .وعْد تبون بعدم قطع الإنترنت لم يتحقّق« بينما نشرت إحدى الصفحات الشهيرة على فيسبوك تعليقا يقول إنّ «الحكومة الرقميّة تقطع الإنترنت« وعلّق مستخدم آخر قائلا إن «دولة بحجم قارة منذ قرابة التسع سنوات لم تستطع إيجاد حلّ لتفادي قطع الإنترنت».
وتساءلت إحدى مستخدمي فيسبوك قائلة «لماذا تقطع عنّي الإنترنت بسبب بكالوريا لا ناقة لي فيها ولا جمل؟ كان بإمكانك أن تستخدم أجهزة التشويش على الإنترنت في مراكز الامتحان عوضا عن قطع الإنترنت على بلد بأكمله».
اقرأ المزيد
«ليلى عبد الله تواعد جو جوناس».. فنانة لبنانية تلتهم الترند