هل يصبح الغاز القطري بديلاً عن الروسي حال اشتعال الحرب في أوكرانيا؟
حالة من القلق تسيطر على أوروبا بعد تصعيد الخلاف مع روسيا حول نشر القوات في اوكرانيا واقليم القرم، والتي وصلت الى تهديدات باشعال الحرب، وفي حال حدث ذلك ستفقد أوروبا اهم مورد للغاز وهي روسيا، لتثار التساؤلات عن البديل الامثل.
وفي ظل اشتعال حرب التصريحات، تباحث مسؤولون أمريكيون مع مسؤولين قطريين وأوربيين إمكانية وضع خطة طوارئ لتزويد أوروبا بالغاز القطري إذا ما تسبب الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية بنقص في الإمدادات، وفقاً لشبكة بلومبيرغ.
وإلى جانب خطة الطوارئ التي تشرف واشنطن على وضع تفاصيلها مع قطر ودول أوروبية أخرى، كشفت الأحداث الأخيرة مجدداً أهمية غاز شرق المتوسط الذي سيكون بمثابة البديل المنطقي والأرخص ثمناً لأوروبا إذا ما قورن بالغاز المسال القادم من قطر أو ذلك الأمريكي الذي تحاول إدارة بايدن تصديره، ويرجع سبب ذلك إلى البعد الجغرافي وتكلفة شحنه المرتفعة.
روسيا من جانبها تدرك جيداً حاجة الأوروبين إلى غازها الذي تستخدمه كسلاح بين الحين والآخر لممارسة ضغوطات على دول الاتحاد الأوروبي التي لم تنجح في توحيد جهودها حتى اللحظة من أجل إيجاد مصدر بديل يحل مكان الغاز الروسي الذي ازداد نفوذة في الأشهر الأخيرة بعد أن قللت موسكو ضخه لزيادة ضغطها.
على الرغم من محاولات الاتحاد الأوروبي لخفض اعتماده على الغاز الروسي منذ سنوات، لكن عدداً من دول الاتحاد الأوروبي لا سيما تلك الأقرب إلى روسيا لا تزال تعتمد بشكل شبه كامل على موسكو في الحصول على الغاز. ويحصل الاتحاد الأوروبي على نحو 40% من الغاز الطبيعي المستورد من روسيا، وأكثر من 80% منه يمر عبر الأراضي الأوكرانية.
وبالتزامن من تصاعد حدة التوترات على الحدود الأوكرانية الشرقية، تتصاعد المخاوف الأوروبية من أن يؤدي أي صراع عسكري إلى توقف إمدادات الغاز القادمة من روسيا، وهو ما إن حدث من شأنه أن يخلق متاعب معيشية واجتماعية واقتصادية قد تعم القارة العجوز وتوقف عجلة الصناعة داخل بلدانها.
ومنذ تزايد حدة التوترات بداية العام الماضي، ارتفع سعر الغاز في أوروبا بأكثر من 3 مرات ونصف، ليتجاوز تكلفة ألف متر مكعب من الغاز في 20 سبتمبر/أيلول الماضي حاجز الـ900 دولار، وبينما يرى البعض أن السبب في ذلك يرجع إلى تلاعب روسيا في سوق الطاقة الأوروبية من أجل الضغط للحصول على التراخيص اللازمة لتدشين العمل بخط أنابيب "نورد ستريم 2"، تقول روسيا إن السبب الحقيقي في ارتفاع الأسعار يرجع إلى زيادة الطلب في آسيا بعد تعافي الاقتصادات هناك، فضلاً عن نفاد احتياطات الغاز في مرافق التخزين الأوروبية.
حل عاجل من قطر
نقلت شبكة بلومبيرغ عن مصادر مطلعة أن مسؤولين في الإدارة الأمريكية يتحدثون مع نظرائهم في قطر ودول أخرى، بشأن احتمال إمداد أوروبا بالغاز الطبيعي إذا ما أدى الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية إلى نقص في الإمدادات. فيما توفر قطر الآن حوالي 5% فقط من إجمالي واردات الغاز الطبيعي في أوروبا.
وقالت بلومبيرغ إن الرئيس الأمريكي جو بايدن يعتزم دعوة أمير دولة قطر تميم بن حمد آل ثاني لزيارة البيت الأبيض، ومن المحتمل أن تكون الزيارةُ في وقت لاحق من الشهر الجاري، وهو الاجتماع الذي يجري التحضير له منذ مدة.
وتعتبر قطر من أهم مصدري الغاز بالعالم، وعلى الرغم من تربع الولايات المتحدة على عرش قائمة مصدري الغاز الطبيعي المسال عالمياً، متجاوزة بفارق ضئيل قطر التي تربعت على عرش مصدري الغاز المسال في العالم في السنوات الأخيرة، تخطط قطر لزيادة قدرتها من الغاز الطبيعي المسال إلى 139 مليون طن سنوياً، وفقاً لـICIS، الأمر الذي سيسمح لقطر باستعادة لقب أكبر مصدر في العالم بحلول 2025.
المستقبل لشرق المتوسط
على الرغم من بيان وزارة الخارجية الأمريكية الآخير، الذي أفاد بأن واشنطن لم تعد مهتمة بدعم مشروع خط أنابيب الغاز "إيست ميد" (EastMed) الذي كان يستثني تركيا من حقوقها في غاز المتوسط ويعتدي على مياهها الإقليمية واتفاقياتها البحرية مع ليبيا، إلا أن ذلك لا ينفي أهمية غاز المتوسط لتحرير القارة العجوز من بين ضغوط الدب الروسي.
وكما تدرك أوروبا أن خلاصها يكمن في الغاز القابع تحت قعر المتوسط، تدرك أيضاً أن أي حل يستثني تركيا من شأنه أن يعقد الأمور أكثر، فإلى جانب التأخير الذي سيصيب عملية الاستخراج، فإن أي وسيلة نقل تستثني تركيا من شأنها أن ترفع أسعار الغاز بشكل يجعله غير مُجدٍ اقتصادياً وغير قادر على منافسة الروسي الأقل ثمناً.
وفي عام 2010، قدَّرت هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية احتمال وجود ما يقرب من 122 تريليون متر مكعب من مصادر الغاز غير المكتشفة في حوض شرق المتوسط، بالإضافة إلى ما يقارب 107 مليارات برميل من النفط القابل للاستخراج. وهي الكمية التي تكفي لتلبية حاجة سوق أوروبا لمدة 30 عاماً.