شرق ليبيا تحت حكم «العائلة».. هل يجهز حفتر أبناءه الثلاثة لخلافته؟
ثلاثة من أصل ستة من أبناء المشير خليفة حفتر، الرجل القوي في شرق وجنوب ليبيا، يثير صعودهم تساؤلات ويرى البعض أن تعاظم نفوذهم يعكس تطلع الأب لأن تحكم أسرته ليبيا الفريسة للنزاع والانقسام السياسي منذ 2011، وفق تقرير لوكالة فرانس برس.
عُين صدام النجل الأصغر للمشير حفتر رئيسا لقواته البرية المسيطرة على ثلثي مساحة ليبيا تقريباً، ويتولى خالد القيادي العسكري منصب رئاسة الوحدات الأمنية في جيش والده بصلاحيات كبيرة. ولا يمكن إغفال بلقاسم حفتر الذي عينه البرلمان في فبراير 2024 مديرا لصندوق إعادة إعمار ليبيا بصلاحيات غير محدودة.
يقول ولفرام لاشر، الباحث في المعهد الألماني للأبحاث، لوكالة فرانس برس إن صعود أبناء المشير حفتر هو «جزء من استمرارية ما كان يعد منذ البداية جيشًا خاصًا».
ويضيف أن «الدائرة الداخلية التي تسيطر على الوحدات والموارد الرئيسية لهذه الإمبراطورية الخاصة تضم أبناءه، بجانب أبناء عمومته وأبناء إخوته وأصهاره».
بين أبريل 2019 ويونيو 2020، حاول المشير حفتر (81 عامًا) السيطرة على العاصمة طرابلس لكن قواته هُزمت على الرغم من الدعم الذي يتلقاه من الإمارات العربية المتحدة ومصر وروسيا.
جيش خاص في شرق ليبيا
وبعد هذه النكسة المريرة، يقول لاشر، «شهدنا ارتقاء أبنائه السريع في الرتب العسكرية، متجاوزين في وقت قصير ما استغرق من الضباط الآخرين عقودًا من الزمن، الأمر الذي أثار السخرية منهم». ويضيف «لكن، منذ ذلك الحين، ومن خلال رؤيتهم كل يوم على وسائل التواصل الاجتماعي، بدأ الليبيون يعتادون عليهم».
ويشير إلى أن قرار منح المشير خليفة حفتر ابنه الأصغر صدام منصب قيادة القوات البرية في جيشه، أثار الاستغراب وتساؤلات حول استعداد الأب لنقل صلاحيات الجيش إلى نجله الذي تمت ترقيته بشكل سريع جدا إلى رتبة لواء وعمره لا يتجاوز 33 عاما.
أما بلقاسم النجل الثاني، فقد عينه عقيلة صالح رئيس البرلمان من دون عقد جلسة رسمية للنواب قبل أربعة أشهر بقرار استثنائي مديرا لصندوق إعادة أعمار ليبيا.
نجله الثالث خالد رُقي أيضا إلى مرتبة لواء على رأس الوحدات الأمنية للجيش في يوليو 2023.
يقول خالد المنتصر، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة طرابلس إن «تجهيز وترقية أبناء حفتر ليس صدفة، هذا مشروع استراتيجي للجنرال، لتحضير أسرته لحكم ليبيا عسكريا واقتصادياً».
ويضيف المنتصر لفرانس برس أن حفتر الذي أصيب بجلطة دماغية عام 2018، «يسرع الخطى … باعتقادي أن حفتر يحضر أبناءه بمنحهم أدواراً وصلاحيات مختلفة للحكم مستقبلاً … يقوم بتجهيز مشروع سياسي متكامل برعاية بعض الأطراف الدولية، مع الأخذ بالاعتبار فشل مشروعه في فرض سيطرته خاصة على غرب ليبيا والعاصمة طرابلس حيث المقار السيادية».
تصفية وقمع في سجون حفتر
ترافقُ عمليات تعزيز النفوذ عمليات قمع لكل الرافضين أو المعارضين لتعاظم سطوة عائلة المشير، فقد شهدت بنغازي وسبها في الأشهر الماضية اعتقال شخصيات سياسية وقبلية بارزة إلى جانب مقتل ناشطين في ظروف غامضة.
ويرى عماد جلول، الباحث الليبي في الشؤون السياسية، أن أبناء حفتر ومنظومة الأب الأمنية والعسكرية تفرض قيودا وتعترض أي أصوات ناقدة من خلال «التصفية والقمع» لأنها تريد ساحة خالية من المعارضة.
ويشير جلول إلى «قتل سراج دغمان الحقوقي في بنغازي، واعتقل علي أبو سبيحة أحد مشائخ الجنوب النافذين المقرب من سيف الإسلام القذافي، وسبق ذلك العام الماضي اعتقال السياسي البارز فتحي البعجة ورفقائه لمجرد أنهم عارضو سلطة الأمر الواقع أو أظهروا انتماء سياسيًا مناهضًا لحفتر».
أثار إعلان وفاة سراج دغمان المحامي في بنغازي في أبريل الماضي، عقب اعتقاله بتهمة “المشاركة في التحريض على إسقاط الأجهزة الرسمية بما فيها الجيش «جدلاً وتنديدًا دوليًا بعدما أشارت تقارير إلى مقتله نتيجة التعذيب». لكن الأجهزة الأمنية قالت إنه توفي «لمحاولته الفرار وسقوطه من الدور الرابع» في مقر احتجازه.
وتتكرر حوادث الاحتجاز ومقتل الناشطين والمناهضين لحفتر خاصة في بنغازي.
وكان أبرزها حادثة مقتل المهدي البرغثي وزير الدفاع الليبي السابق وعدد من مرافقيه نهاية العام الماضي، بعدما قبض عليهم بدعوى «إثارة العنف ومحاولة القيام بهجمات مسلحة» ضد قيادة حفتر. كما خُطف النائب البرلماني إبراهيم الدرسي الشهر الماضي وتشير التقارير إلى تورط جهات تابعة لقوات حفتر في خطفه.
فيما تعد الواقعة الأشهر اختطاف النائبة سهام سيرقوه التي ما زال مصيرها مجهولاً منذ اختفائها عام 2019 عقب ساعات من مشاركتها في مداخلة تلفزيونية عبرت فيها عن رفضها لهجوم قوات حفتر على طرابلس آنذاك.
ورأت المبعوثة السابقة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا بالإنابة ستيفاني وليامز في مقالة نشرها موقع «بروكينغز» للأبحاث والرأي ومقره واشنطن مطلع فبراير الماضي، أن أبناء حفتر يتنافسون «على المناصب» لخلافته، في الوقت الذي يستعد فيه «للانسحاب» من الحياة العامة.
وحول مصير جيشه، توقعت أن يتولى نجله صدام قيادة الجيش خلفًا لوالده، خاصة بعد ترقيته مؤخرا.
يقول لاشر إن «المحزن في الأمر هو أنه في الأشهر الأخيرة بدأ الدبلوماسيون الغربيون والأمم المتحدة في إضفاء الشرعية على تركيبة السلطة العائلية هذه التي تعتبر ثلثي البلاد وثرواتها الباطنية حكرًا عليها، من خلال الاجتماع علنًا مع أبناء حفتر».
اقرأ المزيد:
أنياب التصحر تقترب من منطقة ليبية خصبة.. ما السبب؟