شبح الأصوات الباطلة يلاحق مرشّحين بـ«رئاسية موريتانيا»
في العاصمة الموريتانيّة نواكشوط، يرتدي عشرات الشباب سترات صفراء وقبعات عليها صور أحد المرشحّين في الانتخابات الرئاسية قبل أيام قليلة من انطلاقها لتنفيذ حملات توعية.
يحمل كلّ من هؤلاء بطاقة لائحة المرشّحين، ويشرح لكلّ من يلتقيه الطريقة الصحيحة للتصويت في الانتخابات الرئاسيّة، خشية ضياع أي صوت قد يذهب لمرشَحه، فكل صوت في هذه الانتخابات قد يصنع فرقا بحسب قولهم. ويجري أعضاء هذه الحملة اختبارات لبعض الناخبين في كتابة حرف الباء أو علامة "صح" في الخانة المحاذية لشعار المرشّح وصورته، حتّى يتأكدوا من تعلّم الناخبين كيفية التصويت في الاقتراع، أملا في أن يحصل مرشحهم على أكبر عدد من الأصوات.
ومن المنتظر أن يتوجّه أكثر من مليون ونصف المليون ناخب موريتاني إلى صناديق الاقتراع يوم السبت المقبل لاختيار رئيسهم لخمس سنوات مقبلة، في انتخابات يبقى التحدي الأكبر فيها الأصوات الباطلة وانعكاساتها على المنافسة. هذا التحدّي دفع الحملات الانتخابية للانطلاق إلى المناطق النائية والمدن الكبرى لتعليم الناخبين طريقة التصويت الصحيحة.
حملات تعبئة
وقال عيسى ولد محمد، عضو حملة الرئيس الحالي محمد ولد الشيخ الغزواني، في حديث لوكالة أنباء العالم العربي إن حملة شاملة للتوعية الانتخابية تشمل ورش عمل تدريبية انطلقت في أنحاء البلاد، خاصة في المناطق الريفية والنائية. وأضاف «نسبة كبيرة من الناخبين يواجهون صعوبات في فهم بطاقات الاقتراع المعقدة، ولذلك نعمل على تبسيط العمليّة لهم وتقديم إرشادات واضحة حول كيفيّة التصويت». وأكد ولد محمّد أن من الأسباب الرئيسة لإطلاق هذه الحملة معالجة مشكلة الأصوات الباطلة «التي يُمكن أن تؤثّر بشكل كبير على نتائج الانتخابات».
أمّا الداه ولد لوليد، عضو حملة المرشح بيرام الداه اعبيد، فقال إن حملة المرشح الانتخابية ركّزت منذ البداية الأسبوع الماضي على نشر فرق ميدانية في مختلف مناطق موريتانيا لشرح عملية التصويت للناخبين وتوجهيهم لدعم المرشح.
يضيف «نحن على ثقة بأنّ مبادراتنا ستساهم في تحسين العملية الانتخابيّة وتقليل نسبة البطاقات اللاغية. نعتقد أنّ توعية الناخبين هي الخطوة الأولى نحو انتخابات نزيهة وشفافة تعكس إرادة الشعب الموريتاني».
مشكلة جوهريّة
تبرز مشكلة الأصوات الباطلة في كل دورة انتخابية بموريتانيا كمنافس يُلقي بظلاله على نتائج الاقتراع ويثير تساؤلات حولها. وكانت الأصوات الباطلة في الانتخابات التشريعية الموريتانية العام الماضي قد حلّت في المرتبة الثانية، حيث وصل عدد الأصوات اللاغية في اللائحة الوطنية المختلطة إلى 308 آلاف و433 صوتا، أي ما نسبته 24.11%.
وبلغ عدد الأصوات الباطلة في اللائحة الوطنيّة للنساء 319 ألفا و773 صوتا، أي بنسبة 25% من الأصوات، تلتها اللائحة الوطنيّة للشباب، والتي وصل عدد الأصوات الباطلة فيها إلى 314 ألفا و128 صوتا، أي بنسبة 24.5%.
وترى المنسّقة الجهويّة للجنة الوطنيّة المستقلّة للانتخابات فاطمة حمود أنّ ارتفاع نسبة الأصوات الباطلة يعكس مشكلات جوهرية في النظام الانتخابيّ في موريتانيا. وقالت في حديث لوكالة أنباء العالم العربي إنّ من أسباب هذا الارتفاع في عدد الأصوات الباطلة «معدل الأميّة المرتفع في العديد من المناطق الريفية، حيث لا يتمكّن الناخبون من قراءة بطاقات الاقتراع أو فهم كيفية ملئها بشكل صحيح».
واعتبرت بنت حمود أنّ موريتانيا تُعاني من نقص حاد في برامج التوعية الانتخابية الفعّالة «إذ لا يحصل الناخبون، خاصة في المناطق النائية، على المعلومات الكافية حول كيفيّة التصويت بشكل صحيح».
يشاركها الرأي الصحفي أحمد ولد الحسن، الذي يرى أنّ «من أبرز أسباب ارتفاع نسبة الأصوات اللاغية في الانتخابات الموريتانيّة الطريقة المعتمدة للتصويت، والتي تتطلّب من الناخب كتابة حرف الباء أو وضع علامة صحيح (صواب) في الخانة المخصصة أمام اسم المرشح».
وقال ولد الحسن في حوار أجرته معه وكالة أنباء العالم العربي إنّ «هذا الإجراء يبدو بسيطا، لكنه يشكل تحديا كبيرا للعديد من الناخبين.. .نسبة كبيرة من الموريتانيّين يعانون من الأمية، مما يجعلهم غير قادرين على اتباع التعليمات بشكل صحيح أثناء التصويت، وبالتالي يؤدي إلى إلغاء أصواتهم». وأشار أيضا إلى أن جزءا من السكان ينتمون إلى قوميّات أفريقيّة غير عربيّة ويواجهون صعوبات إضافيّة بسبب حاجز اللغة، حيث يجدون صعوبة في فهم التعليمات المكتوبة باللغة العربية. وأضاف «هذه المناطق تشهد نقصا في الحملات التوعويّة والتثقيفيّة، مما يجعل سكّانها أقلّ دراية بكيفيّة التصويت بشكل صحيح».