هدير الدبابات قرب الحدود.. ترقب لـ«ساعة الصفر» بين إسرائيل وحزب الله
رصد سكان داخل فلسطين المحتلة على مقربة من الحدود اللبنانية، تحركا مكثفا لآليات جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وبالقرب من قرية عرب العرامشة الأقرب للحدود اللبنانية، لا يكاد صوت هدير الدبابات يهدأ ولا ضجيج الشاحنات الضخمة التي تنقل المزيد من الآليات العسكرية، وفق ما يؤكده سكان بالقرية. ويقول أحدهم لوكالة أنباء العالم العربي، طالبا عدم نشر اسمه، إن القرية شبه مغلقة لا يُسمح بالدخول إليها أو الخروج منها إلا فيما ندر، في ظل توتر أمني لم يعرف السكان مثله من قبل، حسب وكالة أنباء العالم العربي.
وذات الحال ينطبق على قرى أخرى في قضاء عكا ترصد تحركات مماثلة لجيش الاحتلال الإسرائيلي مثل دير الأسد وبيت جن والبعينة وغيرها. ويقول سكان بهذه القرى إن الأيام الماضية شهدت نقل المزيد من الآليات العسكرية والدبابات نحو الشمال على مقربة من الحدود اللبنانية.
ويؤكد الشهود أن مناطق شمال إسرائيل تشهد أكبر حشد عسكري منذ السابع من أكتوبر الماضي، وهو ما يعزز شكوكا بإمكانية اندلاع حرب على تلك الجبهة في أي لحظة. وكان وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت قد قال في تصريحات تداولتها هيئة البث الإسرائيلية أمس الأربعاء إنه بحث قضية التصعيد مع حزب الله مع المسؤولين في الإدارة الأميركية.
وعقد غالانت على مدار الأيام الماضية سلسلة اجتماعات مع نظيره الأميركي لويد أوستن ووزير الخارجية أنتوني بلينكن بالإضافة لمسؤولين أمنيين آخرين، وتركزت مباحثاته وفق هيئة البث على مسألة التصعيد مع حزب الله والحرب في قطاع غزة وخطط اليوم التالي.
استعدادات لخيار الحرب بين حزب الله وإسرائيل
أشارت هيئة البث الإسرائيلية يوم الخميس نقلا عن مصادر عسكرية إلى استعدادات مكثفة في إسرائيل لخيار الحرب المفتوحة مع حزب الله اللبناني. وقال مسؤول عسكري لهيئة البث «رغم أن إسرائيل لا تزال تحاول التوصل إلى اتفاق مع لبنان يسمح لسكان الحدود الشمالية بالعودة إلى منازلهم، فإن المستوى السياسي والعسكري يستعد للخيار الثاني وهو الحرب».
وبحسب المسؤول، شهدت الفترة الأخيرة تدريبات مكثفة تتضمن التحضير لاحتمالات ومخططات القتال في منطقة مأهولة وجبلية. وقال مسؤول كبير في جيش الاحتلال «سيتطلب الأمر من إسرائيل خطوة افتتاحية قوية للغاية».
ويرى نير ديبوري، المحلل العسكري في القناة الثانية عشرة التابعة لهيئة البث الإسرائيلية والمعروف بقربه من دائرة صنع القرار العسكري، أن الأمور تتدحرج صوب الحرب مشيرا إلى أن القرار قد اتُخذ فعلا بنقل قوات كبيرة من قطاع غزة إلى المناطق الشمالية والقريبة من الحدود اللبنانية.
وقال «قرر الجيش الإسرائيلي نقل قوات إضافية إلى نقاط أبعد من تلك التي كانت توجد فيها منذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر، وذلك في إطار التحضير للحرب مع حزب الله إذا فشل المستوى السياسي والوسطاء الدوليون في التوصل إلى اتفاق ينهي حالة التوتر».
وبحسب ديبوري فإن قرار نقل القوات من الجبهة الجنوبية إلى الحدود الشمالية يأتي على خلفية الانتقال إلى المرحلة الثالثة من القتال في قطاع غزة بعد أن شارفت المهمة ضد كتائب حماس في رفح على الانتهاء.
وقال ديبوري «جرى الأربعاء تدريب واسع النطاق لمقاتلي الاحتياط على الحدود الشمالية. وعلى الرغم من الاستعدادات المكثفة التي يجريها الجيش، لم يتحدد توقيت العملية بعد، والأمر يعتمد على تطورات القتال في غزة ومعدل إطلاق النار من لبنان، وكذلك على احتمال أن يتمكنوا في النهاية من التوصل إلى اتفاق بوساطة أميركية ينهي التصعيد في الشمال».
استعدادات دولية
وحتى على الساحة الدولية، تجري الاستعدادات على قدم وساق لاحتمال اندلاع حرب في أي لحظة بين إسرائيل وحزب الله. وبعد أيام قليلة من إبلاغ وزيرة الخارجية الكندية ميلاني جولي نظيرها الإسرائيلي يسرائيل كاتس بأن بلادها تستعد لإجلاء مواطنيها البالغ عددهم نحو 45 ألف مواطن من لبنان، أعلنت ألمانيا وهولندا أيضا عن خطوة مماثلة وفق هيئة البث الإسرائيلية.
نتائج غزة وتأثيرها على الساحة اللبنانية
يعتقد المحلل السياسي في صحيفة يديعوت أحرونوت رون بن يشاي أن ما سيحققه جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة ستنعكس نتائجه على الساحة اللبنانية. وقال «تشير التقديرات في إسرائيل إلى أنه يمكن التوصل في غضون أربعة إلى ستة أسابيع لقرار واضح بين الجناحين العسكري والمدني لحماس في قطاع غزة، وهو ما قد يلغي الحاجة إلى حرب قوية في لبنان ضد حزب الله».
وأضاف «نجح الجيش في حل كتيبتين من لواء رفح، ويتقدم الآن شمالا باتجاه كتيبة السلطان وكتيبة مركز رفح وحي الشابورة. ويعود هذا البطء بشكل رئيسي إلى حقيقة أن حماس تتجنب المواجهة المباشرة مع الجيش الإسرائيلي وتهرب إلى مخيمات اللاجئين أو إلى شبكة تحت الأرض متفرعة ومعقدة موجودة تحت منطقة رفح، وقد فعلت ذلك بعد تفخيخ وزرع متفجرات في أحياء بأكملها. وهم الآن ينتظرون أن يتحرك الجيش إلى المناطق المزروعة بالمتفجرات».
وتابع«لقد طور الجيش الإسرائيلي أساليب للتعامل مع تكتيك العدو هذا من أجل منع إلحاق الضرر بقواتنا، لكن الحاجة إلى التصرف بحذر - وخاصة القتال في الأنفاق - تبطئ القتال كثيرا لتحقيق هدف الحرب الذي من شأنه خلق وضع تتلاشى فيه حماس وتفقد قبضتها على سكان غزة. والشعور القائم هو أن هذا الإنجاز ممكن لكنه يتطلب الصبر».
ويعتقد بن يشاي أن التقديرات في إسرائيل تشير إلى أنه عندما يرى حزب الله ما حققه جيش الاحتلال الإسرائيلي في غزة وما ألحقه بها من دمار كبير، فإن هذا قد يثنيه وحلفاءه الإيرانيين عن الدخول في مواجهة، وسيوافقون على تسوية سياسية حتى لا يلحق بهم ما لحق بحماس في غزة.
غير أن المحلل السياسي وأستاذ التاريخ في جامعة النجاح بنابلس عمر جعارة يرى أن إسرائيل تجنح أكثر نحو قرار الحرب مع حزب الله. وقال في تصريح لوكالة أنباء العالم العربي «تركيبة الحكومة اليمينية في إسرائيل تفرض عليها اتخاذ قرار الحرب، وهو أسهل عليها من قرار السلم».
وأضاف «حكومة كل مكوناتها من اليمين المتطرف تميل دوما للقتال ضد كل ما هو عربي وليس فقط ضد كل ما هو فلسطيني، ومن ثم هي لا تتعامل مع تكتيكات وخطط بقدر ما تتعامل مع الرغبة في مزيد من القتل».
وعلى صعيد آخر، يعتقد جعارة أن المستوى العسكري في إسرائيل لا يرغب كثيرا بالتصعيد خاصة أن الجيش منهك جراء الحرب المستمرة على قطاع غزة منذ ثمانية أشهر. وقال «لا يوجد قائد عسكري يريد أن يدفع بالجيش إلى حرب جديدة حتى دون الحصول على استراحة المحارب».
اقرأ المزيد
قطر تطلق مشروعا سياحيا ضخما بقيمة 5.5 مليار دولار