مواجهة محتملة بين حزب الله وإسرائيل في شرق المتوسط
مع تصاعد وتيرة التصريحات والتهديدات المتبادلة بين قوات (حزب الله) اللبنانية والاحتلال الإسرائيلي، أصبحت كافّة الاحتمالات مفتوحة خلال الأسابيع المقبلة، فإمّا أن تُترجم هذه التحذيرات إلى توسّع لنطاق الحرب الدائرة في قطاع غزة الفلسطيني، أو أن تكون ضمن ضغوط نفسيّة في سبيل الوصول إلى حلّ دبلوماسيّ في مرحلة لاحقة.
وكان الأمين العام لجماعة (حزب الله) حسن نصر الله قد حذّر الحكومة القبرصيّة من أنّه إذا قررت إسرائيل شنّ حرب على لبنان، فإنّ "فتح المطارات والقواعد القبرصيّة للعدوّ الاسرائيليّ لاستهداف لبنان يعني أنّ الحكومة القبرصية جزء من الحرب وستتعاطى معها المقاومة على أنها جزء من الحرب، حسب وكالة أنباء العالم العربي.
وأضاف نصر الله في كلمة له الأسبوع الماضي أنّه إذا اندلعت مثل تلك الحرب «فلن يكون هناك مكانٌ آمنٌ في إسرائيل من هجمات حزب الله.. .ويشمل ذلك أهدافا محتملة في البحر المتوسط».
حديث نصر الله تلته تصريحات للسفيرة القبرصية في لبنان ماريا هادجيثيودوسيو، عقب لقائها مع نائب رئيس مجلس النواب اللبناني إلياس بوصعب، قالت فيها إنّ بلادها «لن تسمح باستعمال أراضيها للاعتداء على أي دولة أخرى، خاصة لبنان».
ويرى العقيد المتقاعد في الجيش اللبناني كامل جرجس أنّ المرحلة المقبلة قد تشهد نشر جماعة حزب الله مشاهد مصوّرة توضّح القدرات البحريّة التي تمتلكها في سياق ما وصفها بسياسة الردع التي تنتهجها الجماعة في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي.
قدرات بحريّة
وقال جرجس إنّ «جماعة حزب الله أظهرت بعضا مما تملكه من أسلحة صاروخيّة وجويّة قادرة على تحقيق إصابات بالمسيّرات والطائرات الإسرائيليّة»، مشيرا أيضا إلى امتلاك الجماعة القدرة على الوصول إلى الأراضي المحتلة عبر الجو لتصوير أهداف حساسة.
أضاف «الإمكانيّات الجويّة لم يُكشف عنها بشكل كامل، وذلك حفاظا على سريّة عنصر المفاجأة.. .هذا الأمر ينسحب أيضا على الوحدات البحريّة لدى حزب الله.. .عام 2019، بثّت قناة المنار اللبنانيّة شريطا مصوّرا يُظهر عرض القوّة البحريّة (لجماعة حزب الله) عددا من الصواريخ التي تملكها».
واعتبر أنّ التقديرات الإسرائيليّة لما تملكه جماعة (حزب الله) مبنيّة على ما تملكه إيران من أسلحة بحريّة يُمكنها تأمينها وتوفيرها ونقلها إلى لبنان مع الإشارة أن الصواريخ البحرية لكي تعطي مداها المُجدي يجب أن يكون شعاعها حوالي 300 كيلومتر.
وتابع «من الصواريخ المتوقّع توفّرها لدى حزب الله صاروخ كروز مضاد للسفن، والذي يصل مداه إلى مسافة 120 كيلومترا، وصاروخ ياخونت المجنح المضاد للسفن، والذي تفوق سرعته سرعة الصوت ويصل مداه إلى مسافة 300 كيلومتر».
لكنّ العقيد المتقاعد والخبير العسكري يرى أنّ أكثر ما تخشاه سلطات الاحتلال هو حصول جماعة (حزب الله) على زوارق يُمكن تسلحيها بصواريخ وزوارق انقضاضيّة صغيرة لضرب أهداف بحريّة على غرار تلك التي تنفّذه بالمسيّرات، أو غوّاصات صغيرة محمّلة بالطوربيدات.
وقال «كان لدى حركة حماس قوّة بحريّة بشريّة ظهرت من خلال تنفيذ مجموعة كوماندوز لعمليّة تسلّل جنوبي مدينة عسقلان باتجاه قاعدة زيكيم العسكرية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.. .فكيف سيكون الحال لدى حزب الله الذي يملك قدرة تحرّك وتدريب لعناصر بشريّة على الساحل اللبناني تفوق قدرات كتائب القسام؟».
وكانت جماعة (حزب الله) قد كشفت عن مقاطع مصورة قالت إن طائرة مسيّرة التقطتها. أظهرت تلك المقاطع عددا من الأهداف في الأراضي المحتلة، منها سفن وزوارق حربيّة وميناء حيفا ورصيف الكرمل وقاعدة حيفا العسكريّة المسؤولة عن الساحة البحريّة الشمالية.
الصراع على الغاز
وقال جرجس "في عام 2022، أثناء المفاوضات على ترسيم الحدود البحريّة جنوبا، هدد حزبُ الله الاحتلال الإسرائيليَّ بأنه سيقوم باستهداف حقل كاريش في حال عدم السماح للبنان بالتنقيب عن الغاز.. .هذه الحادثة رافقت المفاوضات وسرّعت بها، خاصّة مع إرسال مسيّرات فوق المنصّات اﻹسرائيليّة".
كان قد أُعلن عن ترسيم الحدود البحرية بين لبنان والاحتلال عام 2022 بوساطة أميركيّة ممثلة في آموس هوكستين، المبعوث الخاص للرئيس الأميركي جو بايدن. تشير تلك الاتفاقية إلى الحدود الاقتصادية البحريّة بين البلدين، وتتيح للبنان التنقيب في البلوك رقم (9) الذي سُميَّ حقل قانا.
وفازت شركة (توتال) الفرنسيّة بمناقصةً للتنقيب في هذا القطاع، لكنّها أعلنت في أكتوبر تشرين الأول الماضي توقّفها عن التنقيب، وأرجعت السبب في ذلك إلى أنّها لم تجد غازا، ما أثار تساؤلات حول حقيقة ما إذا كان الأمر مرتبطا بالمناوشات العسكريّة بين جماعة حزب الله والاحتلال على خلفيّة حرب غزة.
ويُشير أستاذ القانون الدولي جهاد الصواف، المتخصص في القانون البحري، إلى أنّ لدى لبنان مشكلة فيما يتعلّق بتحديد حدوده البحرية مع كلّ من قبرص وسوريا.
وأوضح أنّ «هذا النزاع ليس فقط بين لبنان وقبرص، وإنما تتداخل فيه تركيا التي تعتبر أنّ لها حقوقا في القسم الشماليّ من المنطقة البحريّة القبرصيّة، والتي تشكّل تداخلا مع الحدود البحريّة اللبنانيّة».
ويرى الصواف أنّ أحد أوجه الحرب حاليا يتمثّل في مسألة غاز شرق المتوسط من غزّة إلى شمال الأراضي المحتلة، وصولا إلى البلوكات اللبنانيّة والقبرصيّة.
وقال «هذا الأمر سيدفع شركات التنقيب عن النفط العالمية العاملة في هذه المساحة البحرية إلى الضغط على الحكومات لمنع دخول المنطقة في حرب واسعة قد تؤدّي إلى خسارة الاستثمارات وانعكاسها على مختلف الدول، خاصة مع الأزمة التي تعيشها أوروبا بسبب الحرب الروسيّة الأوكرانيّة».
اقرأ المزيد
بطاقة دعوة زفاف أنانت أمباني تثير دهشة العالم
بعد قرار قيس سعيد.. ما قيمة زيادة أجور القطاع الخاص في تونس؟