شاهد| رسائل الموت على أجنحة «الكوادكوبتر» في غزة
مع اندلاع حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر لماضي، وسع جيش الاحتلال الإسرائيلي من استخدام الطائرات المسيرة ذات المراوح الأربع، أو (الكوادكوبتر)، على نطاق واسع في أجواء القطاع، وبات عملها لا يقتصر فقط على التصوير والمراقبة، بل امتد إلى تنفيذ الاغتيالات وتوجيه أوامر التهجير للسكان.
وأثار انتشار طائرات (الكوادكوبتر) المسيرة في سماء قطاع غزة رعب الكثير من الفلسطينيين بسبب وجودها المستمر في الأجواء وإطلاقها للنيران وإلقائها للقنابل وتنفيذ مهام غير مسبوقة بالنسبة لهذا النوع من المسيرات.
وقالت الفلسطينية منى الفرا لوكالة أنباء العالم العربي «نزحنا من شرق خان يونس مع بدء العملية العسكرية البرية هناك، واتجهنا نحو مبنى الهلال الأحمر الفلسطيني بالقرب من حي الأمل. كانت الأعداد هناك بالآلاف من الرجال والنساء والأطفال والشيوخ». وأضافت «جلست وأطفالي بمكان يمكن وصفه بأنه غرفة لديها شباك مرتفع، استيقظنا صباحا على صوت طائرة الكوادكوبتر ودخلت إلى المبنى من الشباك وبدأت تطلق النار داخل المبنى».
هلع وخوف بين النازحين الفلسطينيين
وتابعت قائلة «أصيب ابني الأكبر محمد في كتفه، وانتشرت حالة من الهلع والخوف في صفوف النازحين ومنهم من غادر المكان بعد تلك الحادثة واستمرت (الطائرة المسيرة) في إطلاق النار بشكل مكثف على مدار أيام قبل إخلاء المبنى بشكل كامل من النازحين».
وروى والد الفلسطيني مهند الهور تفاصيل مقتله بواسطة طائرة (الكوادكوبتر) خلال عملية للجيش الإسرائيلي في مخيم النصيرات في وقت سابق من الشهر الحالي. وقال الوالد «كان مهند متجها إلى سوق النصيرات خلال فترة الظهر، أي قبل المجزرة بوقت قصير، وبشكل مفاجئ امتلأت سماء المخيم بطائرات الكوادكوبتر التي بدأت تطلق النار بشكل عشوائي على كل من يخرج دون رحمة».
وأضاف «حاول ابني الهرب من إطلاق النار الكثيف برفقة أبناء الجيران، إلا أن طائرة الكوادكوبتر قنصته في صدره ولم تستطع سيارات الإسعاف الوصول إلى كافة الجرحى بسبب الأعداد الكبيرة التي أطلقت النار عليها ولم يستطع النجاة».
«الكوادكوبتر» الأكثر ملائمة لحرب المدن
يقول الخبير العسكري يوسف الشرقاوي لوكالة أنباء العالم العربي إن جيش الاحتلال الإسرائيلي رأى أن طائرات (الكوادكوبتر) المسيرة هي الأكثر ملائمة لحرب المدن، مثل حملته العسكرية على قطاع غزة. وأضاف اللواء المتقاعد عن الطائرة المسيرة ذات المراوح الأربع «لها مهام عديدة، أولها المراقبة وتتبع الأهداف وإطلاق الرصاص عليها بدقة، وكذلك استخدام الميكرفونات الخاصة بها لبث الرعب في نفوس الناس من خلال رسائل مسجلة تأمرهم بالإخلاء». وتابع قائلا «البعض الآخر يحمل قنابل وقذائف موجهة ومنها أنواع أخرى للقنص والاغتيالات».
وفي منطقة مواصي خان يونس، يعيش الطفل إسماعيل لبد في خوف دائم بسبب التحليق المستمر لطائرة (الكوادكوبتر) المسيرة. وقال «تحلق بشكل دائم فوق الخيام هنا لترعبنا، وتطلق النار بين وقت وآخر لتمنعنا من التحرك أو الخروج من أماكنا». وأضاف «أذكر لحظة دخول الدبابات إلى مدينة حمد بالقرب منا، أطلقت طائرات الكوادكوبتر النار بشكل عشوائي على الخيام ودخلت رصاصة إلى خيمتنا المجاورة والتي نضع بها الأغراض الأساسية وبفضل الله لم يُصب أحد منا». وأردف بالقول «منذ ذلك اليوم وأنا أعيش في كابوس الكوادكوبتر، أتخيلها ليلا ونهارا، أتخيل صوتها ورصاصها وأبقى في حالة من الترقب كل ليلة عند سماع أصوات الطائرات خوفا من تكرار الموقف مرة أخرى».
وقال ماجد الشيخ، الممرض المتطوع في مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح، لوكالة أنباء العالم العربي إن المستشفى يستقبل بشكل دائم أعدادا من المصابين والقتلى بسبب طائرات (الكوادكوبتر) المسيرة. ومضى يقول «قبل فترة قليلة وصل طفل إلى المستشفى مصاب نتيجة سقوط قنبلة من طائرة كوادكوبتر بالقرب من منزله في مخيم النصيرات، لم يمكث سوى ساعات قليلة واستشهد بعد أن فقد كمية كبيرة من دمه».
قنابل متفجرة من طائرات مُسيرة
وقال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان في بيان في وقت سابق من الشهر الحالي إنه وثق حالات قتل متزايدة يرتكبها الجيش الإسرائيلي عبر إطلاق نار مباشر وإلقاء قنابل متفجرة من طائرات مُسيرة صغيرة الحجم.
وتسببت طائرات (الكوادكوبتر) المسيرة في نزوح عائلة العبادلة من خان يونس. وقال خالد العبادلة البالغ من العمر 40 عاما «طائرات الكوادكوبتر هي من أخرجتنا من منطقتنا في خان يونس بعد أن أطلقت تسجيلا صوتيا تطالبنا بإخلاء المنطقة بوصفهم لها أنها منطقة قتال خطيرة وسيتم تدميرها بالكامل».
وتابع شقيقه محمد قائلا «في بادئ الأمر اعتقدنا أن الصوت خارج من عنصر بشري وأن الدبابات على مقربة منا وبدأنا في الخروج سريعا، لنتفاجأ لحظة خروجنا من منازلنا بمسيرات الكوادكوبتر وهي تحوم في السماء وتخرج منها الأصوات والتسجيلات».
اقرأ المزيد:
4 ردود إماراتية على اتهامات البرهان بتسليح الدعم السريع