جرائم قتل في غزة وسط غياب الشرطة
يشكو مواطنون في غزة من غياب الشرطة وانتشار الفوضى في غزة منذ العدوان الإسرائيلي على القطاع، هو ما أدى إلى سقوط العشرات في جرائم قتل.
وسقط عشرات الفلسطينيين في عمليات قتل داخلية، وسط اتهامات لإسرائيل بتعمد نشر الفوضى في القطاع وجعله طاردا لأهله وإيصال رسالة للسكان بعدم الأمان، حسب وكالة أنباء العالم العربي.
ويقول الفلسطيني محمد ناصر الدين: «للأسف بتنا في مرحلة أصبحت فيها المعارك الداخلية لا تقّل قسوة عن تلك التي تشنها قوات الاحتلال الإسرائيلي بشكل مباشر علينا بالصواريخ والدبابات والطائرات»، مشيرا إلى عمليات إطلاق النار المتكررة وأخذ القانون باليد في ظل غياب الأجهزة الأمنية والإجراءات القانونية على الأرض.
واختفت الأجهزة الأمنية التي كانت تسيطر على قطاع غزة من مقراتها ومن شوارع القطاع، وبات عملها منحسرا بحدود دنيا وتحت غطاء من السرية نتيجة استهداف طال كل المظاهر الشُرَطية.
وقتلت قوات الاحتلال في الآونة الأخيرة أكثر من 30 عنصرا كانوا يؤمّنون المساعدات في القطاع فيما اعتُبر استهدافا واضحا لأي عناصر أمنية تتهمها إسرائيل بالعمل ضمن نظام حكومة حماس في غزة.
الجبهة الخفية للحرب الجديدة
الجبهة الخفية للحرب الجديدة التي فُتحت في قطاع غزة تحت عنوان "القتل الداخلي" تتزامن أيضا مع عمليات سطو لم تسلم منها حتى المساعدات الإنسانية بالإضافة للأملاك الخاصة.
ويقول مسؤول عشائري طلب عدم ذكر اسمه إن العائلات تحاول أن تحمي أبناءها بأي طريقة «في ظل وضع أمني داخلي متردِِ ومقلق»، لكنه يؤكد أن العشائر ليست سلطة ولا تتطلع لأن تكون سلطة، وأنها تعمل فقط على ضبط سلوك أبنائها وحمايتهم في الوقت نفسه.
ويشير إلى أن البعض يلجأ لمسلحين من أجل توفير الحماية لأعماله ومنع عمليات السطو.
خَلق الفوضى
ويرى الناطق باسم حركة فتح في قطاع غزة منذر الحايك أن إسرائيل تتعمد نشر هذه الحالة من الفوضى.
وقال «الاحتلال يريد أن يخلق فوضى في مناطق الشمال ومناطق الجنوب التي قام بفصلها من خلال سيطرته على شارع محور نتساريم، وهو نقطة انطلاق لأي عملية يريد الاحتلال أن ينفذها».
وأضاف «اليوم التالي للحرب على قطاع غزة بالنسبة لحكومة (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو قد بدأ خاصة بعد أن سيطر على محور نتساريم الفاصل بين الجنوب والشمال، إلى جانب احتلاله معبر رفح وإغلاق كل المنافذ البرية التي تعتَبر المنافذ الوحيدة لإرسال المساعدات الإنسانية والسلع التجارية للشعب الفلسطيني».
وقال إن «نتنياهو لا يقبل أن تكون هناك عودة للسلطة الوطنية الفلسطينية التي وصفها بأنها "السلطة الشرعية التي لا تزال تقوم بواجبها حتى اللحظة في قطاع غزة».
وتابع «منذ بداية المعركة في شهر أكتوبر حاول الاحتلال خلق حالة من الفوضى من خلال إرسال العملاء والعابثين بالوحدة الوطنية ووحدة النسيج الاجتماعي»، لافتا إلى أن حركة فتح «شكّلت لجان حماية لكل الممتلكات وتمتين النسيج الاجتماعي بشكل واضح وجلي».
وأردف «بعد عمليات الاجتياح ووصول الاحتلال إلى وسط مدينة غزة إلى جانب وسط مدينة خان يونس وكذلك المحافظة الوسطى كانت هناك عمليات سلبية وبعض الشجارات، وهي لا تعبر عن الشعب الفلسطيني ولا تمثل صورته الأساسية، فهو شعب متحد في الميدان ونسيجه الاجتماعي قوي ومتين».
واستطرد قائلا إن هناك تصميما في الجانب الفلسطيني على حدوث انسحاب كامل من قطاع غزة وعودة النازحين إلى جانب فتح مسار سياسي واضح وصولا لحل الدولتين "على أساس قرارات الشرعية الدولية والقانون الدولي والمبادرة العربية" التي صدرت عام 2002 في بيروت.
لابتعاد عن كل التصريحات التوتُّرية
وفيما يتعلق بما هو مطلوب من الفصائل الفلسطينية من أجل مواجهة المخططات التي تحدث عنها قال «المطلوب هو الابتعاد عن كل التصريحات التوتُّرية التي نسمعها في كل مرحلة من المراحل والتي لا تخدم المشروع الوطني والقضية الفلسطينية والمرحلة الحالية التي نعيشها في حرب الإبادة التي تشنها علينا حكومة الحرب الإسرائيلية».
وأردف «المطلوب أيضا أن نتقدم خطوة واحدة تجاه الوحدة الوطنية وأن تُعلن حركة حماس بشكل واضح أنها أصبحت جاهزة لإنهاء الانقسام وجاهزة هي وحركة الجهاد الإسلامي للدخول إلى منظمة التحرير الفلسطينية التي تمثل الشعب الفلسطيني حتى نستطيع أن نواجه كل المشاريع التصفوية التي تواجه مشروعنا الوطني».
عصابات وسطو مسلح
قال فيليب لازاريني، المفوّض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، يوم الثلاثاء الماضي إن «الفوضى تعم قطاع غزة وسط تشكّل عصابات للتهريب، مما يزيد من صعوبات إيصال المساعدات».
وتابع قائلا "مبدئيًا نواجه في هذه الأيام انهيارا شبه كامل للقانون والنظام"، مُرجعا جانبا من الأسباب إلى "زيادة العصابات التي تهاجم شاحنات الإغاثة"، مشيرا إلى أن الشرطة المحلية ترفض مرافقة قوافل المساعدات خوفا من تعرض أفرادها للقتل.
ويعتقد المحلل السياسي أحمد رفيق عوض أن «خيار الفوضى في قطاع غزة لا يفيد إسرائيل أمنيا للقرب والتداخل الشديد بين قطاع غزة وإسرائيل، لذلك إسرائيل قد تميل إلى فكرة البحث عن جهات فلسطينية، أو عربية أو دولية أو جميعها من أجل إدارة قطاع غزة».
وأضاف «تطبيق ذلك الأمر بالنسبة لإسرائيل يحتاج مرحلة انتقالية، أي أن يكون هناك احتلال للقطاع أو سيطرة أمنية لإسرائيل على القطاع لمدة معينة من أجل البحث عن هذه الجهات، سواء كانت فلسطينية محلية أو جهات ربما أن تكون مثلا محسوبة على السلطة الفلسطينية أو محسوبة على أطراف عربية أو دولية، لتقبل إدارة قطاع غزة وتحافظ على الأمن لإسرائيل».
العنف والضغط النفسي
الأخصائي النفسي الدكتور درداح الشاعر يُرجع انتشار الجرائم انتشارا ملحوظا في غزة بالضغوط التي ولّدتها الحرب الإسرائيلية.
وقال «الأحداث التي تمر بها الشخصية الفلسطينية منذ عام 1936 حتى اليوم جميعها قاسية من احتلال وقصف وعدوان متواصل، بالتالي أصبح نمط الحياة إلى حد ما قاسيا وخشنا، ويتم التعبير عن هذه القسوة بالسلوك العنيف مع انخفاض مستوى التسامح».
وتابع «يعتقد الكثير من الفلسطينيين أن الضغط مع ضعف الجانب الأخلاقي والديني ككوابح للسلوك البشري هو تعبير واقعي ومنطقي عن حالة الضغط أو التأزم النفسي الذي يعيشه الإنسان الفلسطيني خاصة في الحرب الأخيرة التي لم يسبق لها مثيل في التاريخ البشري على الإطلاق».
اقرأ المزيد
لماذا أبرمت عمان اتفاقية جوية مع تونس؟
خاص| عندليب القانون ماجد سرور يتحدى أغاني المهرجانات بـ«أعز الناس»