«بطيخ بالقطعة».. حرب غزة تقصف سلوكيات الشراء في غزة
يعد شح السلع والبضائع والارتفاع القياسي في أسعارها وتآكل القدرة الشرائية للنازحين الفلسطينيين جزءا أساسيا من تفاصيل الحرب اليومية في قطاع غزة، الأمر الذي يجبر الكثيرين من الباعة والمشترين على تغيير سلوكياتهم.
كان الفلسطينيون معتادين على شراء كميات كبيرة من السلع الأساسية، غير أنهم اضطروا إلى العزوف عن شراء بعضها بشكل كامل أو شراء كميات ضئيلة جدا منها، وهو ما أفرز مشاهد غير معتادة أصبحت شيئا فشيئا أمرا طبيعيا في قطاع غزة.
ولم يعد غريبا مشاهدة باعة يقطعون البطيخ إلى قطع صغيرة ويبيعونه بالقطعة بأسعار تتراوح بين شيكل واحد إلى ثلاثة شواكل، رغم أن هذا السلوك لم يكن معتادا في قطاع غزة قبل الحرب.
وقال الفلسطيني يونس زاهر النازح من مدينة غزة إنه اشترى للمرة الأولى البطيخ بالقطعة لعائلته بعد أن أفقده تعطله عن العمل منذ بداية الحرب القدرة المالية على شراء معظم السلع.
الرجل الذي يواري وجهه قليلا وأطفاله الثلاثة يلتفون حوله، يقول إن سعر البطيخة الواحدة يبلغ حوالي 70 شيكلا، وهو مبلغ لا يستطيع تخصيصه لشراء الفاكهة في ظروف الحرب.
وأضاف «يأتي هذا في ظل حالة فقر مدقع وبطالة غير مسبوقة وعدم قدرة الغالبية العظمى من العائلات النازحة على شراء احتياجاتها الأساسية، فكيف يمكن أن تشتري بعض الفاكهة أو اللحوم المجمدة أو الخضار مرتفع السعر».
وتابع قائلا «تصبح بدائل طريقة البيع هي الممكنة إذا أصر الأطفال خصوصا على شراء بعض الأصناف التي يشتهونها، ولكن هذا غير متوفر في كثير من الاحتياجات الأساسية المهمة».
وأشار زاهر إلى أن بعض السلع لا يصلح معها التخزين لعدم وجود كهرباء وبالتالي تتعرض للتلف كما هو الحال مع البطيخ، وهو عامل آخر يدفع الفلسطينيين في قطاع غزة إلى تغيير أنماط الشراء.
الشراء بالقطعة في غزة
على الطريق الرئيس بين منطقة مواصي خان يونس ودير البلح، يقف إسلام العطار النازح من شمال القطاع منذ بداية الحرب، على طاولة يعرض عليها قطع البطيخ بأحجام مختلفة، وإلى جانبه ميزان لمن أراد الشراء جزء من البطيخة الواحدة التي يزيد وزنها على عشرة كيلوجرامات.
يوضح العطار قائلا إنه اشترى كمية كبيرة من البطيخ لكن أوزانها كبيرة ولم يبع منه إلا القليل لأن المارة كانوا يسألون باستمرار عن سعر الكيلوغرام الواحد والوزن ثم لا يشترون، فقرر أن يوفر بديلا أيسر على النازحين عبر البيع بالقطعة.
وقال العطار إن طريقة البيع الجديدة وجدت قبولا واسعا وسهلت بيع كمية كبيرة من البطيخ، مع تردد معظم النازحين في الشراء بسبب الأسعار المرتفعة للبطيخة الكاملة.
وأضاف «في البداية الناس تكون مترددة في الشراء بالقطعة، لكن سرعان ما تعتاد الأمر وتأتي كل يوم للشراء، خصوصا وأن الأمر متاح وبسيط وغير مكلف».
وتابع قائلا «واقع الحرب القاسي للغاية يضطرنا إلى تغيير كافة السلوكيات وطرق الحياة السابقة، حتى يمكننا اجتياز المرحلة الحالية بأقل خسائر ممكنة، كل شيء تبدل وتغير وعلينا القناعة بذلك وإلا سنموت ونحن أحياء».
والسجائر أحد السلع غير الأساسية التي تغيرت طريقها بيعها لتتماشى مع ظروف الحرب، إذ تباع السيجارة الواحدة بالسنتيمتر أو باشتراك عدة أشخاص في شرائها.
ويوضح بائع السجائر مازن العقاد قائلا إن كل طرق بيع التي عرفها طيلة عشر سنوات من العمل تبدلت تماما، مضيفا أنه لا يوجد شخص واحد قادر على شراء علبة سجائر كاملة منذ بداية الحرب لأن سعرها وصل إلى ألفي شيكل أو أكثر.
ويتراوح سعر السيجارة الواحدة في قطاع غزة بين 50 و100 شيكل، بينما يصل سعر الجرام الواحد من التبغ إلى 45 شيكلا.
وأضاف العقاد «أسعار فلكية لا توجد بمكان في العالم سوى في غزة زمن الحرب»، مشيرا إلى أن ارتفاع الأسعار يجبر بعض المدخنين على شراء سيجارة واحدة وتقاسمها بين خمسة أشخاص.
وتابع قائلا في سخرية «المدخنون يعتبرن أنفسهم يواجهون حربين، حرب إسرائيل وحرب أسعار الدخان المجنونة».
اقرأ المزيد
مقطع فيديو لزوج يتخلى عن زوجته يثير الجدل في الكويت