«خليجيون» تستكشف ملامح العلاقات الخليجية-البريطانية بعد فوز «العمال»
تباينت آراء محللين سياسيين حول مستقبل العلاقات (البريطانية الخليجية) بعد فوز حزب العمال في الانتخابات البريطانية ووصوله إلى السلطة، إذ استبعد البعض تأثر الاتفاقات بين الطرفين بماهية وتوجهات الحزب الفائز في الحاكم، فيما يتوقع أخرون أن يلعب الحزب الفائز دورا ٱكبر في التأثير باعتباره صاحب مقترح اتفاقية التجارة الحرة بين لندن ودول المجلس.
وتولى زعيم «العمال» كير ستارمر رئاسة الوزراء البريطانية، عقب فوزه في الانتخابات باكتساح، ليقود حزبه إلى الحكومة بعد أقل من 5 سنوات من تعرضه لأسوأ هزيمة له منذ قرن تقريبًا، ليضع حد لحكم المحافظين الذي استمر 14 عاما.
مصالح عامة لن تؤثر على مجلس التعاون الخليجي
ويستبعد أستاذ العلاقات السياسية الدولية في جامعة باريس الدكتور خطار أبو دياب «تغيرا واضحا في السياسات البريطانية تجاه دول مجلس التعاون»، ويشير إلى «أن الدور البريطاني تواجد في الخليج على مدار حقب زمنية مختلفة» لافتا إلى «إنها مؤسسة لكثير من تجارب بعض البلدن العربية مثل دبي وسلطنة عمان والبحري، ولذلك هي علاقة مبنية على التوافقات السياسية».
صفقة السلاح وحزب العمال اليساري
ويعتبر الأستاذ بجامعة باريس أن «انفتاح دول مجلس التعاون الخليجي على روسيا والصين من أجل تنوع العلاقات، ربما يجعل بريطانيا مهتمة بالحفاظ على نفوذها بالمنطقة»، لكنه يتساءل بشأن تغيير السياسات في صفقة السلاح قائلا«هل ستتأثر صفقة السلاح أم ستبقى مثل ما كانت خاصة أننا أمام حزب العمال اليساري؟».
وفي العام 2022، برزت المملكة المتحدة كواحد من أبرز المصدرين العالميين البارزين للأسلحة إلى دول الخليج، إذ احتلت المرتبة السادسة، وفقًا لـ»معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام»..
فرصة لتعميق العلاقات الاقتصادية بين دول الخليج وبريطانيا
ويعيد المحلل السياسي الدكتور أيمن سمير التذكير بفكرة قديمة لدى حزب العمال، وهي عقد اتفاقية للتجارة الحرة مع دول مجلس التعاون الخليجي الستة، ويقول «لم تتح لحزب المحافظين فرصة توقيع مثل هذه الاتفاقية بسبب الأوضاع الاقتصادية منذ تولي الحكم 2010 وصولا لأزمة كورونا».
يؤكد خبير العلاقات الدولية في تصريح إلى «خليجيون» «أن حزب العمال لديهم فرصة مهمة لتعميق التعاون الاقتصادي والتجاري بين المملكة المتحدة وبين دول مجلس التعاون الخليجي الستة، وأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أعطى لها الحرية في عقد أي اتفاقيات للتجارة الحرة».
وينوه «سمير» إلى «أن بريطانيا من الشركاء التجاريين المهمين مع دول مجلس التعاون الخليجي، وأن المدة المقبلة ستشهد قرارات مهمة متعلقة بدعم الاستثمار وانتقال رؤوس الأموال الخليجية إلى بريطانيا».
وسبق أن صرح وزير الدولة للسياسة التجارية في وزارة الأعمال والتجارة البريطانية، غريغ هاندز قائلا «إن التحديات التي تواجهها مفاوضات التجارة الحرة بين الطرفين معتادة في أي مفاوضات تجارية، وأن التفاوض يتم على 72 اتفاقية تجارية في المجمل».
ويشير إلى أن هذه الاتفاقية من شأنها أن «تؤدي إلى نمو اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي بأكثر من مليار جنيه إسترليني سنوياً، فيما تبلغ تجارتنا مع دول مجلس التعاون الخليجي 61 مليار جنيه إسترليني سنوياً».
الأوضاع الاقتصادية لا تُسعف رئيس وزراء بريطانيا
يضيف سمير أن «حزب العمال يحتفظون بعلاقة طيبة مع الدول العربية بشكل عام، ومجلس التعاون الخليجي بشكل خاص، وبالتالي يمكن للحكومة العمالية الجديدة أن تبني على هذه العلاقة العريقة والتاريخية ما بين بريطانيا ودول مجلس التعاون الخليجي».
ويتنبٱ بألا تسعف «صعوبة الأوضاع الاقتصادية في بريطانيا رئيس الوزراء البريطاني الجديد نحو عقد هذه الاتفاقيات في المدى القريب، ولكن قد يحدث هذا الأمر على المدى المتوسط، ربما في نهاية الخمس سنوات الأولى، لأن كل المشروعات المطروحة من قبل حكومة الظل العمالية تؤكد أن حزب العمال يحتاج إلى عشر سنوات».
يشير المحلل السياسي المضيري إلى أن «توقيع اتفاقية التجارة الحرة بين بريطانيا ودول التعاون يُعد مكسب للطرفين بإعتبار أن كتلة مجلس التعاون الخليجي أصبحت من الكتل الوازنة اقتصاديا، ويساعد الاقتصاد البريطاني الذي تراجع العام الماضي».
ويوضح أن «شكل التعاون العسكري في الفترة المقبلة سيتخذ شكل مختلف كليا عن ما كان عليه سابقًا، في مجال التدريب ونقل الخبرات وبيع الأسلحة، وربما عدد القواعد العسكرية التي ستتراجع نوعًا ما».
اتفاقيات مرتبطة بأنظمة وقوانين دولية
لا يعتقد الدكتور محمد العريمي، الاكاديمي والباحث السياسي، أن الانتخابات البريطانية وفوز حزب العمال بنتائج ساحقة سوف يؤثر على مستوى العلاقة بين بريطانيا في المجموع ودول منطقة الخليج ويقول «إن هناك اتفاقيات بعضها قصير الأمد وبعضها طويل الأمد خاصة في مجال النفط والغاز، وهذه الاتفاقيات مربوطة بأنظمة وقوانين».
ووفقا لتقرير صادر عن «المركزي الإحصائي الخليجي» نُشر مؤخرًا أن حجم التبادل التجاري بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والمملكة المتحدة بلغ 39.6 مليار دولار في نهاية عام 2022 من23.7 مليارا في 2021.
ويضيف العريمي في تصريح إلى «خليجيون» «أعتقد أن الحزب الحاكم في بريطانيا -حزب العمال- لديه الكثير من الملفات الداخلية التي ربما تستغرق وقتا كبيرًا لإحالتها».
ويؤكد «أن دول الخليج الست لم تعد تلك الدول التي كانت في سبعينيات القرن الماضي تابعة أو شبه تابعة لبريطانيا أو بعض الدول الكبرى»، لافتا إلى «أن دول الخليج الآن متحققة ومتوازنة ولديها تأثير كبير داخلي، ومستقلة أيضا في القرار السياسي الداخلي والخارجي، وبالتالي من يحكم بريطانيا سواء كان عمالا أو محافظين لن يؤثر كثيرًا في العلاقة».
ويشير إلى أن «معظم دول الخليج تنطلق في تجمعات اقتصادية وسياسية كبيرة جدًا كـ (البريكس) وغيرها من التجمعات الضخمة المساوية، ربما تكون أكبر قوة مما عليه الوضع في بريطانيا، وبالتالي من يحكم بريطانيا أيا كان لن يكون له ذلك التأثير القوي».
ويضيف «أن ما يميز هذا العلاقة أن هناك اتفاقيات واستثمارات في عدة مجالات وتربطها قوانين وأنظمة دولية محكومة بأشياء كثيرة ليست بعامل قوة ولا يستطيع تغييرها حزب يأتي لخمس سنوات يستمر أو يذهب إلى مكان آخر».
اقر أ المزيد
العدوان الاسرائيلي يجرف أراض غزة الخصبة
زين السادات: مؤتمر القوى المدنية السودانية نقطة جوهرية في إنهاء الصراع