مع انقطاع الاتصال بهم بعد هجوم الدعم السريع..

عائلات سودانيّة لا تعرف مصير ذويها في سنّار

عائلات سودانيّة لا تعرف مصير ذويها في سنّار
لاجئون سودانيون في كفرون بدولة تشاد. (رويترز)
الخرطوم: «خليجيون»

مع انقطاع شبكات الاتصال في ولاية سنّار السودانيّة عقب هجوم قوّات الدعم السريع، تبحث مئات العائلات عن ذويها في مدينة سنجة عاصمة الولاية، التي دخلتها قوات الدعم يوم السبت الماضي.

كان الآلاف من سكّان سنّار قد اضطروا إلى النزوح باتّجاه الجنوب والشرق جرّاء القتال المستمر بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ أكثر من أسبوع، حيث قطع بعضهم مسافات طويلة سيرا على الأقدام بينما استقل آخرون قوراب خشبية تقليديّة للعبور إلى الضفّة الأخرى من النيل الأزرق، وفق وكالة أنباء العالم العربي.

ووفقا لرصد أجرته لجنة حصر المفقودين بالمرصد السناري لحقوق الإنسان، فإن هناك 524 مفقودا منذ بدء القتال في مدينة سنجة يوم السبت الماضي، والذي أصاب السكّان بالهلع ودفعهم إلى النزوح زرافات ووحدانا صوب ولايتي القضارف شرقا والنيل الأزرق أقصى الجنوب الشرقي.

وأعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) الثلاثاء الماضي أنّ أكثر من 136 ألف شخص فرّوا من الولاية.

ياسين طارق، وهو أحد سكّان سنجة، فقد الاتصال بمعظم أقاربه منذ اندلاع الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع، ولا يعرف عنهم شيء بسبب انقطاع الاتصالات، التي أوضح أنها عادت بشكل تدريجيّ في مناطق شرق ولاية سنار بينما استمرّ انقطاع الكهرباء.

نزوح وهلع وفقد

قال طارق في حديث لوكالة أنباء العالم العربي «نعيش في حالة شتات ووضع صعب، شقيقي وأميّ في اتجاه، وشقيقتي وأبناؤها وزوجها في اتجاه آخر.. .لا أستطيع وصف المعاناة، كلّ زول (شخص) عنده زول مفقود، إمّا أخّ أو أبّ أو أخت أو طفل. معظم الأسر فقدت ذويها».

وسيطرت قوات الدعم السريع يوم السبت على مدينة سنجة، بما في ذلك مقرّ رئاسة الحكومة وقيادة الجيش بالولاية، بعد أن توغّلت الأسبوع الماضي إلى منطقة جبل موية الاستراتيجية، التي تربط مدن كوستي وربك بولاية النيل الأبيض والمناقل، آخر معاقل الجيش بولاية الجزيرة وسط السودان، بولاية سنّار. وذكرت قوّات الدعم السريع أول من أمس الجمعة أنّها حققت «انتصارا كاسحا» على الجيش والحركات المسلّحة المتحالفة معه بسيطرتها على منطقة الدندر الاستراتيجية شرق ولاية سنار وكبدته "خسائر فادحة في العتاد والأرواح" بحسب وصفها.

أحمد الطيب، الذي وصلت عائلته إلى جسر الدندر بعد يوم من دخول قوات الدعم إلى سنجة وعبرت إلى الضفة الأخرى، قال إن شقيقه هشام أصرّ على العودة لإخراج سيارته من المدينة قبل أن يُبلَّغ بأنّ أفرادا يرتدون زيّ قوّات الدعم أخذوا السيارة وجميع مقتنياته، عاد الشقيق أدراجه وعبر الجسر للحاق بعائلته، لكنهم لم يعثروا عليه حتى الآن. أضاف في حديث لوكالة أنباء العالم العربي «بحثنا عنه في كلّ مكان لكن لا أثر له، ولا نعلم هل هو حي أم ميّت أم معتقل، لأن قوات الدعم السريع عند اقتحامها مدينة الدندر اعتقلت مجموعة من المواطنين».

السودانية آلاء الضو، التي فقدت عائلتها الطفل أحمد (12 عاما)، قالت بدورها لوكالة أنباء العالم العربي إن العائلة قررت مغادرة منزلها بمحلية السوكي على الضفة الشرقية لنهر النيل الأزرق بولاية سنار والتوجّه إلى بورتسودان، لكن عند وصولها إلى جسر الدندر فقدت الطفل بسبب تكدّس المارة والسيارات وحالة الهلع التي أصابت الناس مع تجدد الاشتباكات.

استطاع الطفل أن يحتمى بأحد بيوت مدينة الدندر، وأشارت آلاء إلى أنّ عائلتها تمكّنت من العثور عليه بعد خمسة أيّام من الاختفاء حين نشر رجل كان يحتمي بالبيت ذاته بعد فراره من سنار بيانات الصبي عبر فيسبوك، وفي اليوم التالي اصطحبه إلى أن التقى بأهله.

هجوم مباغت

عمر أفروتك، الذي فقد التواصل مع عائلته أثناء مغادرته مدينة سنجة، قال في حديث لوكالة أنباء العالم العربي إنّ هجوم قوّات الدعم السريع كان مفاجئا ولم تكن عائلته مستعدّة له.

أضاف «بدأت الاشتباكات بين الجيش وقوّات الدعم السريع ولم تغادر العائلة منزلها، وبعد السيطرة على المدينة، اقتحموا البيوت وهدّدوا السكّان، ومن بينهم أسرتي، ونهبوا الأموال والحليّ، عندما حاوَلت الأسرة المغادرة، منعتها قوّة من الدعم السريع بحجّة أنّ الاشتباكات مستمرّة».

في صباح اليوم التالي، تمكّنت عائلة أفروتك من مغادرة المنزل والخروج من مدينة سنجة عبر نهر النيل الأزرق، ومنذ ذلك الحين، انقطع التواصل مع عائلته، فأطلق الرجل مناشدات عبر مواقع التواصل الاجتماعي للعثور عليهم دون جدوى في ظلّ انقطاع شبكات الاتصال.

وأوضح عثمان البصري، عضو المجموعة السودانيّة لضحايا الاختفاء القسري، أنّ وعورة الطريق وانقطاع شبكات الاتصال أدّيا إلى فقد الاتصال بين أفراد العائلات، لكنه أكّد أنه لا يُمكن التحقّق من الإخفاء القسري للمفقودين حتّى تستقرّ شبكات الاتصال أو يتمّ العثور على أدلّة تُثبت أنّ المفقودين اختُطفوا أو احتُجزوا.

وقال في حديث لوكالة أنباء العالم العربي إن التحقّق من إخفائهم أو اعتبارهم مفقودين يحتاج مزيدا من الرصد والمتابعة، مشيرا إلى أنّه «كانت هناك حالات مماثلة في مدينة ودّ مدني عندما هاجمتها قوّات الدعم السريع في ديسمبر كانون الأول الماضي، لكنّهم تمكنّوا لاحقا من الاتصال بذويهم في حين بقيت أعداد قليلة في عداد المفقودين حتّى الآن». أضاف «ما زلنا نتحقّق من الحالات التي يتمّ الإبلاغ عنها في وسائل التواصل الاجتماعي، ونتواصل مع الراصدين على الأرض للتأكّد من حالات الإخفاء القسري».

اقرأ المزيد:

البديوي يتحدث عن «أولوية» خليجية في العراق

برنامج حكومة مدبولي أمام البرلمان المصري غدا.. تعرف على موعد منح الثقة

رغم عدم الاستقرار.. هل تطبق السعودية نموذج تايلاند في الرعاية الصحية؟

أهم الأخبار