زيادة الأجور تصالح جيوب موظفي المغرب
بعد أن كانت ترسل لوالدتها ألف درهم شهريا لمساعدتها في مصاريفها اليومية، تعتزم الممرضة سناء بوحو زيادة هذا المبلغ إلى 1500 درهم بعد قرار الحكومة المغربية رفع أجور موظفي القطاع العام. وقالت بوحو (34 عاما)، التي يبلغ راتبها الشهري 6400 درهم، لوكالة أنباء العالم العربي «أنا سعيدة حقا بهذه الزيادة، ستمكنني من تخفيف بعض المصاريف».
تعيش بوحو في مدينة طنجة منذ ما يزيد على خمس سنوات، وتعيل والدتها المقيمة في مكناس، وقالت إن أي زيادة في الأجور مهما كانت بسيطة ستصنع فارقا.
وقررت الحكومة المغربية يوم الخميس الماضي رفع أجور الموظفين الحكوميين في خطوة تهدف إلى تحسين مستوى المعيشة وتعزيز الاقتصاد الوطني، كما تعد جزءا من جهود دعم العاملين في القطاع العام، بحسب وكالة المغرب العربي للأنباء الرسمية. ونقلت الوكالة عن المتحدث باسم الحكومة المغربي مصطفى بايتاس قوله إن عدد الموظفين المستفيدين من الزيادة يبلغ حوالي 1.3 مليون موظف بتكلفة تصل إلى 45 مليار درهم (4.5 مليار دولار) بحلول 2026.
كانت الحكومة المغربية قد أعلنت في أبريل عن اتفاق مع النقابات في ختام حوار اجتماعي يقضي برفع أجور العاملين في القطاع العام بواقع ألف درهم تصرف على مرتين في يوليو ز ويناير القادم. وسيصل بذلك الحد الأدنى لأجور العاملين في القطاع العام إلى 4500 ألف درهم، بحسب المتحدث باسم الحكومة المغربية.
التضخم في المغرب
وذكرت المندوبية السامية للتخطيط في المغرب الشهر الماضي أن معدل التضخم السنوي ارتفع إلى 0.4% في مايو مقابل 0.2% في الشهر السابق، بينما ارتفع معدل التضخم الأساسي، الذي يستثني السلع الأكثر تقلبا، 0.1% لى أساس شهري و2.2% على أساس سنوي.
وقال بدر الزاهر الأزرق، الأستاذ في كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية في جامعة الحسن الثاني بمدينة المحمدية، إن زيادة أجور العاملين في القطاع العام تأتي في سياق ارتفاع التضخم وتراجع القدرة الشرائية للمغاربة منذ العام الماضي. وأبلغ وكالة أنباء العالم العربي «سُجلت ارتفاعات كبيرة في أسعار المنتجات الغذائية والمواد الأساسية والعديد من الخدمات التي فاقت المعدل الذي تحدث عنه بنك المغرب (البنك المركزي)، حتى أن نسبة ارتفاع بعض المواد بلغت 100 في المئة في بعض الأحيان».
وأكد الزاهر الأزرق أن الحد الأدنى للأجور في المغرب، بما يشمل القطاعين العام والخاص، لا يتجاوز 3200 درهم في المتوسط. وأضاف «لدينا 70% من القطاع (الخاص) معظم الأجور فيه تقل عن 300 دولار (شهريا) وفي نفس الوقت على مستوى الشركات هناك عدد كبير من العمال غير مصرح بهم». وتابع قائلا «هذه المنظومة أضيف إليها عبء الرفع التدريجي للدعم على عدد من المواد الأساسية والتي كان من بينها المحروقات والدقيق (الطحين) وكذلك السكر، وبالتالي فالقدرة الشرائية تضررت بشكل كبير»، مشيرا إلى أن في ظل هذه المعطيات كان رفع الأجور أمرا لا مفر منه.
ومع ذلك، لا يعتقد الزاهر الأزرق أن هذه الزيادات يمكن أن تعزز القدرة الشرائية للمغاربة. وقال «هي زيادات مهمة ويمكن القول إنها زيادات غير مسبوقة في تاريخ المغرب، لكن في المقابل حينما نرى تراجع القدرة الشرائية وارتفاع نسب التضخم فحتى هذه الزيادات من الصعب أن ترمم القدرة الشرائية التي تضررت بشكل كبير».
وتتضمن اتفاق الحكومة المغربية مع النقابات في ختام الحوار الاجتماعي في أبريل رفع الحد الأدنى للأجور في الأنشطة غير الزراعية بواقع عشرة في المئة، تطبق على دفعتين أيضا في يناير كانون الثاني 2025 ويناير كانون الثاني 2026. كما اتفق الطرفان أيضا على مراجعة نظام الضريبة على الدخل اعتبارا من أول يناير كانون الثاني المقبل بهدف تحسين دخل الطبقة المتوسطة.
وبالنسبة لمحمد جدري، رئيس مرصد العمل الحكومي المغربي، فإن نتائج الحوار الاجتماعي هي مكملة للاتفاق الاجتماعي الذي أبرم في أبريل 2022، «وتأتي في ظروف اقتصادية صعبة (في ظل) تدهور القدرة الشرائية للمواطنين بشكل كبير، خصوصا أصحاب الدخل المحدود والطبقة المتوسطة».
تعزيز القدرة الشرائية في المغرب
وقال جدري «هذه الزيادة في الأجور هذا الشهر وفي العام المقبل بالإضافة إلى الزيادة بطريقة غير مباشرة عن طريق مراجعة الضريبة عن الدخل التي ستتراوح بين 400 و500 درهم أظن أن من شانها تعزيز القدرة الشرائية للمواطنين خاصة وأنها تمس جميع موظفي القطاع العام بحد أدنى». وأضاف جدري «علينا القيام بعدد من الإصلاحات خلال السنوات القادمة حتى تكون لدينا تنمية حقيقية».
ومع توجيه الجانب الأكبر من الزيادة للعاملين في القطاع العام، يأمل عبد الفتاح أجيلال، الذي يعمل في أحد مراكز الاتصالات المعروفة في المغرب باسم مراكز النداء، أن تلتفت الحكومة المغربية للعاملين في القطاع الخاص. وقال أجيلال (28 عاما) لوكالة أنباء العالم العربي «راتبي لا يمكنني من العيش في رخاء ودائما أضطر للاقتراض من أصدقائي لأكمل مصاريف الشهر».
وأضاف أجيلال، الذي يعيش في طنجة، متحدثا عن رفع أجور العاملين في القطاع العام «هذه بداية التغييرات المهمة، وأكيد القادم أفضل، وعلى الدولة أن تأخذ بعين الاعتبار جميع الموظفين والعاملين دون استثناء».
اقرأ المزيد:
العميري في «جولة بودكاست»: صححنا الصورة المغلوطة عن مصر بعد ثورة يناير