هلع أردني من مواصفات السيارات الصينية
لا تتوقف مقاطع الفيديو لمركبات كهربائية تحترق بالكامل أو تفشل في التوقف بسبب عطل ما عن الانتشار على مواقع التواصل الاجتماعي في الأردن، مما أثار قلق شريحة واسعة من مالكي هذا النوع من المركبات، فضلا عن تردد الراغبين في اقتناء سيارة كهربائية.
الأمر لم يتوقف عند المستهلكين، بل امتد إلى الجهات الحكومية في الأردن والتي أصدرت بعد عدة حوادث مشابهة تعليمات جديدة لاستيراد المركبات الكهربائية، أهمها مطابقة السيارات المستوردة للمواصفات الأوروبية والأميركية، وهو ما أثار جدلا في أوساط المستثمرين بين من اعتبره قرارا «مجحفا» وآخرين يرون أنه خطوة تجاه وقف الفوضى بالسوق، مع تأكيد السلطات على أن تلك المعايير أصبحت ضرورة للحفاظ على السلامة والأمان، وفق وكالة أنباء العالم العربي.
ووفق التعليمات الجديدة الصادرة عن مؤسسة المواصفات والمقاييس الأردنية، لن يسمح بدخول أي مركبة إلى البلاد ما لم تحمل شهادة الموافقة النوعية الأوروبية للمركبة، أو شهادة المطابقة لمواصفات السلامة الأميركيّة، واللتان «توفران آلية لضمان تلبية المركبات لمعايير البيئة والسلامة والأمان المطلوبة».
واعتبر المستثمر حامد عليوا التعليمات الجديدة قرارا «مجحفا وظالما» للمستوردين والتجار.
وقال عليوا إن تعليمات الاستيراد الجديدة لا تمنع الاستيراد من مختلف دول العالم، لكن القرار الجديد يؤثر بالتحديد على السيارات الكهربائية الصينية، وهي تشكل الغالبية العظمى من المركبات الكهربائية في البلاد.
وأضاف أن استيراد السيارات الصينية جاء تماشيا مع قدرة الأردنيين المالية، حيث تمتاز بثمنها البسيط مقارنة مع السيارات الأوروبية والأميركية «التي يبلغ سعرها 3 إلى 4 أضعاف السيارة الصينية».
وتابع عليوا أنه وغيره من المستثمرين في قطاع السيارات دفعوا أموالا طائلة لتجهيز بنية تحتية من مستودعات قطع غيار ومعارض ومحطات شحن «لكن هذه التعليمات ستمنعنا بعد اليوم من استيراد سيارات جديدة من أوروبا أو أميركا، والاعتماد على استيراد سيارات مستعملة مرتفعة الثمن أيضا»، معتبرا أن القرار يصب في صالح وكلاء السيارات ذات المواصفات الأوروبية والأميركية «الذين سيصبح بمقدورهم وحدهم استيراد سيارات جديدة بالكامل من الشركات المصنعة».
لكن محمد سردي، وهو مدير إحدى وكالات السيارات الأوروبية، رأى أن التعليمات الجديدة خطوة مهمة تجاه ضبط ما وصفها بحالة الفوضى في سوق استيراد السيارات، وتمنع المستوردين والتجار من التلاعب بثمن المركبة، أو التغطية على رداءة مواصفاتها.
وأوضح سردي قائلا إن كثيرا من المستثمرين يقومون باستيراد مركبات لم تخضع للتجارب العملية الخاصة بالأمن والسلامة، كما أن الكثير من الشركات الصينية تنتج مركبات بعلامات تجارية أوروبية وأميركية لا تتضمن مواصفات الشركة الأم، مضيفا أن «العديد من الشركات الأوروبية أصدرت بيانات تنفي علاقتها بالمركبات المستوردة من الصين وتحمل علامتها التجارية».
كانت الحكومة الأردنية قد قررت في منتصف العام 2023 إخضاع السيارات الجديدة بكافة أنواعها (بنزين، هجين، كهرباء) بضمان إلزامي عند بيعها من قبل التجار وأصحاب المعارض من غير الوكلاء، وكان ضمان السيارات الكهربائية يشمل كفالة خطية لمدة 3 سنوات أو 50 ألف كيلومتر أيهما أقرب.
الكيل بمكيالين
ويقول ممثل قطاع المركبات في هيئة مستثمري المناطق الحرة الأردنية، جهاد أبو ناصر، إن عدد المركبات الكهربائية بالكامل تجاوز 110 آلاف مركبة، جميعها يمتلك مواصفات أمان وسلامة عامة تماثل أو تتفوق على المواصفات الأوروبية والأميركية «على عكس ما تقوله وزارة الصناعة والتجارة، ومؤسسة المواصفات والمقاييس».
وأكد أبو ناصر لوكالة أنباء العالم العربي أنه منذ بدء انتشار السيارات الكهربائية بشكل متصاعد في المملكة في عام 2016 وحتى اليوم، لم تقع سوى سبع حوادث لفتت الانتباه، منها ثلاث حوادث احتراق كانت ناجمة عن تصادم وليس خلل فني وأربع حوادث "عدم سيطرة" مضيفا أن التحقيقات الفنية أثبتت أنها ناجمة عن خطأ بشري وليس فني، بحسب وصفه.
واعتبر أبو ناصر أن القرار الحكومي الجديد «يكيل بمكيالين» فيما يخص القطاع، ففي الوقت الذي تمنع فيه الحكومة استيراد المركبات الكهربائية ذات المنشأ الصيني، فإنها تسمح باستيراد المركبات الصينية العاملة على البنزين أو التي تعمل بالوقود والكهرباء معا، موضحا أن درجة خطورة سيارات البنزين الصينية أشد من السيارات الكهربائية.
وأضاف أن غالبية المستثمرين في المركبات الكهربائية سيتوقف عملهم بعد التعليمات الجديدة، وسيصبحون أمام خيارين لا ثالث لهما: إما إغلاق الاستثمار أو التحول لاستيراد صنف آخر من السيارات «وهذا سيكبدهم خسائر مالية ضخمة»، بحسب قوله.
حماية المستهلك
من جانبه، قال الناطق باسم مؤسسة المواصفات والمقاييس، سالم الجبور، إن الشهادات المطلوبة وفق التعليمات الجديدة لم تكن معتمدة في السابق، إلا أنها أصبحت ضرورة اليوم للحفاظ على سلامة وأمان الاستخدام لهذا النوع من جهة، وحماية حقوق المستهلكين من جهة أخرى، خاصة في ظل تزايد إقبال الأردنيين على اقتناء المركبات الكهربائية.
وأضاف الجبور لوكالة أنباء العالم العربي أن المركبات الكهربائية التي يملكها المواطنون، أو المركبات المتواجدة في المنطقة الحرة أو السوق المحلي، لن تتأثر بالقرار وفق التعليمات، مشيرا أيضا إلى استثناء السيارات المتعاقد عليها من قبل المستوردين ولم تصل المملكة بعد.
وأكد الجبور أن إصدار تعليمات استيراد المركبات الكهربائية ليس له علاقة مباشرة بالحوادث التي وقعت مؤخرا لهذا النوع من المركبات، بل جاء لمنع دخول أي مركبات مجهولة المصدر والمواصفات، أو غير آمنة على الإنسان والبيئة.
وذكر أنه تم اعتماد المواصفات الأوروبية والأميركية للسيارات الكهربائية لأن غالبية دول العالم تعتمدها «وهي مواصفات تتماشى مع قلة إمكانياتنا فيما يتعلق بفحص جميع السيارات الكهربائية التي تدخل الأردن».
وتفرض الحكومة الأردنية ضريبة مخفضة على السيارات العاملة بالكهرباء بالكامل تتراوح بين 10 و15 بالمئة بناء على قوة البطارية، بينما تصل الضريبة على السيارات التقليدية العاملة بالوقود إلى 68 في المئة.
وفي منتصف عام 2019 فرضت الحكومة ضريبة ثابتة على المشتقات النفطية بلغت نحو 7 دنانير ونصف من ثمن صفيحة (البنزين 90) (الصفيحة = 20 لترا)، وهو الأكثر استخداما في المملكة، من أصل ثمنها البالغ حاليا 20 دينارا.
اقرأ المزيد
جمال مهاجم إسبانيا: التتويج ببطولة أوروبا أفضل هدية عيد ميلاد