مصير غامض لمبادرة «نور» في الفاشر السودانية
وسط موجات نزوح متتالية للسكان جراء الاشتباكات اليومية العنيفة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، أطلقت حركة تحرير السودان بقيادة عبد الواحد محمد نور في مطلع الشهر الحالي مبادرة دعت فيها الطرفين المتحاربين إلى الخروج من المدينة وما حولها لحماية ما تبقى من السكان والبنية التحية.
استقبلت الفاشر معظم سكان مدن نيالا والجنينة وزالنجي والضعين في أقاليم جنوب وغرب ووسط وشرق دارفور في غرب السودان مع اندلاع الاشتباكات بين الجيش وقوات الدعم السريع.
ومع تصاعد حدة القتال بين الطرفين في الفاشر، بدأ السكان والنازحون في رحلة نزوح جديدة، وتوجه أغلبهم إلى المناطق التي تسيطر عليها حركة تحرير السودان في ولاية وسط دارفور.
وذكرت السلطة المدنية التابعة لحركة تحرير السودان في بيان امس الاثنين أن «تدفق النازحين الفارين من ويلات الحرب في الفاشر يتواصل بكميات كبيرة إلى دائرة طويلة بولاية وسط دارفور، وهم يفتقدون أبسط مقومات الحياة في ظل عدم وجود مساعدات إنسانية.. .ويعيشون في ظروف قاهرة».
وقال المتحدث باسم حركة تحرير السودان محمد الناير لوكالة أنباء العالم العربي إن الحركة وضعت الخطوط والإطار العام للمبادرة وطرحتها للآخرين ليقولوا رأيهم وملاحظتهم، مشيرا إلى أن المبادرة ما زالت في طور النقاش ولم تتبلور حولها رؤية واضحة.
وجاء في بيان للحركة باسم زعيمها نور أن «المبادرة جاءت من واقع مسؤوليتها الوطنية والإنسانية لمعالجة الوضع الإنساني. مدينة الفاشر تقع في تخوم مناطق سيطرتها التي فر إليها الآلاف من المواطنين دون استطاعتها توفير الدواء والغذاء باعتبارها فوق طاقتها».
ودعت الحركة إلى تحويل الفاشر إلى منطقة منزوعة السلاح ومركز لإدارة الشؤون الإنسانية والإغاثية في دارفور وكردفان ومناطق النيل الأبيض.
وأضاف الناير «من خلال النقاشات والعصف الذهني ستتبلور رؤية معبرة عن جميع المؤيدين للمبادرة، ومن ثم يتم إعلانها للجهات المعنية داخليا وخارجيا».
أعداد النازحين من الفاشر
وأوضح المتحدث قائلا إن عدد الذين نزحوا من الفاشر بعد اندلاع الحرب إلى مناطق سيطرة الحركة في جبل مرة بوسط دارفور وصل إلى ستة آلاف، بخلاف الذين نزحوا من ولايات ومناطق دارفور الأخرى وبقية أنحاء السودان.
واندلعت الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل نيسان من العام الماضي بسبب خلاف حول خطط لدمج الدعم السريع في القوات المسلحة خلال فترة انتقالية كان من المفترض أن تنتهي بإجراء انتخابات للانتقال إلى حكم مدني، وبدأ الصراع في الخرطوم وامتد سريعا إلى مناطق أخرى.
وتسبب الصراع في أكبر أزمة نزوح في العالم، كما تجدد العنف في إقليم دارفور المضطرب.
وتفرض قوات الدعم السريع حصارا محكما على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور منذ أسابيع في محاولة للسيطرة عليها بعد أن أحكمت قبضتها على أربع من أصل خمس ولايات في الإقليم، وسط تحذيرات دولية وإقليمية من اجتياح المدينة التي تؤوي ملايين النازحين الذين فروا من مدن الإقليم المضطرب جراء الصراع.
وما زال الجيش والحركات المسلحة المتحالفة معه يحتفظون بمقراتهم في الفاشر.
وفي الشهر الماضي، دعت منظمة هيومن رايتس ووتش الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي إلى العمل على سرعة نشر بعثة لحماية المدنيين في السودان. وقالت المنظمة المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان على منصة «إكس» إن الأطراف المتحاربة في السودان «قتلت مئات المدنيين وسط هجمات في مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور، وأجبرت عشرات الآلاف على الفرار».
ردود فعل متباينة
قوبلت مبادرة حركة تحرير السودان بردود فعل متباينة، ففي الوقت الذي انتقدتها القوة المشتركة المؤلفة من الحركات المسلحة المتحالفة مع الجيش، رحبت بها قوات الدعم السريع.
وقال المتحدث باسم القوة المشتركة أحمد حسين مصطفى لوكالة أنباء العالم العربي إن المبادرة «وهمية» وبعيدة عن الواقع، مضيفا أنها محاولة «للمتاجرة بالقضايا الإنسانية».
وأضاف «الآن نحن في القوة المشتركة جهودنا كلها تتجه إلى القضاء على مليشيات الجنجويد (قوات الدعم السريع) ولا نلتفت لمثل هذه الشطحات».
وأكد المتحدث أن القوة المشتركة والجيش السوداني «لم ولن يقبلوا بمثل هذه المبادرات، وإذا كان هنالك أي حديث يجب أن يوجه إلى قوات الدعم السريع التي تقصف المدنيين بالمدفعية الثقيلة من خارج المدينة».
وتابع قائلا «تركيزنا كله ينصب في اتجاه دحر المليشيا في دارفور وكل أنحاء السودان».
من جانبه، قال مستشار قائد قوات الدعم السريع أيوب نهار إن الدعم السريع يرحب بأي مبادرة تهدف إلى حماية المدنيين وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية وتخفيف حدة الصراع في الفاشر.
وأضاف «نحن من قبل التزمنا باتفاق هدنة مع الحركات المسلحة عندما كانت في الحياد لمدة عام كامل على أن تدير هي العملية الأمنية وتحفظ الأمن في الفاشر».
وذكر في مقابلة مع وكالة أنباء العالم العربي أن بعد ذلك كانت هناك مباحثات تهدف إلى إخلاء الفاشر من قوات الجيش «وهذا كان مطلبنا الأساسي، على أن تتولى القوة المشتركة مسؤولية الإدارة المدنية، ونحن في قوات الدعم السريع التزمنا بمواقعنا السابقة على أطراف المدينة».
وأردف بالقول «الآن أيضا إذا التزم الجيش والقوة المشتركة بالخروج من الفاشر ليس لدينا مانع وسنوافق على المبادرة.. .وبالتالي يتم نزع فتيل الأزمة».
وعلى الرغم من استبعاده موافقة الجيش السوداني على المبادرة، طالب نهار بأن تتولى الحركات المسلحة التي ما زالت تلتزم الحياد في الصراع إدارة الفاشر. ويشير المتحدث إلى حركة جيش تحرير السودان-المجلس الانتقالي وتجمع قوى تحرير السودان والتحالف الفدرالي وحركة العدل والمساواة، بالإضافة إلى حركة تحرير السودان صاحبة المبادرة.
ومضى يقول «هذه الحركات ظلت ملتزمة بالحياد ولا بد أن يكون لها دور في عملية تأمين مدينة الفاشر وحماية المدنيين وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية».
وأضاف «لم نبدأ الحرب في مدينة الفاشر، وقد بدأتها الحركات المسلحة بقيادة مني أركو مناوي وجبريل إبراهيم وهاجمت قواتنا في أماكن وجودها في جنوب وشرق الفاشر».
اقرأ المزيد
تيك توكر تونسية تتعرض للسخرية بعد حديثها عن يوم عاشوراءتباين البورصات الخليجية.. والسعودية تستعيد مستوى 12 ألف نقطة